مصر: التعديل الدستوري الرئاسي مستبعد والاستفتاء محتمل

مصر: التعديل الدستوري الرئاسي مستبعد والاستفتاء محتمل

04 يوليو 2017
خلال الانتخابات الرئاسية في مايو 2014 (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
تكثف السلطة في مصر من تحركاتها لحسم إشكالية الانتخابات الرئاسية، المقررة في يونيو/حزيران 2018، في ظل التراجع الكبير لشعبية الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي. ويحاول نظام السيسي مواجهة أي انتفاضات شعبية محتملة، من خلال قراره بمد حالة الطوارئ في جميع أرجاء البلاد، لثلاثة أشهر جديدة، تنتهي في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول 2017، وتصويت ثلثي أعضاء البرلمان على إقرارها، فضلاً عن شروعه في تمرير مشروع قانون بتغليظ عقوبة إهانة رئيس الجمهورية، لاستهداف أي مرشح مُحتمل في مواجهته، حال حديثه عن إخفاقاته في الملفات الموكلة إليه. وسارع مدير الاستخبارات الحربية السابق، النائب الحالي، كمال عامر، إلى التقدم بمشروع قانون "إهانة الرئيس"، عقب تعرض الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات، المستشار هشام جنينة، والمرشح الرئاسي الخاسر، حمدين صباحي، لأهمية الدفع بمرشح رئاسي جديد، بعد اتهامهما للسلطة الحالية بالفشل، وقول الأخير إن "السيسي بات يمثل خطراً على الدولة المصرية، بعد تنازله عن جزيرتي تيران وصنافير إلى إسرائيل، عبر وسيط سعودي". وفي سياق قريب، استبعد وكيل اللجنة التشريعية في مجلس النواب، نبيل الجمل، إجراء تعديل دستوري قبل حلول موعد الانتخابات الرئاسية، لانتخاب رئيس الجمهورية من خلال تصويت أعضاء البرلمان، استناداً إلى الأوضاع الأمنية غير المستقرة، وكونه يعد تراجعاً واضحاً عن ضمانات نزاهة الانتخابات التي أقرها دستور 2014، وأهمها الإشراف القضائي الكامل على لجان التصويت الشعبي، خلال العشر سنوات التالية لنفاذه. وقال الجمل، لـ"العربي الجديد"، إن "قطاعاً عريضاً من النواب سيرفض المقترح، إذا ما طُرح رسمياً من خُمس أعضاء البرلمان (العدد اللازم للتقدم بطلب تعديل الدستور)، لأنه يصب حتماً في صالح محاولات حرق البرلمان شعبياً، وتحميله مسؤولية الأوضاع المتأزمة للبلاد، عوضاً عن السلطة التنفيذية"، مشدداً على ضرورة أن "ينأى المجلس النيابي عن مسؤولية اختيار رئيس الجمهورية، وترك القرار للشعب".

رفض شعبي

إلى ذلك، توقع مصدر برلماني بارز أن يواجه اقتراح تعديل الدستور رفضاً شعبياً خلال المرحلة الراهنة، لتحفظ أغلب القوى الحزبية والسياسية على مطالب التوسع في صلاحيات رئيس الجمهورية، أو مد الفترة الرئاسية، مضيفاً أن "الاستفتاء على الدستور سيكلف خزينة الدولة أموالاً ضخمة، في وقت تُعاني فيه من أزمة اقتصادية طاحنة". وقال المصدر، لـ"العربي الجديد"، إن تعديل الدستور سيواجه بانتقادات داخلية وخارجية، ومن الأفضل لمصلحة الدولة (النظام) إجراء الانتخابات الرئاسية في صورة الاستفتاء، من دون المساس بنصوص الدستور، بشكل مرحلي، على اعتبار أن "أجهزة الدولة تأخذ موقفاً مسانداً للسيسي في مواجهة أي مرشحين محتملين"، وفق قوله.

التضييق على المنافسين

عضو "تكتل 25 – 30"، البرلماني أحمد الطنطاوي، قال إن الضغوط والالتزامات الدولية ستدفع السلطة الحاكمة إلى إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، مبدياً تخوفه من إجراءات التضييق على المرشحين المنافسين للسيسي، لدفعهم إلى مقاطعة الانتخابات طواعية، لغياب ضمانات نزاهتها، في ظل حركة الاعتقالات الواسعة بين صفوف المعارضين. وأضاف الطنطاوي، لـ"العربي الجديد"، إن نزاهة العملية الانتخابية تعد المكتسب الأخير لثورة 25 يناير/كانون الثاني، وبالتالي لا يجب التفريط فيه بإعادة عقارب الزمن إلى الوراء، وعودة عهود الاستفتاء على رئيس الجمهورية، الذي لا يمكن فصله عن سياق تصويت أغلبية البرلمان على إلغاء الإشراف القضائي على الانتخابات بحلول العام 2024. وتابع الطنطاوي، الذي أُحيل للتحقيق في البرلمان لرفضه اتفاقية الجزيرتين، إن المناخ السياسي الحالي لا يمكن أن يُفرز أي ضمانات لنزاهة الانتخابات، بالنظر إلى الهجمة الإعلامية الشرسة على أي اسم مطروح للمنافسة على المنصب الرئاسي، وإصرار السلطة التنفيذية، بمعاونة الغالبية النيابية، وأبواق النظام الإعلامية، على التفريط في جزيرتين مصريتين، بالعند في جموع المصريين، الرافضة للتنازل عن أرضها.

وصادق السيسي على اتفاقية تنازل مصر عن تبعية جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، السبت الماضي، عقب تمريرها من جانب مجلس النواب، في 14 يونيو/حزيران الماضي، بالمخالفة لحكم المحكمة الإدارية العليا ببطلان توقيع الحكومة على الاتفاقية، وتأييد حكم القضاء الإداري بمصرية الجزيرتين. وأعلن السيسي عزمه خوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، خلال مؤتمر الشباب في محافظة الإسماعيلية، في 26 أبريل/نيسان الماضي، رداً على سؤال "ماذا تفعل لو خسرت الانتخابات المقبلة؟"، الذي تهكم عليه في البداية، ثم أقسم بعدم تشبثه بالمنصب، وحرصه على إجراء الانتخابات بنزاهة، وعدم تزويرها. وارتفعت وتيرة الاعتقالات في مصر أخيراً، لتتجاوز حصيلة الحملة الأمنية بحق الرافضين للتنازل عن تيران وصنافير نحو 200 ناشط من الأحزاب السياسية، والحركات الشبابية، في أغلب المحافظات.