قراءات روسية في مؤتمر سوتشي السوري: نتائج متوقعة

قراءات روسية في مؤتمر سوتشي السوري: نتائج متوقعة

01 فبراير 2018
تأكيد على أن سوتشي ليس بديلا لجنيف(Getty)
+ الخط -
تناولت صحيفة "إر بي كا" الروسية، نتائج مؤتمر "سوتشي" السوري، الذي اختتم مساء الثلاثاء، معتبرةً أن مؤتمر الحوار الوطني السوري عجز عن تقديم إطار مفاوضات مرضٍ لأغلبية مجموعات المعارضة، غير أنها أشارت في المقابل، إلى أن المؤتمر يمكن اعتباره ناجحاً في سياق السياسة الداخلية الروسية فقط.

وشددت الصحيفة الروسية، في مقال للخبير بالمركز الروسي للشؤون الدولية، كيريل سيميونوف، تحت عنوان "الحرب والنصاب القانوني: لماذا لم يتم في سوتشي الاتفاق على السلام في سورية؟"، نشر أمس الأربعاء، على أهمية عقد المؤتمر بحضور ممثلين عن الأمم المتحدة ووفد رسمي تركي وبعض ممثلي المعارضة "غير النظامية" السورية، لافتةً، في الوقت نفسه، إلى أن غالبية ممثلي المعارضة "الحقيقية" غادروا سوتشي حتى قبل انطلاق جلسات المؤتمر.

وفي المقال، رأى الخبير الروسي أنّ "غياب الهيئة العليا للمفاوضات و"حزب الاتحاد الديمقراطي" الكردي حوّل قرارات المؤتمر إلى بيان نوايا"، معتبراً أنّ اللجنة الدستورية "لا معنى لها في حال عدم مشاركة ممثلي العليا للمفاوضات في عملها".

وأوضح أنّ "هذه النتيجة للمؤتمر كانت متوقعة نظراً لسوء تقييم منظميه للوضع"، مستبعداً احتمال نجاح "سوتشي في ظل عدم حدوث أي تغييرات إيجابية داخل سورية، وسط اندلاع أعمال عسكرية متكاملة في منطقتي خفض التصعيد في الغوطة الشرقية وإدلب، وتجدد قصف المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة".


ووصف كاتب المقال، مؤتمر "سوتشي" بأنه كان "تكميلياً" بهدف "إظهار نجاحات التسوية السلمية التي بادرت بها روسيا وتركيا وإيران، ولكنها لم تتحقق، ما لم يُفهم بها توسيع الأراضي الخاضعة لسيطرة الرئيس السوري بشار الأسد"، لافتاً إلى أن "دمشق لم تر ضرورة لوقف الغارات الجوية على خلفية عقد مؤتمر سوتشي حتى".

ورجح سيميونوف، في مقاله، أن "دمشق وطهران غير معنيتين بتحقيق أي مبادرات سلام إلا لأهداف تكتيكية مثل إقامة هدنة في منطقة ما لنقل القوات إلى أخرى"، معتبراً أن "أبرز مهام التسوية في سورية ليست إقامة منتديات وساحات جديدة مثل سوتشي، وإنما البحث عن آليات الضغط على الأطراف المنتهكة للاتفاقات، بما في ذلك على دمشق الرسمية".


وعلى الرغم من التأخيرات والتعثرات التي شهدها "سوتشي"، إلا أن روسيا سعت إلى حفظ ماء الوجه عن طريق خفض سقف توقعاتها من المؤتمر والتركيز في خطابها الرسمي على حضور المبعوث الأممي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، والتأكيد على أن سوتشي ليس بديلاً عن جنيف، محملة المعارضة مسؤولية رفض المشاركة.

وفي هذا السياق، أشاد مدير مركز "الدراسات العربية والإسلامية" في معهد "الاستشراق"، التابع لأكاديمية العلوم الروسية، فاسيلي كوزنيتسوف، بعقد المؤتمر في حد ذاته، معتبراً أن غياب "العليا للمفاوضات" يضعف من موقفها.

وقال كوزنيتسوف، لـ"العربي الجديد" في ختام مؤتمر "سوتشي": "هذا المؤتمر ليس مفاوضات سياسية، ولا يهدف إلى تسوية نزاع مستمر منذ سبع سنوات في يوم واحد".

وأعرب عن أسفه لغياب "حزب الاتحاد الوطني الديمقراطي" الكردي و"جزء من المعارضة" عن المؤتمر، قبل أن يضيف: "هذا قرارهم ولهم الحق في ذلك، وأعتقد أنه يضعف موقفهم، خاصة أن المؤتمر جرى تحت مظلة الأمم المتحدة وبحضور دي ميستورا".

في المقابل، توقع الخبير في المجلس الروسي للشؤون الدولية والدبلوماسي السابق، ألكسندر أكسينيونوك، أن يشكل مؤتمر سوتشي "إسهاماً روسياً بنّاءً في الانتقال من المرحلة العسكرية للنزاع إلى التسوية السياسية".


وقال أكسينيونوك، في حديث لـ"العربي الجديد": "يجب الإقرار بأن عملية جنيف تعثرت لأسباب مختلفة، وكانت هناك ضرورة لدفع إضافي لتفعيل المفاوضات. كانت روسيا دائماً دولة مسؤولة فيما يتعلق بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، ولا تتصرف بشكل يتعارض مع القرار رقم 2254، ولن يكون سوتشي بديلاً لجنيف. سيتم نقل نتائج سوتشي إلى جنيف وتسليمها لدي ميستورا".

وحول رؤيته لأسباب فشل كل محاولات التسوية السياسية، أضاف: "هناك هاوية شاسعة من عدم الثقة بين أطراف النزاع السوري، أي بين الحكومة السورية والمعارضة، وكذلك بين مختلف المجموعات داخل المعارضة المسلحة والسياسية، والخارجية والداخلية".

واعتبر أكسينيونوك، الذي عمل دبلوماسياً في عدد من الدول العربية من بينها سورية، أن إحراز تقدم في التسوية السياسية مرهون بـ"إيجاد نقاط تلاق في الرؤية للنظام المستقبلي للدولة ودستورها، ومركزيتها ولامركزيتها، وتوزيع الصلاحيات بين السلطات"، مشدداً على ضرورة عقد مفاوضات مباشرة.

واختتمت في منتجع سوتشي المطل على البحر الأسود، يوم الثلاثاء الماضي، فعاليات مؤتمر الحوار الوطني السوري الذي شارك فيه نحو 1500 شخص، غالبيتهم من الموالين للنظام ومن معارضة الداخل، بالإضافة إلى عدد من الشخصيات من معارضة الخارج حضروا إلى سوتشي بصفات شخصية.

وبدأ المؤتمر بكلمة لوزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، قبل أن تتواصل المحادثات خلف أبواب مغلقة، لتستمر حتى ساعة متأخرة من الليل.

وفي الوقت الذي ألغى فيه رئيس تيار "الغد السوري"، أحمد الجربا، مؤتمره الصحافي، تصدر معارضون مقربون من موسكو المشهد في المركز الإعلامي لمؤتمر سوتشي، وفي مقدمتهم رئيس منصة موسكو، قدري جميل، ورئيسة منصة أستانة رندة قسيس.

وفي ختام المؤتمر، ألقى دي ميستورا، بياناً مقتضباً أكّد فيه اتخاذ المشاركين قراراً بتشكيل لجنة دستورية، بينما أعرب مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سورية، ألكسندر لافرينتييف، عن ثقته في أن نتائج سوتشي ستشكل دعما لعملية جنيف.