يومان على جنيف7: دي ميستورا لا يلتقي بوفد المعارضة

يومان على جنيف7: دي ميستورا لا يلتقي بوفد المعارضة

ريان محمد

avata
ريان محمد
12 يوليو 2017
+ الخط -
يبدو أن طريق مباحثات جنيف الخاصة بسورية لا يزال طويلاً، بعدما كشف مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، أمس الثلاثاء، عن أنه يعتزم إجراء أربع جولات جديدة في جنيف خلال ما تبقى من عام 2017. هكذا سيصل عدد جولات جنيف في نهاية العام، إلى 11 جولة، في حين أن دي ميستورا لم يحدد متى تنتهي تلك الجولات، ما يرجح استمرارها خلال العام المقبل، وسط انطباع سائد بعدم جدواها. وبعد يومين من المحادثات، لم يكن دي ميستورا قد اجتمع بعد بوفد المعارضة السورية، بينما التقى بفريق النظام مرتين، يومي الإثنين والثلاثاء.

وتتمحور المباحثات الجارية في جنيف بنسختها السابعة، حول "وضع جدول زمني ودستور جديد"، وهذا ما كانت الجولة السابقة قد بدأت بنقاشه. ويشكل الدستور إحدى السلال الأربع التي كان دي ميستورا قد طرحها وتم التوافق عليها شفهياً، لبحثها في جنيف، باعتبار أنها من المسائل الأساسية المفضية لحل الأزمة السورية من وجهة نظره.

وقال دي ميستورا، في مقابلة مع وكالة الإعلام الروسية "سبوتنيك"، نشرت أمس الثلاثاء، إنه "يعتزم إجراء 4 جولات تفاوضية أخرى بشأن سورية هذه السنة"، معرباً عن أمله في أنْ تدخل سورية مرحلة جديدة نهاية العام الحالي". وأضاف "ننوي أن نضمن أن يكون العمل الذي نجريه هنا في جنيف هو عمل تحضيري للوقت المناسب، الذي سنتمكن أخيراً فيه من القول فعلياً إنه لدينا الآن مؤتمر سلام في جنيف". وتابع "سنستكمل عملنا في أغسطس/آب، وسبتمبر/أيلول، وربما في أكتوبر/تشرين الأول، وحتى في نوفمبر/تشرين الثاني، لأننا نأمل بنهاية العام أن تكون لدينا صورة مختلفة في سورية". وأوضح المبعوث الأممي أن "النقاشات الحالية تدور حول الجدول الزمني والعملي لوضع الدستور وليس عن مضمونه". وقال إن "الأكراد جزء أساسي من المجتمع السوري، وبرأيي يجب أن تكون لديهم كلمة بما سيكون عليه الدستور في المستقبل، سواء كان دستوراً جديداً أم إصلاحات للدستور الحالي".

وتابع دي ميستورا أنه "في الوقت الحالي، هناك نقاشات حول جدول وعملية وضع الدستور الجديد وليس عن شكل الدستور بحد ذاته". وقال إنه "عندما يحين الوقت سيكون من الصعب جداً تجاهل الصوت والرأي الكردي السوري". وذكر أنه "حين يبدأ السوريون بمناقشة مستقبل دستورهم فيما بينهم، سيكون حينها واجباً شمل جميع أطياف الشعب السوري في النقاش"، ويجب عدم تجاهل الأكراد السوريين والسماح لممثليهم بالمشاركة في وضع دستور جديد للبلاد. وكان دبلوماسيون غربيون قد أفادوا بأن الأمم المتحدة استضافت جولتين من المحادثات التقنية بشأن الدستور مع جماعات معارضة سورية مختلفة في لوزان، خلال الأسابيع القليلة الماضية.


ورأى مراقبون أن مباحثات جنيف تحولت إلى منصة لشرعنة الاتفاقات الدولية، بدءاً من الاجتماعات التي تتم في أستانة، إلى الاتفاق الأميركي-الروسي حول المنطقة الجنوبية واعتبارها ضمن مناطق "تخفيف التصعيد"، والتي سبق إعلانها على هامش قمة "مجموعة العشرين" في مدينة هامبورغ بألمانيا، إثر مباحثات معمقة في العاصمة الأردنية في شأنها، لم تكن إسرائيل بعيدة عنها. وكانت الحكومة الأردنية قد أعلنت، الجمعة الماضية، عن توصل الولايات المتحدة وروسيا والأردن إلى اتفاق يدعم وقف إطلاق النار بين قوات النظام والمعارضة السورية، في محافظات درعا والقنيطرة والسويداء جنوب غربي سورية. ولاقى اتفاق الهدنة في جنوب سورية الترحيب على المستوى الدولي إضافة إلى دي ميستورا، في حين تمنّت المعارضة السورية تعميم هذه الهدنة على مختلف المناطق السورية، للتخفيف من القصف والدمار والموت الذي يلاحق السوريين من جهة، ومن جهة أخرى التخلص من الخطر الإيراني والمليشيات الطائفية المقاتلة في سورية. ويبدو أن روسيا ستواجه صعوبة في إلزام إيران باتفاقها مع الأميركيين، فهي من جهة حليف استراتيجي في المنطقة وقوة فاعلة على الأرض السورية، ومن جهة ثانية إبعادها عن مناطق تخفيف التصعيد في جنوب سورية يشكل أحد الأسس التي تتمسك بها أميركا وحلفاؤها الإقليميون.

وقالت نائب رئيس الوفد التفاوضي المعارض في جنيف، أليس مفرج، في حديث مع "العربي الجديد"، إن وفد المعارضة لم يلتق مع دي ميستورا، يومي الإثنين والثلاثاء، لكنه من المتوقع أن يلتقي معه اليوم الأربعاء. وذكرت أن سبب لقاء دي ميستورا بوفد النظام وعدم لقائه مع وفد المعارضة، يعود إلى عدم التزام وفد النظام بالجلسات التقنية التي التزم بها وفد المعارضة، وفق تعبيرها. وأضافت "نحن بحاجة إلى موقف من النظام، وألا تبقى المفاوضات مع المجتمع الدولي، فالمعارضة متفقة فيما بينها، لكن النظام لا يتقبل فكرة المفاوضات، لأنها بحد ذاتها إنهاء لمستقبله السياسي في سورية، لذلك هو يقوم بالسياسة التعطيلية ويرفض اللقاءات التقنية".

وعن موضوع دمج المنصات الأخرى مع الوفد التفاوضي، قالت مفرج إن الجلسات والحوارات مع منصتي القاهرة وموسكو مستمرة ولكن حتى الآن، لا يمكن أن نجزم في ما إذا كان سيتم توحيد هذا الوفد، والذهاب باتجاه مفاوضات مباشرة مع النظام. وأضافت أنه كان هناك في لوزان لقاءات تقنية مع باقي المنصات وليس ضمن لقاء جنيف الرسمي، حول السلال الأربع، للوصول إلى الحد الأدنى من المشتركات باتجاه الوصول إلى وفد واحد وليس موحداً. وقالت "نحن إلى الآن نجحنا في الوصول إلى تفاهمات مشتركة وليس إلى اتفاق، فمن الضرورة بمكان أن يكون لدينا توافق حول الانتقال السياسي الذي يشكل جوهر العملية التفاوضية"، وفق تعبير مفرج.

ولفتت نائب رئيس الوفد التفاوضي إلى أن "المعارضة مصرة على جنيف بعد فشل أستانة، وأن المجتمع الدولي، بعد الاتفاق الروسي الأميركي الذي بدأت تظهر بوادره في الجنوب السوري، متفق على تسيير جنيف تحت مظلة القرارات الدولية، ونحن بالأصل لم نتنازل عن جنيف وكل أنظار المجتمع الدولي الآن، تتجه إلى جنيف". وبينت "أن الهيئة العليا للمفاوضات ستصدر بياناً موجهاً للشعب السوري، ستفصّل فيه تطورات مفاوضات جنيف، كما أنه سيوضح موقف المعارضة للمجتمع الدولي"، وفق قولها.

من جانبه، اعتبر الباحث في الشؤون السياسية، أحمد غنّام، أن جولة المباحثات المُنعقدة في جنيف حالياً ليست أكثر من "ملء فراغ سياسي". وقال لـ"العربي الجديد" إن "الدعوة إلى هذه الجولة جاءت بغية القول إن هناك استمرارية غير منقطعة لإيجاد مخرج للأزمة في سورية عبر هذه المباحثات". وأضاف أن مباحثات أستانة هي الأكثر جدوى من الناحية العملية حالياً، وتحاول أن تكون بديلاً عن جنيف، وذلك بسبب أن الاستحقاقات التي يتم تنفيذها على الأرض من خلال مباحثات أستانة، أقوى بكثير من المباحثات التي يتم تنفيذها على الأرض من خلال مباحثات جنيف، وفق تعبيره. وأوضح أن سبب قوّة مخرجات مباحثات أستانة، تعود إلى وجود إرادة روسيا لإيجاد بدائل في الحل السياسي عن جنيف، لذلك فإن مباحثات جنيف الحالية لن تثمر عن أي نتيجة، لافتاً إلى وجود سباق بين مباحثات جنيف ومباحثات أستانة التي تُعتبر الأكثر واقعية من الناحية العملية، وتتقدّم بخطوات أسرع على الأرض السورية، وفق اعتقاد غنّام.

وعزا غنّام السبب في عدم وجود مخرجات قوية عن مباحثات جنيف، إلى أن روسيا لا ترى فيه استحقاقاً يحقّق أهدافها السياسية والاستراتيجية على الأرض السورية، لأنه يدعو صراحةً إلى "حكومة انتقالية بكافة الصلاحيات"، أي عدم وجود بشار الأسد في السلطة. وتابع أن مباحثات أستانة تدعو إلى إنشاء مناطق تهدئة تهدف إلى خفض التوتّر ووضع آليات للمصالحة ومن ثم دفع الجميع إلى حل سياسي، مؤكداً أن هذا السيناريو يصب أكثر في سياق الرؤية الروسية-الإيرانية التي تحقّق تقدماً في سورية، على حد وصفه. وتابع أن الولايات المتحدة لا تمارس أي ضغوط سياسية أو عسكرية تهدف إلى دفع الأطراف لتحقيق تقدم في مباحثات جنيف، وبالتالي فإن هذه المباحثات لن تؤدّي لأي حل، وفق تقديره.

وعن تراجع الدور الأميركي، أجاب غنّام بأن الدور الروسي حقّق تقدّماً في سورية، وأنّ الولايات المتحدة سلمت الملف السوري إلى روسيا، لعدة أسباب، يأتي على رأسها ضعف النظام السوري وإمكانية إبرام الاتفاقات بين موسكو وواشنطن من دون العودة إليه، إضافةً إلى أن الولايات المتحدة تقدم "رعاية منقوصة" للحل السوري في جنيف، لأنها ترى أن الأزمة السورية ليست ملفاً استراتيجياً بالنسبة لها، وأنّها قضية ثانوية، لذلك فإنها أبرمت اتفاق الجنوب لحفظ أمن إسرائيل، ثم تابعت في ملف مناطق التهدئة، الذي يحتوي على مصالح للدول الإقليمية، ومصالح أقل بالنسبة للشعب السوري، وفق قول الباحث.

وأشار الباحث إلى أن الولايات المتحدة لا تضغط في جنيف على مسار أستانة، لأن روسيا تمكّنت من الساحة السورية، ولديها قدرات عسكرية كبيرة في حين أن الولايات المتحدة ليست مستعدّة للاشتباك مع روسيا لأنها ترى أن سورية لا تمثّل أي بُعد استراتيجي بالنسبة لها، وتعتبرها أمراً يؤثّر فقط في الرأي العام الأميركي، الذي يرى أن إدارتي الرئيس الحالي دونالد ترامب، وسلفه باراك أوباما، لم تحققا أي تقدم بهذا الملف. وأكد أن الأداء الأميركي يظهر أن الولايات المتحدة غير معنية إطلاقاً بما يجري في سورية، وليست مستعدّة لتقديم أي تنازل فيها لأن ذلك سيفرض عليها تقديم تنازلات في ملفات أخرى، ومنها ملف الطاقة والأزمة الأوكرانية، لا سيما مع تصاعد الدور الروسي وعدم تنازله بوجه التفرد الأميركي. وختم غنّام كلامه قائلاً إن سورية باتت رهينة بيد الروس والإيرانيين وأن الولايات المتّحدة باتت تدرك هذا الأمر تماماً.



ذات صلة

الصورة

سياسة

شن جيش الاحتلال الإسرائيلي غارات جوية عنيفة استهدفت كتيبة عسكرية ومستودعات أسلحة في محيط مطار حلب الدولي، ما أسفر عن سقوط 42 قتيلاً.
الصورة
توماس غرينفيلد في مجلس الأمن، أكتوبر الماضي (بريان سميث/فرانس برس)

سياسة

منذ لحظة صدور قرار مجلس الأمن الذي يطالب بوقف النار في غزة سعت الإدارة الأميركية إلى إفراغه من صفته القانونية الملزمة، لكنها فتحت الباب للكثير من الجدل.
الصورة

سياسة

كشفت مقررة الأمم المتحدة للأراضي الفلسطينية، فرانشيسكا ألبانيز، اليوم الأربعاء، أنها تلقت تهديدات عديدة خلال عملها على إعداد تقريرها بشأن قطاع غزة.
الصورة

سياسة

وصف يسرائيل كاتس الأمم المتحدة بأنها "منظمة معادية للسامية وإسرائيل"، بعد أن دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إلى وقف لإطلاق النار