حزب العمال يستثمر مأزق بريكست: ترويج لخطة الإطار الجمركي

حزب العمال يستثمر مأزق بريكست: ترويج لخطة الإطار الجمركي

08 ديسمبر 2018
ماي وكوربن لن يخوضا أي مناظرة (تولغا أكمين/فرانس برس)
+ الخط -


يسعى حزب العمال البريطاني، للاستفادة من معارضة غالبية البرلمان البريطاني اتفاقَ بريكست الحكومي، للخروج من الاتحاد الأوروبي، للدفع بصفقة بديلة، يعتقد جيريمي كوربن، زعيم الحزب، أنها أكثر قبولاً. فعلى وقع دعوته البرلمان إلى رفض صفقة ماي يوم الثلاثاء المقبل، في مقال نشرته صحيفة "غارديان"، طالب كوربن النواب بدعم "خطة الاتحاد الجمركي الشاملة" الخاصة بالعمال. ورأى كوربن أنه "في حال رفض صفقة (رئيسة الوزراء تيريزا) ماي، فإن الحكومة ستفقد قدرتها على الحكم، وهو سبب كافٍ للدعوة إلى انتخابات عامة".

واعتبر زعيم العمال أنه "في حال لم نستطع التوجه لانتخابات عامة وفقاً للقواعد الحالية، فإن كافة الخيارات يجب أن تكون مطروحة على الطاولة، ويجب أن تشمل هذه الخيارات خطة العمال البديلة. وأيضاً كما قرر المؤتمر الحزبي في سبتمبر/أيلول الماضي، خيار دعم التصويت الشعبي لكسر الجمود الحالي". وأضاف أن "خطة حزبه تشمل اتحاداً جمركياً شاملاً مع الاتحاد الأوروبي، يكون فيه لبريطانيا رأي في الصفقات التجارية المستقبلية". وتابع: "أرغب في علاقة جديدة وقوية تربط بريطانيا بالسوق المشتركة الأوروبية وتسمح بتجارة سلسة بين الطرفين". كما انتقد كوربن خطة المساندة، محذراً من أنها "ستضرّ بحقوق العمال البريطانيين وستحدّ من قدرة الدولة على دعم الصناعات الوطنية".

وأتت مداخلة كوربن في "غارديان" بعد يوم من تحذير لين مكلاسكي، حليف كوربن النقابي، من الدفع باتجاه استفتاء ثانٍ على بريكست، لما قد يحمله ذلك من إحساس "بالخيانة". وتُعد مسألة الاستفتاء الثاني خلافية في صفوف الحزب، إذ يدعمها كير ستارمر وزير بريكست في حكومة الظل العمالية، بينما لا يفضلها كوربن خياراً أساسياً.

ويتسم موقف الحزب الرسمي من بريكست بالغموض، فيطرح "العمال" خيارات عدة سيلجأ إليها في حال فشل ماي في تمرير صفقتها، ويتجنب الخوض في نقاشات قد تؤدي إلى خروج انقساماته الداخلية إلى العلن، ويحاول أن تقتصر أنشطته على الاستفادة من أخطاء الحكومة المحافظة بهدف الدفع إلى انتخابات عامة تصل به إلى رئاسة الوزراء. كما يوجد تيار آخر في حزب العمال، يجد له نظيراً في صفوف المحافظين، يرى في صفقة معدلة عن النموذج النرويجي الحل الأمثل لبريطانيا.

وأبدى النائب عن العمال ستيفن كينوك، في تصريح لـ"بي بي سي" أمس الجمعة، اعتقاده بـ"وجود 10 وزراء على الأقل في حكومة ماي ممن يدعمون هذه الفكرة، والتي تشمل بقاء بريطانيا في السوق المشتركة والاتحاد الجمركي". وقال إن "ما نريد من رئيسة الوزراء القيام به هو أن تخرج أمام مكتبها في داوننغ ستريت، عندما تخسر التصويت يوم الثلاثاء وأن تقول بكل وضوح إنها تدعم نموذجاً معدلاً عن النرويج".



ويسود اعتقاد داخل حكومة ماي بأن النموذج النرويجي هو الخيار الوحيد الذي ينال دعم الأغلبية البرلمانية. ويمكن للبرلمان أن يستغل النافذة التي فتحها التعديل الذي تقدم به النائب المحافظ دومينيك غريف مطلع الأسبوع الحالي، لطرح مثل هذا الخيار على التصويت في حال فشل ماي يوم الثلاثاء. وكان البرلمان البريطاني قد صادق على تعديل يسمح له بفرض الخطوات التالية على رئيسة الوزراء في حال التصويت ضد صفقتها. إلا أن ماي تعارض النموذج النرويجي بشكل رئيسي، لأنه لا يحدّ من حرية التنقل بين دول الاتحاد الأوروبي، والتي تشكل خطاً أحمر بالنسبة إليها. كما أن بريطانيا تحتاج إلى موافقة أعضاء رابطة التجارة الحرة الأوروبية في حال تبني النموذج النرويجي، وهو ما تعارضه النرويج.

ومن ناحية أخرى، تقرع أجراس الخطر في داوننغ ستريت بسبب المخاوف المترتبة على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، والذي قد يكون أحد السيناريوهات المطروحة في حال فشل صفقة ماي. وسارع الجناح المؤيد للبريكست المخفف فيها، لا سيما وزير المالية فيليب هاموند ووزير الأعمال غريغ كلارك إلى تأكيد معارضة هذا الخيار في اجتماع حكومي ترأسته ماي يوم الخميس الماضي، ولم يعلن عن كامل مخرجاته.

إلا أن محللين رأوا أن الاجتماع ناجم عن المعارضة الكبيرة التي تواجهها خطة ماي، فقد أعلن أكثر من 100 نائب محافظ نيتهم التصويت ضد ماي، وهو ما دفع عدداً من كبار المحافظين لدعوة ماي إلى تأجيل التصويت على صفقتها. بينما وجهت ماي 30 وزيراً للسفر إلى مختلف أرجاء بريطانيا للدعاية لخطتها.

كما كان هاموند قد حذر البرلمان من رفض خطة ماي، لأنه إما سيؤدي إلى ضرر اقتصادي بسبب الغموض السياسي، أو إلى نقض نتيجة الاستفتاء. وهو ما سيقوّض الديمقراطية البريطانية. وقال هاموند أمام البرلمان، إن "صفقة ماي ستقلل من الأذى الاقتصادي الذي سيلحق ببريطانيا بسبب بريكست"، مضيفاً: "توفر هذه الصفقة تسوية معقولة تحمي اقتصادنا وتحقق قرار الشعب البريطاني في الاستفتاء. إذا أردنا تعزيز فرص نجاح أمتنا في المستقبل، فهذه هي الطريق الصحيحة".

وفي الوقت ذاته، حذّر وزير الخارجية جيريمي هانت، في مقابلة مع صحيفة "تايمز"، من أن "أي محاولة لعكس بريكست أو التخلي عن الحد من الهجرة ستؤدي إلى قلاقل اجتماعية"، محذّراً من أن "البريطانيين سيفقدون إيمانهم بالديمقراطية في حال التخلي عن نتيجة الاستفتاء".

كما حثّ هانت زملاءه على التصويت لصالح صفقة ماي، قائلاً إن "أكبر مخاوف مؤيدي بريكست على ارتباط بعدم تمكننا من السيطرة على القضايا الرئيسية مثل الهجرة، وهو ما يمكن للشعب عادة التأثير فيه من خلال الانتخابات". وحذّر أيضاً من أن "بريطانيا قد تشهد موجات عنف شبيهة بتلك التي تشهدها فرنسا حالياً، لأن مؤيدي بريكست، في حال خسارتهم الاستفتاء الثاني، سيكونون غاضبين جداً، ولا أستطيع نفي احتمال وقوع القلاقل الاجتماعية في هذا البلد. ولذلك، أعتقد أن واجبنا كبرلمانيين ألا نفكر فقط في رأينا الخاص ببريكست، بل أن نبحث عن حل يوحد البلاد".

إلى ذلك، أعلنت "بي بي سي" و"آي تي في" تخليهما عن خطط استضافة المناظرة بين ماي وكوربن، والتي كانت مقررة يوم الأحد المقبل، بسبب خلاف زعيمي أكبر حزبين في بريطانيا على المحطة التي ستستضيف المناظرة، وهو ما يعني عملياً إلغاءها. وأعلنت المحطتان أنه "بعد أسبوعين من المد والجزر بين ماي وكوربن، لم يتفق الطرفان على شكل المناظرة التي تقدمت بها المحطتان. فبينما فضلت ماي مقترح (بي بي سي)، أراد كوربن المناظرة المقترحة من قبل (آي تي في) ولم يتراجع أي منهما عن موقفه، مما دفع المحطتين لسحب عرضيهما". وبدلاً من ذلك، أعلنت "تشانل 4" عن نيتها استضافة نقاش بديل يجمع أربعة سياسيين يمثلون الأطياف المختلفة لإبداء المواقف من بريكست.