عام الشيخين

عام الشيخين

31 ديسمبر 2018
الشيخان في مهمة حاسمة في عام 2019 (أمين الأندلسي/الأناضول)
+ الخط -
يودع التونسيون، اليوم الاثنين، عاماً صعباً للغاية، ولعلهم يستقبلون غداً الثلاثاء، عاماً أصعب وأثقل مرفقاً برهانات أكثر. فقد مرّت سنة 2018 بأحداثها المتلاحقة وإخفاقاتها الكثيرة، وانتهت بسلسلة احتجاجات بلغت مدناً تونسية عدة لا تزال تئن تحت وطأة النسيان الحكومي والعجز عن إيجاد حلول تبعث أملاً ما في نفوس شباب محبط. وشهد العام أيضاً تغيّرات بالجملة طرأت على المشهد السياسي، لعل أهمها تعطل التوافق بين مهندسيه، رئيس البلاد، الباجي قائد السبسي، ورئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي. والتعطل لم ينته ولا يزال قابلاً للتجديد، حسب ما يقول مطّلعون على تفاصيل المشهد السياسي التونسي.

لكن هذا التعطيل أدى إلى أزمة سياسية خانقة، لم يربح فيها لا السبسي ولا الغنوشي ولا حزباهما، وخسر فيها التونسيون في نهاية الأمر، على الرغم من الحسابات الضيقة في الدائرة المحيطة بهما، التي توهّمت تحصيلها انتصارات ليست في الواقع إلا ظرفية، ويُمكن أن تُنسف في أي وقت وتأتي على كل ما تم إنجازه إلى حد الآن.

ويتساءل كثيرون، عارفون بطبيعة الشخصيتين، ما إذا كانا يقبلان بتردي الأوضاع إلى الحدّ الذي وصلت إليه اليوم، وقبولهما هدم الفكرة التي صفق لها العالم وتباهيا بها في كل العواصم، وما إذا كان بوسعهما البقاء على الربوة يتابعان تفاصيل السقوط المدوي؟ باختصار هل ينسفان هذا الانتقال الذي لم يتبق منه إلا خطوات معدودة؟ ولعل المشكلة تكمن تحديداً في هذه الخطوات التي تغذيها رؤى شخصية لمستقبل البلاد، ومخاوفهما من فوز أحدهما بالغنيمة وخسارة الآخر. ومن المؤكد أنهما بمراكمة سنوات الخبرة السياسية، يدركان أنه ليس هناك فائز وخاسر، فإما أن يفوز الجميع وإما أن يخسرا معاً. التاريخ لا يرحم، وهما يدركان أن أفعالهما مفتوحة على باب التاريخ الكبير الذي يمكن أن يؤسس لمستقبل أو يشعله بنيران الطموحات الوهمية. لا يعني هذا أن البلاد خلت من ناسها وشخصياتها وأحزابها الأخرى، ولكن للشيخين مسؤولية تاريخية ستحاسبهما عليها الأجيال المقبلة إذا أخفقا في فرصة الحوار الأخيرة، قبل دخول مرحلة التهديم المتبادل، لذلك سيكون هذا العام بالذات عام الشيخين.