تونس المتشائمة

تونس المتشائمة

18 مارس 2018
يسأل التونسي فعلاً عن معنى الاستقلال (ياسين القائدي/الأناضول)
+ الخط -
تحتفل تونس غداً الثلاثاء بعيد استقلالها أو بيومها الوطني، بعد أن غادرها المستعمر الفرنسي في 20 مارس/آذار من سنة 1956، غير أن احتفال هذا العام متسم بالضبابية وعدم وضوح الرؤيا، وبنسبة مرتفعة جداً من التشاؤم.

وقد أظهر الباروميتر السياسي لشهر مارس/آذار 2018 الذي تنجزه مؤسسة "سيغما كونساي" بالتعاون مع جريدة "المغرب" أن "نسبة التشاؤم تستقر في مستوى مرتفع للغاية، مع اعتبار 79.9 في المائة من التونسيين أن البلاد تسير في الطريق الخطأ، و63.8 في المائة، أن الوضع المالي للأسرة ساء مقارنة بالسنة الماضية". وهو ما عكس بوضوح أوضاع التونسيين الاقتصادية والاجتماعية المتدنية وعدم قدرتهم على رؤية ضوء الشمس في آخر النفق. وهي نتيجة طبيعية لسلسلة الأرقام الكارثية التي ما فتئت مؤسسات الداخل والخارج المتخصصة تعكس من خلالها توجّهات الرأي العام طيلة الأيام الماضية.

ولكن الرقم المزعج حقيقة هو أن 58.4 في المائة من التونسيين يعتبرون أن "وضع الجيل المقبل سيكون أسوأ". وهو ما عكس خوفاً من المستقبل وضبابية بخصوص المستقبل، بمعنى أن العائلة باتت تخشى على مصير أبنائها. وهو ما قد يقودها بالضرورة إلى التفكير في حمايتها بأي شكل ممكن وتحت أي عنوان سياسي أو اجتماعي.

وعلى الرغم من أن هذه الأرقام متاحة للجميع، وتحديداً السياسيين، إلا أن أحداً منهم لم ينتبه، ولم ينزعج، ولم يخرج لإطلاق صيحة الخوف وتنبيه الجميع من خطورتها، ولم يجتمع أصحاب وثيقة قرطاج لبحث القضية ولا أثار البرلمان نوابه لجلسة خاصة، قد تنعقد أحياناً لأسباب أتفه بكثير. بل على العكس من ذلك استمر التراشق بالتصريحات على نسقه المعتاد، وتمترس كلّ وراء مصالحه واستمر الجميع في نفس القضية والإشكالية: حكومة جديدة ومحاولة تشكيل مشهد جديد وإرباك وضع لا ينقصه الإرباك أصلاً، مع إثارة مخاوف أيديولوجية مستعادة قبل الانتخابات، إن تمّت في موعدها، يتدخل فيها الداخل كما الخارج وبوضوح أيضاً، حتى أصبح من حق التونسي أن يسأل فعلاً عن معنى الاستقلال.