الطموحات الإيرانية بعد وصول "الحشد" إلى الحدود السورية

الطموحات الإيرانية بعد وصول "الحشد" إلى الحدود السورية

31 مايو 2017
"الحشد الشعبي" ينوي فتح معركة القائم (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

وصلت قوات من مليشيا "الحشد الشعبي" التي يديرها الحرس الثوري الإيراني، قبل أيام إلى الحدود السورية العراقية، في تطوّرٍ جديدٍ قد يعطي الصراع الدائر في سورية مساراً جديداً، يضمن وجود إيران وتقديم الدعم لحليفها رئيس النظام السوري بشار الأسد، في وقتٍ تتضارب فيها المصالح بين القوى المتصارعة، التي تحاول تقاسم تركة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) بغضّ النظر عن الحدود، بعد تهاويه بشكلٍ كبير في المنطقة.

في هذا السياق، كانت قوات "الحشد الشعبي"، قد أعلنت منذ أيام سيطرتها على قرية أم الديبان، غرب الموصل، التي تتبع لمنطقة البعاج الحدودية مع سورية من طرف الحسكة، التي تسيطر عليها مليشيا "وحدات حماية الشعب" الكردية. وكان زعيم "الحشد الشعبي" هادي العامري، قد نوّه إلى انطلاق المعركة في قضاء القائم، بهدف توسيع السيطرة على الحدود، في وقتٍ تحاول فيه قوات النظام ومليشيات أخرى تابعة لإيران التقدّم من جهة سورية نحو قاعدة التنف الحدودية.

غير أن هذه الخطط تتعارض تماماً مع خطط الولايات المتحدة التي ترغب في السيطرة على جزء من هذه الحدود بعد تسليمها لعشائر الأنبار، وكذلك الأكراد الساعين إلى تثبيت السيطرة على الجزء الخاص بمعبر اليعربية ـ ربيعة، لضمان التحرّك في مناطق الإدارة الذاتية. الأمر الذي يفتح الباب على سيناريوهات عدة للمرحلة المقبلة حول كيفية تعاطي "وحدات حماية الشعب" الكردية مع "الحشد الشعبي" في حال قررت الأخيرة التوغّل داخل الأراضي السورية، انطلاقاً من مناطق سيطرتها.

في هذا الصدد، قال مستشار عسكري في "قوات سورية الديمقراطية" لـ"العربي الجديد"، حول تعاطي قواته مع "الحشد الشعبي" في حال قررت محاربة "داعش" داخل الأراضي السورية، إن "الحشد الشعبي يقاتل في العراق فقط".

بدوره، اعتبر المتحدث باسم القيادة العسكرية العليا للجيش السوري الحر العقيد أحمد حمادة، في حديثٍ لـ "العربي الجديد"، أن "الحشد الشعبي له أجندة كبيرة في سورية تحت عباءة التحالف وعباءة محاربة تنظيم داعش، ولكن ولاءهم الأساسي مذهبي وطائفي تحت قيادة إيران، التي صعّدت بشكلٍ كبير وحشدت كلّ قواتها في العراق وسورية، لعمل لقاء بينهم في منطقة القائم أو التنف".

وأضاف حمادة، أن "النظام والمليشيات التابعة لإيران، بدأوا العمل بشكل مكثّف على ثلاثة محاور من داخل سورية، الأول من محور شمال شرق محافظة السويداء، والثاني من محور شرق حمص، والثالث من محور ظاظا ـ سبع بيار في البادية السورية. وذلك بهدف ضمان الوصول إلى الحدود من أحد هذه الطرق"، مؤكّداً أن "النظام السوري والمليشيات الموالية له تحرّكت نحو الحدود، منذ أن اقتربت قوات مليشيا الحشد الشعبي من الحدود السورية العراقية".



وعن قدرة المعارضة على القيام بأمر ما في ظل هذا الضغط الكبير من المليشيات الموالية لإيران، أشار حمادة، إلى أن "اتفاق مناطق تخفيف التوتّر أدى لإسكات الفصائل واتجاه قوات النظام الفائضة إلى الحدود السورية العراقية، التي يعتبرها النظام معركةً لا تختلف عن معركة المناطق الهامة داخل البلاد، وذلك بسبب الدعم الكبير الذي سوف يتلقاه النظام فيما لو تم فتح ممر بين دمشق وطهران".

وبيّن أن "لفصائل المعارضة الموجودة في قاعدة التنف حساباتٍ أخرى، لأن الولايات المتحدة كانت قد رمت سابقاً منشوراتٍ حذّرت فيها قوات النظام والمليشيات الموالية له من الاقتراب، وخلال اقتراب النظام تم ضربهم من قبل الطائرات الأميركية. وعلى هذا الأساس فإن فصائل المعارضة الموجودة داخل التنف والمدعومة من الولايات المتحدة، لن تكون لقمة سهلة لقوات النظام أو المليشيات المرافقة لها".

وعن الموقف الأميركي إزاء هذه التطورات، ولا سيما وصول "الحشد الشعبي" للمناطق الحدودية السورية، أوضح حمادة أن "رد فعل الولايات المتحدة غير واضح حتى الآن، والدور الأميركي لم يظهر بعد". لكنه أشار إلى أن "الولايات المتحدة لن يكون لها أي مصالح فيما يخص بالاتصال بين المليشيات التابعة لإيران في العراق وسورية".

أما في حال نجاح إيران بفتح طريقٍ لها بين سورية والعراق، فبحسب حمادة: "هناك شركات عراقية تنتظر هذا الطريق لتقوم بتأهيله ووضعه في خدمة أجندة إيران نحو دمشق وعمان ومناطق أخرى إلى العاصمة اللبنانية بيروت، حيث يوجد الحليف الرئيسي لإيران، أي حزب الله".

من جهته اعتبر الخبير في الشؤون الإيرانية نبيل العتوم، أن "قوات الحشد الشعبي تسعى منذ فترة طويلة للوصول إلى الحدود الإقليمية، خصوصاً الحدود السورية"، مبيّناً في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، بأن "وصولهم إلى الحدود سيشكل تهديداً كبيراً وخطراً لدول عدة في المنطقة بحجة إغلاق هذه الحدود في وجه الإرهاب".



وأضاف العتوم أن "إعلان العبادي أن الحشد لن يتراجع عن أهدافه، ومنحه مهمة الحفاظ على الحدود العراقية بدلاً من توكيل هذه المهمة للجيش العراقي، يؤكد أن إيران تسعى للانطلاق إلى فرض سيطرتها على المنطقة الحدودية وربط مليشياتها بين العراق وسورية، وذلك في إطار رحلة العبور إلى البحر المتوسط". واعتبر أن "التوجّه نحو ربط الحدود العراقية والسورية من قبل إيران، يعطي أربعة مؤشرات سياسية وعسكرية في المنطقة".

المؤشر الأول وفقاً للعتوم، هو "نوايا إيران للدخول من باب محاربة الإرهاب إلى سورية عبر الحدود العراقية للوصول إلى البحر المتوسط، وذلك من خلال التسويق للحشد الشعبي وإعطاء فكرة أن هذا الحشد ليس محلياً وإنما قوة إقليمية تريد إيران تصديرها للمنطقة لتنفيذ أهدافها".

المؤشر الثاني، هو "عدم قدرة إيران على زج مزيد من القوات لتغيير دعم النظام السوري، نتيجة الخسائر التي تكبدتها في المعارك على الجبهات السورية، والتي انعكست على البيئة الإيرانية التي بدأت بدورها تتساءل عن أسباب توريط إيران لأرواح أبنائها في معركة خاسرة في سورية. وهو ما رجح كفّة الإصلاحيين في الانتخابات الإيرانية مع إعلان الرئيس السابق، محمود أحمدي نجاد أن على إيران أن تسحب قواتها بشكل متدرج".

المؤشّر الثالث، هو "فكرة الربط بين العواصم الأربع (طهران ـ بغداد ـ دمشق ـ بيروت)، وهو ما يُسمّى بالخطر البري، والذي يحتاج إلى وجود قوات تحافظ عليه لكونه خط إمداد استراتيجي ومهم للدعم اللوجيستي والعسكري للنظام السوري وحزب الله اللبناني على حدٍ سواء".

المؤشر الرابع، بحسب العتوم، هو "وصول الحشد الشعبي إلى الحدود السورية، وتوفير بدائل لإيران في سورية. لا سيما من خلال الرغبة الأميركية في إدراج الحرس الثوري الإيراني على لائحة المنظمات الإرهابية، ما يحتم على إيران أن تجد بديلاً عن الحرس الثوري، تزامناً مع إبعاد إيران لاحتمال الانسحاب المبكّر من سورية. لذلك فإن وجود الحشد كقوات على الأرض سيجعله كبش الفداء لأي صراع بين الولايات المتحدة وإيران، وهو ما ينصب في جانب السياسة الإيرانية التي تقوم على فكرة أن تخوض حروبها بالوكالة وعلى أراضٍ خارج أرضها".

المساهمون