اجتماعات "تقنية" تُغيب "المفاوضات" في جنيف... وأخرى لـ"توحيد المعارضة"

اجتماعات "تقنية" تُغيب "المفاوضات" في جنيف... وأخرى لـ"توحيد وفد المعارضة" السورية

13 يوليو 2017
الحريري: النظام السوري يرفض العملية السياسية (الائتلاف الوطني)
+ الخط -

"نقاط التقاء مهمة" تقف عندها وجهات نظر منصتي القاهرة وموسكو مع الهيئة العليا للمفاوضات، وهي ما تعول عليه الأخيرة ضمن جهود "توحيد وفد المعارضة" بحسب أحد أعضاء وفدها التفاوضي في "جنيف 7"، الذي يُختتم، غداً الجمعة، قبل أن يدعو المبعوث الأممي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا لجولة، أو جولات، جديدة، وهو الذي "لا يملك خطة" للمفاوضات، باعتقاد كبير وفد مفاوضي الهيئة العليا للمفاوضات، المنبثقة عن مؤتمر الرياض للمعارضة السورية، محمد صبرا.

وعدم توقع أن يخرج المؤتمر الحالي في جنيف بنتائج مهمة، ورد على لسان دي ميستورا، الذي دعا إلى عدم رفع سقف التوقعات من اجتماعات جنيف الحالية، بقوله إنه لا يتوقع حصول "إنجاز كبير في جنيف 7"، وهو المؤتمر التفاوضي الذي فقد بريق الاهتمام الدولي به، مع تعدد جولاته التي قد تبلغ أكثر من 10 بنهاية العام الحالي، من دون أن يفضي إلى نتائج مهمة تبلور خطة الحل السياسي المتعثر، مع نجاح مسارات أخرى لا ترعاها الأمم المتحدة، بالتوصل إلى اتفاقيات هُدن جزئية وإيجاد "مناطق خفض التصعيد".

غير أن تطوراً بارزاً طفا على سطح اجتماعات جنيف الحالية، التي باتت بمثابة اجتماعات تشاورية، وتقريبية لوجهات نظر مختلفة، أكثر من كونها "مفاوضات" بالمعنى الحرفي للكلمة، وهو توحيد المعارضة السورية، متعددة التوجهات، لوفد واحد يمثلها في المفاوضات، بعد أن كان وفد "الهيئة العليا للمفاوضات" يضطلع بمفاوضة النظام في جنيف. ويبدو أن فريق دي ميستورا، يعمل على إيجاد مقاربة بهذا الشأن، ولو أنه "لم يشترط"، حتى أمس الأربعاء، أن "تجتمع المعارضة السورية" ضمن وفد واحد حتى يلتقي بهم، بحسب ما أكد عضو وفد "الهيئة العليا"، أحمد العسراوي. لكن العسراوي الحاضر في اجتماعات جنيف الحالية، أكد، لـ"العربي الجديد"، أمس الأربعاء، أن "الجهود قائمة من أجل توحيد وفد المعارضة"، لكنه بيَّن، في الوقت ذاته، أن هذا الوفد يجب أن يكون متمسكاً بمخرجات بيان "جنيف1"، وبقراري مجلس الأمن 2218 و2254، وأن يوافق وفدا منصتي القاهرة وموسكو "على عملية التغيير الديمقراطي الشامل في سورية". وأوضح العسراوي أن "هناك نقاط التقاء كبيرة (بين وفد الهيئة العليا ومنصتي القاهرة وموسكو) ونحن نركز عليها، والتقينا في لوزان (ضمن اجتماعات بحثت مسائل قانونية ودستورية) في 14 و15 و16 يونيو/حزيران الماضي، وكذلك في 7 و8 يوليو/تموز الحالي، ضمن ورشات ترعاها الأمم المتحدة"، معرباً عن أمله أنه وفي حال "استطعنا توحيد وفد المعارضة، نكون قد حققنا اختراقاً كبيراً على طريق إيجاد حل سياسي في سورية"، لكن "لا أتوقع أن يتم توحيد الوفد في هذه الجولة. بعد هذه الجولة سنتابع عملية التباحث".



وعلمت "العربي الجديد"، أن وفد الهيئة العليا للمفاوضات التقى في جولة جنيف الحالية مع وفدي منصتي القاهرة وموسكو، وجرت زيارات متبادلة بين هذه المكونات، مع تأكيد مصدر معارض في جنيف، لـ"العربي الجديد"، أن أعضاء من وفد "الهيئة العليا" يبدون جهوزية وانفتاحاً وجدية في سبيل توحيد جهود المعارضة السورية، وهو ما تحدث عنه رئيس وفد الهيئة العليا، نصر الحريري، الذي أشار إلى أن "الهيئة العليا للمفاوضات فتحت، منذ عدة أشهر، باب الحوار مع المنصتين، وهذا كان بإرادتها. كذلك أصدرت الهيئة قراراً بأن يتم ضم ممثل واحد عن كل منصة، وهذه الحوارات مستمرة، حتى هذه اللحظة، وفي الفترة الماضية كان هناك تطور، ولقاءات، وبناء مواقف مشتركة، وكان فيها مناقشات مهمة ومفيدة، ولم تنته النقاشات بعد".

وكانت قضية تشكيل وفد واحد يمثل المعارضة السورية في مفاوضات جنيف، أحدثت جدلاً كبيراً في جولات سابقة، إذ لم ترفض "الهيئة العليا" في السابق إدراج شخصيات من المنصتين ضمن وفدها التفاوضي في "جنيف 4"، غير أن توجهات ورؤية المنصتين لمقاربة الحل السياسي في سورية مختلفة عن رؤية الهيئة العليا للمفاوضات، ما دعاهما إلى رفض المشاركة في المفاوضات ضمن وفد "الهيئة العليا". وأبرز أوجه الاختلاف، في أن "الهيئة العليا"، ووفق بيان الرياض في ديسمبر/كانون الأول 2015، تؤكد أنها لا تقبل أي دور لرئيس النظام السوري، بشار الأسد، في المرحلة الانتقالية، بينما تعارض منصتا موسكو والقاهرة رؤية "الهيئة العليا" في ذلك. ومع استمرار المباحثات والنقاشات لإيجاد أرضية مشتركة في إمكانية اجتماع وفود القاهرة وموسكو والهيئة العليا للمفاوضات، فإن نسخة جنيف الحالية، يُعتقد أنها ستنتهي مثلما بدأت، من دون حصول أي خرق في مسار الحل السياسي، حتى أن كبير مفاوضي وفد "الهيئة العليا" رأى أن "الوسيط الدولي (دي ميستورا) لا يملك خطة". وكان صبرا قال، في تغريدات على حسابه الشخصي على "تويتر"، مع بداية "جنيف 7"، إنه ومع بداية هذه الجولة "لن يكون هناك مفاوضات سياسية بل مجرد لقاء تقني. يبدو أن التقني صار بديلاً عن السياسي"، معتبراً أن "بشار (الأسد) هو المشكلة، والحل بمحاكمته كمجرم حرب"، محذراً من "تبسيط القضية السورية"، لأن ذلك "يعني تفتيتها وتمييع جوهرها وتحويلها إلى دردشات أكاديمية حول شكل الدولة المستقبلي". ويتماهى كلامه مع إشارة نصر الحريري، بعد الاجتماع مع دي ميستورا، أمس الأربعاء، إلى أن الوفد قدم تصورات سياسية عديدة للانتقال السياسي، لكن النظام السوري لا يزال يرفض العملية السياسية، مطالباً الأمم المتحدة بالوفاء بالتزاماتها بتطبيق القرارات الدولية المتعلقة بالانتقال السياسي في سورية.

من جهة ثانية، اعتبر وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره البلجيكي، ديدييه ريندرز في بروكسل، أمس الأربعاء، أن "سورية تشهد تغيرات إيجابية بعد التوصل إلى اتفاقات أستانة حول إقامة مناطق خفض التصعيد"، معرباً عن أمله في تعزيز الهدنة". وقال "لقد أقيمت منطقة (خفض التصعيد) في الجنوب الغربي، بمشاركة عسكريين ودبلوماسيين من روسيا والولايات المتحدة والأردن، وقد ساعد ذلك على خفض العنف. ولا يزال نظام وقف إطلاق النار قائماً عموماً منذ الأحد. ونعول على تعزيز هذا التوجه". وأكد "توقيع الاتفاق الخاص بإنشاء مركز مراقبة في الأردن" على الرغم من تصريحات وزارة الخارجية الأميركية على أنه من السابق لأوانه الحديث عن إقامة مركز لمراقبة تنفيذ الاتفاقات حول سورية. واعتبر أن "مفاوضات أستانة أعطت زخماً إيجابياً لعملية التسوية السورية الجارية تحت إشراف الأمم المتحدة في جنيف"، مشيراً إلى أن "المعارضة السورية يجب أن تتخلى عن لغة الإنذارات خلال المفاوضات ومحاولات تغيير النظام في سورية وطرح شروط مسبقة".