مصر: تمهيد إعلامي وسياسي لاحتمال تعديل بنود الرئاسة بالدستور

مصر: تمهيد إعلامي وسياسي لاحتمال تعديل بنود الرئاسة في الدستور

11 اغسطس 2017
ملصق مؤيد للدستور باستفتاء أجراه النظام عام 2014(محمد حسام/الأناضول)
+ الخط -
بات الدستور المصري هو هدف المرحلة للرئيس عبد الفتاح السيسي، وسط تمهيد إعلامي لإدخال تعديلات موسعة عليه تطاول المواد المتعلقة بفترة ولاية رئيس الجمهورية وطريقة انتخابه. وجاء تصريح رئيس مجلس النواب، علي عبد العال، على هامش إشرافه على رسالة دكتوراه في القانون، بأن أي دستور يصدر، فيما الدولة تبقى غير مستقرة، فإنه يحتاج إلى إعادة نظر، إشارةً واضحة منه إلى تمهيد ربما للدستور المصري. وسبقت تصريحات عبد العال، بأيام قليلة، تصريحات مماثلة لرئيس مجلس إدارة مؤسسة "أخبار اليوم"، ياسر رزق، المعروف بقربه من مؤسسة الرئاسة، والتي قال فيها إنَّ البعض يطالبون بزيادة الفترة الرئاسية من 4 سنوات إلى أكثر من ذلك، موضحاً أنه قد يؤيد تعديلا كهذا، إذا كان عليه توافق، وبشرط ألا تزيد الفترة الرئاسية عن 6 سنوات، وفق تعبيره. وما أكد المساعي الرئاسية لتعديل الدستور المصري، هو ما كتبه رزق في مقاله في صحيفة "أخبار اليوم"، قائلاً إن "قطاعاً لا يستهان به من الناس يتساءل لماذا 4 سنوات فقط للمدة الواحدة؟ ويرغب في زيادتها ولو للمدة الرئاسية المقبلة فقط. وهو مطلب لو حصل على توافق شعبي لا بد أن يكون ضمن بعض تعديلات للدستور، تستوجبها التجربة، خاصةً في مسألة التوازن بين السلطات"، بحسب ما ورد في مقاله.

لم يكن هجوم عبد العال الأخير على الدستور هو الأول من نوعه، فقد وجّه هجوماً عنيفاً، في مايو/أيار الماضي، عندما وصفه بأنه "صِيغ بطريقة رضائية، لا ترضي طموحات المصريين". والأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل شمل في السابق محاولات برلمانية وُصفت بأنها "جسّ نبض" للشارع المصري، كان من بينها مشروع تعديل تقدّم به النائب إسماعيل سراج الدين، في فبراير/شباط الماضي. وينص المشروع على تعديل مدة الولاية الرئاسية لتكون 6 سنوات بدلاً من 4. وفي موازاة ذلك، كانت مصادر سياسية وقانونية قد كشفت، لـ"العربي الجديد"، في وقت سابق، عن أن المستشار القانوني للسيسي، الدكتور محمد أبو شقة، عكف على دراسة مقترح بتعديل دستوري يقضي بانتخاب الرئيس عبر مجلس النواب على غرار النظام اللبناني، مع تسويق إعلامي في حال تبني هذا المقترح، لصعوبة إجراء الانتخابات في الظروف الأمنية الراهنة.

واعتبر سياسي بارز مقرب من دوائر صنع القرار المصري، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الأجواء الراهنة تشير إلى أن هناك أمراً ما يتم الترتيب له، في ظل حملة ممنهجة لإقصاء أي أسماء بارزة يمكنها خوض الانتخابات الرئاسية، وكذلك منْع نشر أي أخبار أو مواد صحافية وإعلامية عنها". وأوضح السياسي البارز أن "مقترح تعديل الدستور طُرح أكثر من مرة داخل دوائر السلطة، وفي كل مرة كانت هناك آراء تتبنى تأجيله، نظراً لأنه سيضر بصورة النظام أمام الخارج"، وفق قوله.


وذكر أستاذ القانون الدستوري في جامعة الإسكندرية، فؤاد عبد النبي، أنه بموجب المادة 226 من الدستور، فإنه لا يملك رئيس الجمهورية والبرلمان حق تعديل مواد الدستور المصري. وأضاف الفقيه الدستوري، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، أنه في حالة تعديل الدستور يجب دعوة الشعب للاستفتاء على التعديلات. وبموجب المادة 157 فإنه يحق للرئيس دعوة الشعب للاستفتاء، ولكن الدستور هنا أعطى الحق للرئيس وسحبه منه مرة أخرى في الفقرة 5 من المادة 226. وأضاف أنه في حال مطالبة خُمس مجلس النواب بتعديل الدستور، ثم قام الرئيس بدعوة الشعب للاستفتاء، ففي هذه الحالة ستكون هناك مخالفة صارخة لمواد الدستور، وفق تأكيده.

وتنص المادة 226 من الدستور الذي تمت صياغته عام 2014 بعد الانقلاب، في الثالث من يوليو/تموز، في السنة نفسها، أنه "لرئيس الجمهورية، أو لخُمس أعضاء مجلس النواب، طلب تعديل مادة أو أكثر من مواد ‫الدستور، ويجب أن يُذكر في الطلب المواد المطلوب تعديلها ‪ وأسباب التعديل. وفي جميع الأحوال، يناقش مجلس النواب طلب التعديل خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تسلمه، ويصدر المجلس قراره بقبول طلب التعديل كلياً أو جزئياً بأغلبية أعضائه. وإذا رُفض الطلب لا يجوز إعادة طلب تعديل المواد ذاتها قبل حلول دور الانعقاد التالي". وتضيف المادة أنه "إذا وافق المجلس على طلب التعديل، يناقش نصوص المواد المطلوب تعديلها بعد ستين يوماً من تاريخ الموافقة، فإذا وافق على التعديل ثلثا عدد أعضاء المجلس، عرض على الشعب لاستفتائه عليه خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدور هذه الموافقة، ويكون التعديل نافذاً من تاريخ إعلان النتيجة، وموافقة أغلبية عدد الأصوات الصحيحة للمشاركين في الاستفتاء. وفي جميع الأحوال، لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، أو بمبادئ الحرية أو المساواة، ما لم يكن التعديل متعلقاً بالمزيد من الضمانات".

وينص الدستور في مادته 140، على أن يُنتخب رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات، تبدأ من اليوم التالي لانتهاء مدة سلفه، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا لمرة واحدة. وتبدأ إجراءات انتخاب رئيس الجمهورية قبل انتهاء مدة الرئاسة بمائة وعشرين يوماً على الأقل، ويجب أن تعلن النتيجة قبل نهاية هذه المدة بثلاثين يوماً على الأقل. ولا يجوز لرئيس الجمهورية أن يشغل أي منصب حزبي طوال مدة الرئاسة. ونصت المادة 142 على أن يشترط لقبول الترشح لرئاسة الجمهورية أن يزكي المترشح عشرون عضواً على الأقل من أعضاء مجلس النواب، أو أن يؤيده ما لا يقل عن خمسة وعشرين ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب في خمس عشرة محافظة على الأقل، وبحد أدنى ألف مؤيد من كل محافظة منها، وفي جميع الأحوال، لا يجوز تأييد أكثر من مترشح، وذلك على النحو الذي ينظمه القانون.

المساهمون