الغرب يعلن الحرب الدبلوماسية على روسيا... والآتي أعظم

الغرب يعلن الحرب الدبلوماسية على روسيا... والآتي أعظم

27 مارس 2018
موقع تسميم سكريبال في سالزبري البريطانية (كريس راتكليف/Getty)
+ الخط -
احتدم الصراع بين الغرب الأوروبي والأميركي من جهة، وروسيا من جهة أخرى، مع تضامن 21 دولة غربية مع بريطانيا في قضية تسميم العميل الروسي المزدوج سيرغي سكريبال وابنته يوليا، في 4 مارس/ آذار الحالي، في سالزبري البريطانية. تضامنٌ تحوّل إلى ما يشبه الحرب الدبلوماسية التي أعلنها الغرب، بدأت بطرد جماعي للدبلوماسيين الروس، وطاولت حتى مساء أمس الإثنين، أكثر من 100 دبلوماسي وضابط عسكري روسي. وتوعّدت موسكو بـ"الردّ بالمثل"، في أكبر أزمة دبلوماسية بين الغرب وروسيا منذ انهيار الاتحاد السوفييتي (1991). وكانت دول الحزام السوفييتي السابق في أوروبا، سبّاقة في طرد دبلوماسيين روس، وهو ما قد يكون الأهم في أحداث يوم أمس، إذ تعتبر روسيا أن هذه الدول السوفييتية السابقة، أو المنضوية سابقاً في محور وارسو، جزء من أمنها القومي، ولم يسبق لها أن اتخذت خطوة ضد موسكو بشكل جماعي مثلما حصل يوم أمس. أما بريطانيا، فأشادت بالخطوة الغربية، ووصفتها بـ"الأمر الرائع". وبدا أن الطلاق الأوروبي، أو البريكست، لم يؤثر على التضامن الأوروبي، وإن كانت دول الغرب عموماً تنتظر فرصة للانتفاض ضد روسيا على خلفية ما يسميه الغرب الأوروبي خصوصاً استفزازات وأعمالاً عدوانية روسية مستمرة منذ وصول فلاديمير بوتين إلى السلطة قبل 18 عاماً.

وبدأ مسلسل الطرد، أمس، من الولايات المتحدة، مع إعلان الإدارة الأميركية عن طرد 60 دبلوماسياً روسياً، فضلاً عن الأمر بإغلاق القنصلية الروسية في سياتل أبوابها. وذكر مسؤولون بارزون في الإدارة الأميركية أن "الدبلوماسيين الستين كانوا جواسيس يعملون في الولايات المتحدة تحت غطاء دبلوماسي، منهم 12 دبلوماسياً في بعثة روسيا لدى الأمم المتحدة". وأضاف المسؤولون أن "الإدارة تتخذ التحرك لتوجيه رسالة إلى قادة روسيا حول العدد الكبير إلى حد غير مقبول للعملاء الاستخباراتيين الروس في الولايات المتحدة. وستكون أمام الروس المطرودين سبعة أيام لمغادرة الولايات المتحدة". وأضاف المسؤولون أن "قنصلية سياتل كانت مصدراً لقلق مكافحة الاستخبارات بسبب قربها من قاعدة بحرية أميركية".

أما الإعلام الروسي فنقل عن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، أن "روسيا سترد بالمثل في حالة قيام الولايات المتحدة بطرد دبلوماسيين روس بسبب تسميم العميل الروسي المزدوج سيرغي سكريبال في بريطانيا". وقال بيسكوف في مؤتمر عبر الهاتف مع الصحافيين، إن "موسكو لم يصل لعلمها سوى تقارير في وسائل الإعلام حول احتمالات الطرد، ولن ترد إلا إذا تلقت إفادات رسمية من واشنطن". وأضاف أنه "في مثل هذه الحالة، سيكون رد موسكو قائماً على مبدأ المعاملة بالمثل".

كما نقل الإعلام الروسي عن السفير الروسي لدى واشنطن أناتولي أنتونوف، قوله إن "قرار الولايات المتحدة طرد دبلوماسيين روس أمر جائر ويدمّر ما تبقى من العلاقات الأميركية الروسية". وتعقيباً على الرد الروسي المحتمل، قال أنتونوف إن "ردّ موسكو سيكون متناسباً وأن الولايات المتحدة لا تفهم سوى لغة القوة".

وأعربت وزارة الخارجية الروسية عن غضب عارم إزاء طرد الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي لدبلوماسييها تضامناً مع بريطانيا، وقالت إن "موسكو سوف ترد"، مؤكدة أن "الاتهامات البريطانية لا أساس لها، وأن حلفاء بريطانيا يتبعون مبدأ التضامن الأوروبي - الأطلسي على غير بصيرة، في انتهاك للمنطق والعرف والحوار الدولي المتحضر والقانون الدولي". وأوضح البيان أن "روسيا سوف ترد على التحرك العدائي"، من دون توضيح لما ستكون عليه طبيعة الرد.

في أوروبا، دشّن رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، الشقّ الأوروبي من عملية الطرد، بإعلانه أن "14 دولة في الاتحاد الأوروبي قررت طرد دبلوماسيين روس، وذلك بعد أن أيد التكتل الأسبوع الماضي موقف بريطانيا في إلقاء اللوم على موسكو في تسميم جاسوس روسي سابق". وقال توسك في مؤتمر صحافي في مدينة فارنا البلغارية المطلة على البحر الأسود: "قررت 14 دولة عضو بالفعل طرد دبلوماسيين روس، وأن اتخاذ إجراءات أخرى ومن بينها المزيد من العقوبات، أمر غير مستبعد في الأيام والأسابيع المقبلة".



في وارسو، أعلن وزير الخارجية البولندي جاسيك تشابوتوفيتش، أن "بولندا طردت أربعة دبلوماسيين روس"، مضيفاً في مؤتمر صحافي أن "الدبلوماسيين يتعيّن عليهم مغادرة البلاد في موعد أقصاه الثالث من إبريل/ نيسان المقبل". وقال "إبداء التضامن مع بريطانيا وغيرها من الدول هو أهم شيء. هناك كلفة دبلوماسية لذلك، لكنها تستحق".

في برلين، طردت ألمانيا أربعة دبلوماسيين روس كما أعلنت وزارة الخارجية. وذكرت الوزارة أن "الحكومة الألمانية طلبت من أربعة دبلوماسيين روس مغادرة جمهورية ألمانيا الاتحادية خلال مهلة سبعة أيام"، موضحة أن "القرار اتُخذ بالتشاور مع الاتحاد الأوروبي والحلفاء في حلف شمال الأطلسي". واعتبر وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، في بيان، أن "هجوم سالزبري أحدث صدمة في الاتحاد الأوروبي. للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945) يتم استخدام سلاح كيميائي في أوروبا". وأضاف أنه "من الواضح أن مثل هذا الهجوم لا يمكن أن يبقى من دون عواقب". وقال إن "برلين مثل شركائها الأوروبيين تأخذ على موسكو عدم مساهمتها في توضيح ملابسات التسميم الذي حصل في سالزبري، ومسؤولية روسيا في هذه القضية مرجّحة جداً".

في باريس، أعلنت فرنسا طرد أربعة دبلوماسيين روس. وقال وزير الخارجية جان إيف لودريان، إنه "أبلغنا السلطات الروسية قرارنا طرد أربعة موظفين روس لديهم وضع دبلوماسي من الأراضي الفرنسية في مهلة أسبوع".

بدورها، أعلنت أوكرانيا ولاتفيا وليتوانيا وجمهورية التشيك وإستونيا وهولندا والدنمارك طرد دبلوماسيين روس. وذكر الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو، أن "كييف قررت طرد 13 دبلوماسياً، وأن القرار اتُخذ تضامناً مع شركائنا البريطانيين والحلفاء عبر الأطلسي وبالتنسيق مع دول الاتحاد الأوروبي". كما ذكرت وزارة الخارجية في لاتفيا أنها "طردت دبلوماسياً روسياً"، وكذلك طردت ليتوانيا ثلاثة دبلوماسيين روس، فضلاً عن إعلانها أنها "ستمنع أيضاً 44 شخصاً آخرين من دخول أراضيها". وقال وزير خارجية إستونيا سفين ميكسر، في مؤتمر صحافي، إنه "استدعينا السفير الروسي وأعطيناه مذكرة تفيد بضرورة رحيل الملحق العسكري بالسفارة من البلاد". وأضاف أن "أفعاله لا تتماشى مع معاهدة فيينا". وقال رئيس وزراء جمهورية التشيك، أندريه بابيش، إن "بلاده قررت طرد ثلاثة دبلوماسيين روس بعدما عبّر الاتحاد الأوروبي عن دعمه لبريطانيا". كما قال رئيس الوزراء الهولندي مارك روته، إن "هولندا ستطرد اثنين من الدبلوماسيين الروس بسبب هجوم غاز الأعصاب الذي وقع في سالزبري، وسيكون على الدبلوماسيين، اللذين يعملان ضابطي استخبارات في السفارة الروسية في لاهاي، مغادرة الدولة خلال أسبوعين". أما وزير الخارجية أندرز سامويلسن، فقال للصحافيين إن "التفسيرات الروسية للحادث تخيلية وعدد منها متناقض وهي على الأرجح ستارة دخان لبث الشكوك". كما طردت السويد دبلوماسياً روسياً، كما طردت كندا 4 دبلوماسيين روس أيضاً.

وانضمت أستراليا إلى الولايات المتحدة وحلفاء آخرين لبريطانيا، وقررت طرد دبلوماسيَين روسيَن اثنين، يوم الثلاثاء، وقال رئيس الوزراء الاسترالي، مالكولم تورنبول، إن الأمر يتعلق بـ"عنصرَي استخبارات غير مصرح بهما" موضحاً أن أمامهما سبعة أيام للمغادرة. وأضاف "هذا القرار يعكس الطبيعة الصادمة للهجوم، وهو أول استخدام للأسلحة الكيميائية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، يتضمن مادة قاتلة للغاية في منطقة مأهولة بالسكان، ما يهدد عددًا لا يحصى من أفراد المجتمع الآخرين".

(رويترز، أسوشييتد برس، فرانس برس)

المساهمون