انتخابات بلدية الاحتلال في القدس تجرى وسط مقاطعة المقدسيين

انتخابات بلدية الاحتلال في القدس تجرى وسط مقاطعة المقدسيين

30 أكتوبر 2018
يقاطع المقدسيون انتخابات بلدية الاحتلال دائماً (مصطفى الخاروف/ الأناضول)
+ الخط -
وسط إجراءات أمنية وانتشار عسكري مكثف في محيط مراكز الاقتراع بأحياء القدس المحتلة، تجرى عملية الاقتراع لانتخابات بلدية الاحتلال في المدينة، اليوم الثلاثاء، التي شهدت مقاطعة شبه تامة من قبل أكثر من 320 ألف مقدسي.

وبدت مراكز الاقتراع تلك شبه خالية، في الوقت الذي نفذت فيه شرطة وطواقم من بلدية الاحتلال حملة لإزالة شعارات كتبت على جدران بعض المدارس ومراكز الاقتراع تدعو المقدسيين إلى مقاطعة الانتخابات، فيما اعتقلت قوات الاحتلال أمين سر حركة فتح في جبل المكبر، إياد بشير، وأحد كوادر الحركة، ورئيس لجنة أولياء أمور الطلبة، ومواطنًا رابعًا، لرفضهم وضع صناديق اقتراع في منطقه جبل المكبر استجابة للموقف الوطني والشعبي في القدس بمقاطعة انتخابات بلدية الاحتلال.

كذلك عززت تلك القوات، وبعضها بلباس مدني، انتشارها في شوارع القدس المحتلة لمواجهة نشطاء كانوا يحثون المواطنين والتجار على مقاطعة الانتخابات ونبذ المرشحين فيها.

وأكد فادي المطور، أحد نشطاء فتح في القدس، على الموقف الوطني الرافض للترشح لهذه الانتخابات، "وهو موقف ثابت منذ عام 1967، باعتبار أن بلدية الاحتلال ذراع لسلطات الاحتلال تُمارس القمع والتنكيل والاعتقالات اليومية وأسرلة التعليم وسياسة هدم المنازل وتغيير معالم المدينة وتفريغها من مواطنيها، فالمقاطعة واجب وطني وأخلاقي وديني بالمقاطعة ترشحًا وانتخابًا".

وعبرت القوى والهيئات والمرجعيات الدينية والوطنية عن الموقف ذاته، مؤكدة رفضها المطلق للمشاركة في هذه الانتخابات، "كونها تعطي الاحتلال شرعية لوجوده في المدينة المقدسة، ولما يمارسه من سياسات عرقية ضد أبناء الشعب الفلسطيني".

وفي هذا الإطار، جدد مفتي القدس والديار الفلسطينية، الشيخ محمد حسين، إصدار الفتوى القاضية بتحريم المشاركة في هذه الانتخابات أو الاقتراع فيها. وقال لـ"العربي الجديد": "هذه انتخابات باطلة تشرعن الاحتلال وتشكل اعترافًا بسيطرته الغاشمة على القدس، حيث يواصل مشاريع التهويد والأسرلة".

وترافقت إجراءات الاحتلال هذه مع فرض عطلة إجبارية على مؤسسات ومدارس تابعة للبلدية ووزارة المعارف الإٍسرائيلية "لمنح الناخبين" فرصة المشاركة بالتصويت من جهة، ولافتتاح مراكز اقتراع بالمدارس التابعة للبلدية من جهة أخرى.

فيما ندد اتحاد أولياء أمور طلاب مدارس القدس بتعطيل الدراسة وجعله يوم عطلة رسمية على طلاب وطالبات القدس الذين يتعلمون بمدارس بلدية الاحتلال بسبب الانتخابات.

وأضاف الاتحاد، في بيان وصلت نسخة منه إلى "العربي الجديد": "نطالب بإبعاد المدارس وطلابها عن أية أجندات سياسية أو تطبيعية، وعن الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على أرجاء المدينة كافة من خلال سبل شتى وطرق مختلفة".

وكانت القوى الوطنية والإسلامية في القدس قد نشرت الليلة الماضية، وفجر اليوم، ملصقات في معظم أحياء المدينة دعت فيها إلى مقاطعة انتخابات البلدية، كُتب عليها "القدس عربية فلسطينية... بلدية الاحتلال هي هدم البيوت، المشاركة في الانتخابات محرمة شرعاً..."، وعلقت على مراكز اقتراع عدة بالمدينة المقدسة، كما خط نشطاء شعارات على جدران المدينة يدعون فيها إلى مقاطعة الانتخابات، وقامت شرطة الاحتلال بمسح هذه الشعارات المناهضة للانتخابات.

وبالرغم من ذلك، خاضت قائمة انتخابية محلية تحت اسم "القدس بلدي"، برئاسة المدعو رمضان دبش، من سكان قرية صور باهر جنوب القدس، المقرب من حزب الليكود الإسرائيلي، تحت شعار وقف هدم المنازل ومنح تراخيص بناء، ووقف التمييز في التعليم، واستثمار المزيد من الأموال للمدينة، وتحسين البنية التحتية، وقام خلال الأسابيع الأخيرة بحملة واسعة في مدينة القدس لدعوة المقدسيين للمشاركة سواء بإرسال الرسائل على أرقام الهواتف من خلال برامج تطبيقات خاصة أو توزيع ملصقات تعريفية ببرنامجه الانتخابي وتعليقها بالشوارع.


وردًا على ذلك، قال حاتم عبد القادر، القيادي في حركة "فتح"، في تصريح له، وزع على وسائل الإعلام، إن "بلدية الاحتلال هي أحد أذرع سلطات الاحتلال الهادفة لتهويد المدينة، فمنذ احتلال القدس تقوم البلدية بتنفيذ مخططات الاحتلال لتفريغ المدينة من سكانها، من خلال هدم المنازل وتشريد السكان وفرض الضرائب الباهظة عليهم".

وأضاف: "للمرة الأولى يقوم مقدسي بترشيح نفسه لانتخابات البلدية ضمن قائمة عربية"، لافتًا إلى تراجع العديد من المرشحين عن خوض الانتخابات هذا العام بسبب الضغوطات الشعبية التي رافقت إعلان ترشحهم باستثناء قائمة ما تسمى "القدس بلدي".

وأضاف عبد القادر أن "المشاركة في انتخابات بلدية الاحتلال هي تكريس للاحتلال المدينة، وإضفاء شرعية للاحتلال، فالموضوع ليس خدماتيًا كما يدعي البعض، إذ في حال نجاح مرشح عربي أو قائمة عربية، فذلك لن يغير من سياسة البلدية في المدينة".

وأردف عبد القادر أن "المقدسيين، ومنذ عقود، قاطعوا انتخابات البلدية، وهذا العام كذلك فكافة المراكز خالية من المنتخبين باستثناء أعداد قليلة في بعض المناطق".

من جانبه، علق المحلل السياسي والإعلامي راسم عبيدات على الدعوات المؤيدة للمشاركة في انتخابات بلدية الاحتلال بالقول: "واهم من يعتقد بأن المشاركة في الانتخابات لبلدية القدس ستقلب أوضاع المقدسيين رأساً على عقب في القضايا المطلبية الاقتصادية – الاجتماعية، والمحتل يسطو على كل حقوق شعبنا في مدينة القدس ويسن المزيد من القوانين والتشريعات التي تصادر هذه الحقوق في مدينتنا، منها قانون أساس القومية الصهيوني وحتى قانون تجريم من يرفع العلم الفلسطيني".

وتابع: "أتحدى أيًا من المرشحين من سكان المدينة العرب المخدوعين والحالمين أن يجرؤ على رفع راية فلسطين في حملته الانتخابية. الاحتلال يريد تجميل صورته وإظهار المدينة بأنها موحدة ولكل مواطنيها، ولكن القضايا ذات البعد الاستراتيجي لا يستطيع التقرير بها رئيس وأعضاء البلدية، بل هي مرتبطة بالكابينت والجهاز الأمني، مثل الاستيطان وملكية الأرض والتعليم والقضايا الأمنية، ولذا لا تبيعوا أنفسكم وأهلنا في المدينة أوهامًا، ولا تتساوقوا مع سياسة الاحتلال وتكونوا له شركاء في تشريع ضم وتهويد المدينة".

يذكر أن مواقع التواصل الاجتماعي شهدت على مدى اليومين الماضيين جدالا ونقاشات عديدة بين من يؤيد المشاركة في الانتخابات البلدية الاحتلال من واقع أن هذه المشاركة ستحد من غلواء سياسة الهدم، وتغير من تلك السياسات في حال فاز مرشح فلسطيني في هذه الانتخابات؛ الأمر الذي رد عليه النشطاء بالاستهجان، خاصة أن من يطرح نفسه للترشح معروف بولاءاته للأحزاب الصهيونية، خاصة حزب "الليكود"، ولا يعبّر عن طموحات المقدسيين في التحرر من الاحتلال، في إشارة إلى المرشح رمضان دبش الذي تهجم في وقت سابق على المرجعيات الدينية والوطنية ووصفها بـ"الزعران".

دلالات

المساهمون