تونس: تجاذبات سياسية في ذكرى الاستقلال

لم تمر الذكرى الـ62 لعيد الاستقلال، التي تحييها تونس اليوم 20 مارس/ آذار، من دون التجاذبات السياسية، والنقاشات حول وثيقة الاستقلال الذي حصلت عليه تونس في عام 1956، ودور الزعيم الحبيب بورقيبة في نيله. وانقسمت الآراء، واحتد النقاش أحياناً، في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة التونسية، بين مدافعين عن الزعيم الراحل ومنتقدين للاتفاقيات التي سمحت لفرنسا باستغلال الثروات الباطنية التونسية.

ولكن على الرغم من ذلك، يُجمع أغلب السياسيين والتونسيين على أن تاريخ 20 مارس/ آذار يظل تاريخاً مهماً، وهو اليوم الذي غادر فيه المستعمر الفرنسي الأراضي التونسية، لتنطلق عملية بناء الدولة الوطنية الحديثة.

واعتبر النائب عن "حركة النهضة"، نجيب مراد، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الاحتفال اليوم منقوص، لأن الاحتفال الحقيقي يكون باستقلال القرار الوطني والسيادة الوطنية، وعدم الارتهان للخارج"، لافتاً إلى أن تاريخ 20 مارس/ آذار "مهم"، ولكن هناك تاريخاً مهماً آخر أيضاً، مثّل منعطفاً في تونس، وهو تاريخ 14 يناير/ كانون الثاني 2011.

وأوضح مراد أن الجديد في الذكرى الحالية لعيد الاستقلال هو الوثائق التي كشفتها "هيئة الحقيقة والكرامة"، المتعلقة باستغلال الثروات الباطنية باتفاقيات قديمة مع فرنسا تمّ إبرامها قبيل الاستقلال، ومع ذلك لم تتم مراجعتها، مذكراً بأن تونس دولة ذات سيادة، وعليها أن تحافظ على قرارها السيادي، مشدداً على وجوب مراجعة تلك الاتفاقيات المجحفة بحق الشعب التونسي.

من جهته، أكد التونسي السبعيني، عبد العزيز المحجوب، على "رمزية" هذا اليوم، فالاحتفال به وسط شارع الحبيب بورقيبة "له وقع خاص" عليه، خاصة في ظلّ مناخ الحرية والأمن السائد، قائلاً إنه عايش مرحلة الاستقلال، ويشعر بأنه ولد من جديد.

ودعا المحجوب التونسيين إلى الابتعاد عن التجاذبات السياسية والانتماءات الحزبية، لكي تعود تونس كما عرفها في الماضي، لافتاً إلى أن ما يجمع الشعب التونسي هو "العلم" الذي من دونه "لا يمكن الحديث عن انتماء وهوية"، مردداً "تحيا تونس، تحيا تونس".

بدوره، أكد محمد علي الدريدي (60 عاماً) أن ذكرى عيد الاستقلال تبقى مهمة ومفصلية في تاريخ تونس، مشيراً إلى أن البعض لا يريد الاحتفال بعيد الاستقلال، ولا يدرك أهمية هذا التاريخ، ومعتبراً أنه "رغم الضبابية في المشهد السياسي والتجاذبات السياسية، فإن الاحتفال ضروري، وسيبقى حاضراً".

وتجمع عدد من التونسيين قبالة المسرح البلدي، حيث بدأ الدريدي بانتقاد الحبيب بورقيبة، معتبراً أن الاستقلال كان منقوصاً، وأن الزعيم التونسي الراحل "لو استمع لصالح بن يوسف ولمعارضيه، لكان الاستقلال تاماً"، مشيراً إلى أن الاتفاقيات التي أبرمتها تونس سمحت بنهب الثروات الباطنية، وبارتهان الشعب التونسي.

وأشارت مواطنة تدعى ناجية إلى أن تونس كانت مضطهدة ومستعمرة من قبل فرنسا، والاستقلال مثّل منعطفاً مهماً في تاريخ تونس، مشددة على ضرورة الاطلاع على التاريخ وماضي تونس، فعيد الاستقلال يذكرها "بما مرّ به الشعب التونسي من فترات عصيبة".

من جهتها، اختارت السيدة خديجة الورتاني ارتداء العلم التونسي، لأنه "أفضل ما يمكن ارتداؤه في مثل هذا اليوم"، معربةً عن شعورها بـ"الفخر وبالسعادة"، وبأنها تونسية، مبينة أن هناك من استشهدوا في سبيل استقلال تونس.

وروت خديجة أنها "كانت في الثامنة من عمرها، حين حصلت بلادها على الاستقلال، وكان الشعب حينها فخوراً بالزعيم الحبيب بورقيبة، الذي قاد البلاد إلى الاستقلال".