تونس: جدل بسبب تمديد هيئة الحقيقة والكرامة أعمالها لعام

تونس: جدل بسبب تمديد هيئة الحقيقة والكرامة أعمالها لعام

28 فبراير 2018
+ الخط -

أثار إعلان هيئة الحقيقة والكرامة التونسية، أمس الثلاثاء، تمديد أعمالها لعام إضافي الكثير من الجدل، ما ينذر بوقوع أزمة مع البرلمان الذي انتخب مجلسها منذ أربع سنوات.

وينتهي خلال مايو/أيار المقبل، بحسب قانون العدالة الانتقالية، عمر هيئة الحقيقة والكرامة (أربع سنوات)، غير أن القانون خولها إمكانية التمديد لسنة أخرى، في ظل نقاش بشأن الجهة التي تملك صلاحية التمديد، الهيئة أم البرلمان.

وفوجئ برلمانيون، أمس، بقرار مجلس الهيئة عدم الرجوع إلى المجلس الذي انتخبها ومنحها الثقة للتصويت على قرار التمديد من عدمه. 

وأقر مجلس هيئة الحقيقة والكرامة، في بيان رسمي، "التمديد في مدة عمل الهيئة بسنة إضافية، بحسب ما يخوّله لها البند 18 من القانون الأساسي للعدالة الانتقالية، على أن تنهي الهيئة أعمالها يوم 31 ديسمبر/كانون الأول 2018، وفق روزنامة محدّدة في الغرض".

وأكدت الهيئة أن قرارها يأتي إثر معاينتها استحالة استكمال مهامها في نهاية شهر مايو/ أيار 2018، وفق ما تمّ تفصيله في التّقرير السّنوي لسنة 2016، وذلك لأسباب عديدة، من بينها "امتناع جزء كبير من مؤسسات الدولة عن تطبيق أحكام الدستور وقانون العدالة الانتقالية، ولا سيما المتعلّقة بالنّفاذ إلى الأرشيف العمومي والخاصّ، وخاصّة منه أرشيف البوليس السّياسي". 

وأضافت في البلاغ أن "هذا التصرف حال دون تمكين الهيئة من الإطلاع على القضايا المنشورة أمام الهيئات القضائية (القطب القضائي المالي والمحكمة العسكرية)، ممّا عطّل استكمال أعمال التقصّي لكشف الحقيقة، فضلا عن امتناع بعض المؤسسات عن تطبيق مقتضيات القانون المتعلّق بإصدار الأمر الخاص بصندوق الكرامة لجبر الضرر ورد الاعتبار لضحايا الاستبداد".

وأفادت الهيئة بأن السبب الثاني يتمثل في "تعطيل آلية التحكيم والمصالحة، بسبب التعاطي السّلبي للمكلّف العام بنزاعات الدّولة، والمماطلة في إبرام إتفاقيات التّحكيم والمصالحة". أما السبب الثالث الذي حال دون إستكمال الهيئة لمهامها فيتجلى في "تضاعف عدد الملفات المودعة لديها إلى تاريخ يونيو/ حزيران 2016، والذي تجاوز بكثير التوقّعات الواردة بالمخطّط الاستراتيجي، من حوالي 30 ألفا إلى ما يزيد عن 63 ألف ملفّ"، بحسب نفس المصدر.

وأعلن مجلس الهيئة أنه راسل مجلس النوّاب قصد حثّ مؤسّسات الدّولة على تسهيل أعمالها وتذليل الصّعوبات، حيث طالبت البرلمان بـ"إحداث لجنة برلمانية خاصة للغرض تستعين بالجمعيات ذات الصلة من أجل تفعيل توصيات ومقترحات الهيئة".

وعلق مساعد رئيس البرلمان التونسي المكلف بالعلاقات مع الحكومة ومع رئاسة الجمهورية، حسونة الناصفي، بأن قرار هيئة الحقيقة والكرامة "حلقة جديدة من مسلسل الخروقات القانونية"، وانتقد بشدة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، تجاوز رئيسة الهيئة للقانون وللدستور ولجميع السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية، مشيرا إلى أنها "تعتبر نفسها فوق الرقابة وأعلى من القضاء وفوق القانون وممثلة العدالة الانتقالية في البلاد".

وبين الناصفي أن التمديد لا يتم إقراره إلا من طرف مجلس النواب الذي يمثل السلطة الأصلية التي انتخبت هذه الهيئة.

ورفض البرلمان، في آخر اجتماعات مكتبه، إقرار التعيينات في المناصب الشاغرة داخل هيئة الحقيقة والكرامة بتصويت أغلبية أعضاء من حزب "نداء تونس" و"مشروع تونس" و"الوطني الحر"، وبمساندة كتلة "آفاق تونس" و"الكتلة الوطنية"، بسبب رفض الهيئة قرارا قضائيا، وعلى اعتبار أن التعيينات إقرار ضمني بتمديد عمرها.

في المقابل، تمسك نواب حزب "النهضة" في المكتب و"الجبهة الشعبية" بدعم مقترح ملء الشغور الحاصل داخل الهيئة منذ أكثر من سنتين، بعدما فقدت 6 أعضاء من أصل 15، بعد استقالة 3 وإعفاء 3 آخرين، مشددين على أنه ليس من حق المجلس رفض ذلك، مما تسبب في أزمة سياسية وبرلمانية بين مساندي رئيسة الهيئة، سهام بن سدرين، ومعارضيها. 

وتعد هيئة الحقيقة والكرامة نقطة خلافية كبرى بين حزبي "نداء تونس" و"النهضة" من شأنها أن تقوض ما بقي من توافق برلماني آخذ في التقهقر بسبب الانتخابات البلدية.

ويرجح أن يعرف شهر مايو/أيار المقبل، أزمة سياسية بين الأحزاب البرلمانية المتنافسة على الانتخابات والمختلفة على التمديد في عمر الهيئة.