ماي تتوجه إلى بروكسل...والاتحاد الأوروبي يعدّ "تطمينات" لاتفاق "بريكست"

ماي تتوجه إلى بروكسل...والاتحاد الأوروبي يعدّ "تطمينات" لاتفاق "بريكست"

لندن

إياد حميد

إياد حميد
13 ديسمبر 2018
+ الخط -

بعد ساعات قليلة، يبدأ قادة الاتحاد الأوروبي بالوصول تباعاً إلى مقر الاتحاد في بروكسل، اليوم، للقاء تيريزا ماي، في قمة استثنائية، تحاول من خلالها رئيسة الوزراء البريطانية إنقاذ اتفاق "بريكست" من السقوط أمام برلمان بلادها، بداية العام المقبل، من خلال إدخال تعديلات على الاتفاق، وذلك بعدما نجحت أمس، بصعوبة في اجتياز امتحان تصويت الثقة، مقدمة بعض التنازلات، لتبقى في منصبها زعيمة لحزب المحافظين ورئيسة للوزراء.

ورغم رفض "الاتحاد" بشكل قاطع، تعديل اتفاق "بريكست" الذي تمّت المصادقة عليه في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، واعتباره "العرض الأخير" الذي من الممكن تقديمه لماي، أكدت مصادر دبلوماسية، أن مسودة وثيقة للاتحاد الأوروبي بشأن خروج بريطانيا يجري إعدادها لتقديمها إلى رئيسة الوزراء البريطانية، تشمل فقط احتمال أن ينظر التكتل في منح مزيد من الضمانات لبريطانيا بشأن أيرلندا وإقليم أيرلندا الشمالية.

لكن المصادر أوضحت أنه بينما تذكر الوثيقة هذا الاحتمال فإنها لا تعرض فعلياً أي ضمانات، مؤكدة أن أيرلندا لا تزال تعارض مثل هذه الصياغة في مسودة الوثيقة التي تحتوي على ست فقرات إجمالاً.

وقالت المصادر إن المسودة قد تتغير وفقاً لما ستطلبه ماي تحديداً من زعماء الدول الأعضاء الأخرى بالاتحاد، لدى لقائها بهم اليوم.

وبحسب "فرانس برس"، فإن البيان الذي من الممكن إصداره بعد القمة سيتضمن أن "الاتحاد الأوروبي مستعد لدراسة ما إذا كان بإمكانه تقديم أي تطمينات إضافية. هذه التطمينات لن تبدل أو تتعارض مع اتفاق الانسحاب".

وسيشير بيان حول ما بإمكان الأوروبيين تقديمه إلى أن "أي خطة للمساندة الخاصة بالحدود الأيرلندية ستطبق لوقت قصير، وفقط طالما تقتضي الضرورة ذلك".

ولكن بحسب دبلوماسيين أوروبيين، فإن زعماء الاتحاد الأوروبي لن يسمحوا "بإعادة التفاوض على خطة المساندة أو اتفاق البريكست ذاته خلال المرحلة الحالية".

وكان الاتحاد الأوروبي قد أعاد التشديد، منذ مساء أمس، على أن النص القانوني لاتفاق "بريكست" ليس قابلاً للتفاوض من جديد، لافتاً إلى أن جلّ ما يمكن التفاوض عليه، هو طرح المزيد من التطمينات في الإعلان السياسي المرافق في اتفاق "بريكست".

لكن الحزب الاتحادي الديمقراطي الأيرلندي، الذي يعارض أي تقارب بين أيرلندا الشمالية والجمهورية الأيرلندية، أكد على لسان زعيمته أرلين فوستر أن "المناورة على هوامش الاتفاق لا تنفع. لا نريد ضمانات ووعود. نريد تغييرات أساسية في نص الاتفاق القانوني".

من جهته، أعرب وزير الخارجية الألماني هايكو ماس عن شعوره بالارتياح لأن الحزب الحاكم في بريطانيا "لم يصل إلى حد خلق فوضى عارمة" في عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لكنه أكد أنه لا يزال يرى "فرصة ضئيلة" لتقديم تنازلات كبيرة إلى لندن بشأن اتفاق "بريكست".

وقال ماس "نحن الآن لدينا فرصة أخرى مع تيريزا ماي...الحصول على أغلبية من أجل هذا الاتفاق، وهو حل وسط بين الطرفين".

ولدى سؤاله عما يمكن القيام به لتأمين موافقة بريطانية، دون إعادة تفاوض أو تغييرات قانونية، رد ماس: "في نهاية المطاف، يجب على البريطانيين أن يخبرونا أنه إذا كانت هناك مقترحات من بروكسل الآن، فلا يمكن لأحد أن يخبرنا بالارتباك في لندن ما إذا كان يكفي الحصول على أغلبية في مجلس العموم".

ماي تقطع امتحان الثقة

وكانت رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي، قد نجحت أمس، في اجتياز امتحان تصويت الثقة، لتبقى في منصبها زعيمةً لحزب المحافظين، ورئيسةً للوزراء، وذلك بالرغم من أن نحو ثلث نواب حزبها في البرلمان صوتوا ضدها مساء أمس الأربعاء، ما يبقي احتمال تمرير اتفاق "بريكست" أمراً بعيد المنال.

وصوّت 200 نائب محافظ مساء أمس لصالح الثقة في تيريزا ماي، مقابل 117 ضدها، في تصويتٍ شهد حضور جميع نواب الحزب. ولا تعكس هذه النتيجة إلا الانقسام الحاد في صفوف "المحافظين"، والذي قد يأخذ منحىً دائماً، خاصةً أن عدد من صوتوا لسحب الثقة منها يماثل عدد نواب حزبها ممن هددوا بالتصويت ضد صفقتها يوم الإثنين الماضي، وهو ما دفعها لسحبها من أمام البرلمان.

وخرجت ماي بعد التصويت لتقول من أمام رئاسة الوزراء إن حزبها خوّلها "لتطبيق بريكست الذي صوّت الشعب من أجله، وتوحيد البلاد من جديد، وبناء بريطانيا لصالح الجميع"، داعيةً نواب جميع الأحزاب للتعاون لتحقيق "بريكست" في المصلحة الوطنية.

إلا أن نجاح ماي في التصويت جاء كالعادة مصحوباً بتنازلات عن خطوطها الحمراء. وهذه المرة، أكدت لنواب الحزب في كلمة، قبيل التصويت على الثقة بها، أنها لن تنافس في الانتخابات العامة المقررة عام 2022، وأنها ستترك منصبها قبل ذلك الموعد، وبعد تطبيق "بريكست"، ولكن من دون تحديد تاريخ معين لذلك.

وكانت ماي قد ذكرت مراراً وتكراراً أنها لا تنوي الاستقالة من منصبها، وأنها ستقود الحزب في الانتخابات العامة المقبلة. ولكن نواب حزبها يرونها عالةً انتخابية، وأنها لا تتمتع بالكاريزما الكافية لكسب الانتخابات، ويشيرون في ذلك إلى أن انتصاراتها السابقة، سواء في انتخابات عام 2017، أو في التصويت البرلماني، كانت دائماً دون المستوى المطلوب. كما أن نواب الحزب كانوا قلقين من احتمال أن تقوم ماي، كما فعلت عام 2017، بالدعوة إلى انتخابات عامة مفاجئة، يخسر فيها الحزب ما بقي له من مقاعد الأغلبية.

تصويت البرلمان لم يتغير

وكنتيجةٍ لمعطيات أمس، فإن اتفاق ماي يواجه معارضة 117 من نواب حزبها، و10 نواب من "الاتحادي الديمقراطي"، إضافة إلى نواب الأحزاب المعارضة الأخرى، ما يعني أن شيئاً لم يتغير بسبب التصويت، عدا عن امتلاك ماي بعضاً من الوقت لمحاولة إقناع الاتحاد الأوروبي بتعديل الاتفاق، ومعارضيها بضرورة التصويت لصالحه. وكانت رئاسة الوزراء البريطانية قد تعهدت بأن يتم التصويت على الاتفاق في موعد أقصاه 21 يناير/كانون الثاني المقبل.

إلى ذلك، لا يزال موقف حزب "العمال" غامضاً، فبالرغم من أن زعيمه جيريمي كوربن كان قد تعهد بطلب سحب الثقة من حكومة ماي رسمياً، إلا أنه لم تبرز أيّ إشارات إلى موعد هذا التصويت.

ونظراً لحجم المعارضة التي تواجهها ماي في صفوف حزبها، قد يجادل البعض أنه بإمكان متمردي "المحافظين" التحالف مع العمال للتخلص من حكومة ماي، إذا كانوا فعلاً يرغبون في التخلص من رئيسة الوزراء. ولكن مثل هذا التحرك، سيكون له تبعات كبرى على حزب المحافظين نفسه، والتي قد تؤدي فعلاً إلى انقسامه عملياً إلى حزبين مختلفين.

 

 

 

 

ذات صلة

الصورة

سياسة

أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، الخميس، بأن بريطانيا اشترطت على إسرائيل السماح بزيارة دبلوماسيين أو ممثلين عن منظمة الصليب الأحمر عناصر النخبة من حماس المعتقلين.
الصورة
ناشطة بريطانية تتلف لوحة بورتريه للورد بلفور بسبب فلسطين (إكس)

منوعات

أعلنت منظّمة بريطانية مؤيدة لفلسطين، الجمعة، أن ناشطة فيها أتلفت لوحة بورتريه معروضة لآرثر بلفور السياسي البريطاني الذي ساهم إعلانه في إنشاء إسرائيل.
الصورة

سياسة

أغلق محتجون مؤيّدون للفلسطينيين اليوم السبت طرقاً خارج البرلمان البريطاني في لندن، مطالبين بوقف فوري للحرب على غزة.
الصورة
تظاهرة تضامنية مع فلسطين وغزة في كتالونيا 26/11/2023 (روبرت بونيت/Getty)

سياسة

منذ صباح 7 أكتوبر الماضي بدا الاتّحاد الأوروبي، أو القوى الكبرى والرئيسية فيه، موحدًا في الاصطفاف إلى جانب إسرائيل، ورفض عملية طوفان الأقصى ووصمها بالإرهاب