قمة العشرين: جهود وشكوك بشأن إصدار بيان ختامي حاسم

قمة العشرين: جهود لإنجاحها وشكوك بشأن إصدار بيان ختامي حاسم

04 يوليو 2017
ميركل تسعى لتليين مواقف ترامب (ميغل ميدينا/فرانس برس)
+ الخط -



تسعى المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، إلى إنجاح قمة مجموعة العشرين التي تحتضنها مدينة هامبورغ، يومي 7 و8 يوليو/تموز الجاري، إذ عمدت إلى عقد قمة أوروبية مصغرة الأسبوع الماضي في برلين، بهدف إظهار تماسك وتضامن الاتحاد الأوروبي، وتوحيد الرؤى بين قادتها في الموضوعات التي ستناقش بالقمة. 

وشددت المستشارة الألمانية، في كلمة لها قبيل انعقاد القمة، على أهمية وجود عالم متعدد الأقطاب، يضم مراكز كثيرة وأساليب تنمية مختلفة، مضيفة أنه "ليس من الضروري أن تكون الدول الصناعية الكبرى في العالم الغربي مثالاً يحتذى به بالنسبة لمناطق أخرى من العالم".  

وفي قضية تغير المناخ، كانت ميركل وعدت، الأسبوع الماضي، بأنها ستبذل المزيد من الجهود لحمايته، موضحة أنها "أكثر تصميما من أي وقت مضى للوصول باتفاقية باريس للمناخ إلى النجاح"، وذلك بعد قرار الولايات المتحدة الانسحاب منها، ومؤكدة أن "ألمانيا لا يزال لديها الكثير للقيام به".

ولتحصين قمة العشرين 2017 من الفشل، ولأن المستشارة تعطي النزاعات التجارية أولوية أكثر من أي وقت مضى، فإنها، بحسب مجلة "دير شبيغل"، أوفدت مستشارها الاقتصادي وكبير المفاوضين، لارس هندريك رولر، إلى واشنطن للقاء كبار المسؤولين فيها، واستكشاف ما إذا كانت الولايات المتحدة على استعداد لتقديم حل وسط مناسب، خاصة أن الادارة الأميركية تنوي ليس فقط عدم التعاون فيما يخص سياسة المناخ وقضايا التجارة، وإنما هناك حديث عن أنها تريد إنهاء التعاون في مكافحة الملاذات الضريبية، وأيضا الخروج من الاتفاقيات المتعلقة بتنظيم ومراقبة الأسواق المالية، علما أن واشنطن هددت بفرض رسوم جمركية عقابية وبزيادة أكثر من مائة في المائة على أكثر من 70 منتجا، إضافة إلى فرض قيود تجارية على شركات الصلب الألمانية والأوروبية.

وفي هذا الإطار، ذكرت المستشارة أخيرا أنها لا تتوقع محادثات ومناقشات سهلة في هامبورغ، مشيرة إلى أنه "ستكون هناك معارضة واضحة، وهناك من سيحاول إثارة ملفات خلافية".

وقد وجهت ميركل إلى الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، رسالة في كلمتها في البوندستاغ الأسبوع الماضي، من دون أن تسميه، إذ قالت: "من يظن أن بإمكانه حل مشاكل العالم من خلال الحمائية والانعزالية فهو يرتكب خطأ فادحا للغاية".

ولم يسلم ترامب أيضا من انتقادات الرئيس الألماني، فرانك فالتر شتاينمير، الذي اعتبر، أمس الاثنين، في حديث له مع عدد من الصحف المحلية في مدينة شتوتغارت، أن "ترامب يفضل عقد الصفقات على معالجة الأزمات"، مبرزا أن "السياسة الخارجية لترامب تمثل لغزا محيرا"، وهو ما يلفت إليه الكثير من المراقبين، الذي يؤكدون أنه "بات واضحا أن ترامب يريد نسف كل الاتفاقات ومذكرات التفاهم التي صاغها الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما". 

في المقابل، يرى خبراء أنه "من الممكن أن يكون هناك توجه لإقناع ترامب بتغيير سياسته والتعديل من نهجه في ظل الأزمات التي يعاني منها العالم"، موضحين أنه "ربما من المفيد تخفيف التوتر وتحسين العلاقات مع أميركا، خاصة أن الأوروبيين لم يظهروا قدرة على العمل بفعالية في مناطق الأزمات، وهم بحاجة إلى القرار والراعي الأميركي، وذلك بعدما أثبتت أوروبا أنها عاجزة عن التصرف في السياسة العالمية من دون توافق مع الولايات المتحدة". 

ويشير المراقبون إلى أن ترامب سيركز على الملف التجاري في وقت تستغل ألمانيا الاتحاد الأوروبي لتعزيز موقعها الاقتصادي، وتشديده على ضرورة أن تدفع الدول الأوروبية ما نسبته 2% من ناتجها القومي الإجمالي لحلف الأطلسي، وهذا من شأنه أن يعكر أجواء القمة، مع استمراره بعملية الاحتجاج والإشارة إلى عزمه "فرض حواجز جمركية ضد الشركاء"، ومن بينهم ألمانيا.

ولا توحي المؤشرات بأن ترامب سيتنازل إطلاقا، بل إنه سيردد، كما العادة، أن "الميزان التجاري مع ألمانيا سلبي للغاية، وهذا سيئ لأميركا، ويجب أن يتغير"، في حين يؤيد محللون كلام الأمين العام للأمم المتحدة الذي اعتبر أنه "في حال انسحاب أميركا من الاتفاقيات الموقعة دوليا، فلا يمكن بعدها التعاطي معها كزعيمة  للعالم".

من جهة أخرى، يرى الخبراء أن اللقاء المتوقع انعقاده على هامش القمة بين الرئيسين الروسي، فلاديمير بوتين، والأميركي ترامب "مهم لإصلاح ذات البين ولمناقشة المسار الذي من الممكن أن تسلكه الصراعات والأزمات المشتعلة في الشرق الأوسط، وقضايا مكافحة الإرهاب والحد من العنف في أوروبا الشرقية، والأزمة مع أوكرانيا، عبر حل الخلافات بالطرق الدبلوماسية".

ميركل تريد أن تكون أكثر واقعية، وهذا ما حددته من خلال تصريحاتها الأخيرة قبيل انعقاد القمة، عبر مطالبتها القادة بأن يبرهنوا عن تحملهم للمسؤولية تجاه العالم، على اعتبار أن العمل والتعاون المشترك يساهم في تسوية المشاكل العالقة، و"هذا أفضل من أن تحل الأمور على المستويات الوطنية"، إنما تبقى الشكوك فيما إذا كان من الممكن في نهاية المطاف وضع بيان ختامي للقمة يتضمن محتوى عمليا يكون له تأثير على المدى الطويل.

وبالإضافة إلى القضايا التقليدية المتعلقة بالمال والاقتصاد التي تناقش في القمة التي تمثل البلدان المشاركة فيها حوالي ثلثي سكان العالم، و80% من الناتج الاقتصادي العالمي، وثلاثة أرباع التجارة العالمية، ستكون التحديات التي تواجه العالم حاضرة، أهمها تغيرالمناخ وملفات إمدادات الطاقة والإرهاب، وملف الهجرة وتحديات الرقمنة، والمفاهيم التي تعزز مكانة المرأة، وأيضا الرعاية وإدارة الازمات الصحية، إلى التنمية الاقتصادية المستدامة في أفريقيا. 

وستشكل المشاركة الواسعة للمنظمات الدولية والرؤساء مناسبة جيدة لوضع إطار عام للتعامل مع تلك القضايا، علما أن قرارات القمة غير ملزمة من الناحية القانونية، ولكنها تعتبر التزاما سياسيا إلى حد كبير. 

وتضم مجموعة الدول الصناعية السبع، وهي الولايات المتحدة واليابان وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وكندا، إلى الدول صاحبة الاقتصادات الكبرى الناشئة، كالصين وروسيا والهند والبرازيل والمكسيك وجنوب أفريقيا والأرجنتين وأستراليا وإندونيسيا والسعودية وكوريا الجنوبية وتركيا. 

 

المساهمون