تشكيك في روايات الداخلية المصرية حول التصفيات والاعتقالات

تشكيك في روايات الداخلية المصرية حول التصفيات والاعتقالات

27 ابريل 2017
تواجه الأجهزة الأمنية نقصاً في المعلومات (فرانس برس)
+ الخط -
تعزز هوية الشبان الذين أعلنت وزارة الداخلية المصرية عن تصفيتهم أو القبض عليهم في مداهمة مزارع ووحدات سكنية في محافظتي دمياط والبحيرة، من الشكوك في صحة رواية الداخلية حول تورطهم في أحداث عنف في مصر. وأعلنت الداخلية على مدار الأسبوعين الماضيين، تمكنها من تصفية واعتقال عدد من المتورطين في حوادث إرهابية بعضها يرتبط بتفجير كنيستي مارجرجس في محافظة الغربية ومارمرقس بمحافظة الإسكندرية. إلا أن مصادر خاصة كشفت لـ"العربي الجديد"، حقيقة المداهمات التي نفذتها قوات الأمن خلال الأسبوعين الماضيين لمزارع ووحدات سكنية في محافظتي البحيرة ودمياط، ومقتل عدد من قاطنيها، بدعوى تورطهم وضلوعهم في عمليات إرهابية استهدفت قوات الأمن.


وقالت المصادر لـ"العربي الجديد"، إن رواية الداخلية ليست صحيحة، إذ إن أغلب المقبوض عليهم أو تعرضوا للقتل خارج إطار القانون ليسوا أعضاء في جماعات مسلحة بما في ذلك تنظيم "داعش". ووفقاً للمصادر، فإن بعض من تعرضوا للتصفية الجسدية ليسوا أعضاء في تنظيم "داعش" بعكس روايات شبه رسمية للأجهزة الأمنية، ولا علاقة لهم باستهداف كنيستي مارجرجس في محافظة الغربية، والمرقسية في محافظة الإسكندرية.

وأوضحت المصادر أن هؤلاء الشباب مجرد مناصرين لتنظيم "داعش"، وبعضهم له نشاط على مواقع التواصل الاجتماعي ويكتب بأسماء مستعارة، ويرجح الوصول إليهم عن طريق تتبع حساباتهم الشخصية. وأشارت إلى أن أحد المقتولين في محافظة دمياط ويدعى السيد السيد غازي كحلة (32 عاماً)، من أنصار تنظيم "داعش" وليس عضواً فيه ولا يشارك في أي أعمال قتالية ولا أعمال مسلحة. واتهمت وزارة الداخلية كحلة بالتورط في زرع عبوة ناسفة في رأس البر منذ أسبوعين، وقامت بمداهمة محل إقامته. وأشارت المصادر نفسها إلى أن كحلة كان يستخدم اسماً مستعاراً للكتابة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت اسم "شهاب ثاقب"، وكتب مقالات عدة نشرتها معرّفات مناصرة للتنظيم المسلح.

ولم تستبعد المصادر أن يكون أغلب المقبوض عليهم من الشباب المطارَد من قوات الأمن، وتركوا محافظاتهم وانتقلوا إلى أماكن أخرى هرباً من أجهزة الأمن. وذكّرت المصادر بأن وزارة الداخلية أعلنت من قبل عن تصفية شبان في مداهمات مماثلة ولم يكونوا على علاقة بتنظيم "داعش" تنظيمياً، لكنهم كانوا معارضين للعنف من جانب قوات الأمن تجاه رافضي الانقلاب. من جهته، قال الخبير الأمني، العميد محمود قطري، إن القبض على شبان ليس لهم علاقة بتنظيم "داعش" لا يساعد في القبض على العناصر المسلحة، وهو ما يسهم في تزايد العنف. وأضاف قطري، في حديث مع "العربي الجديد"، أن الأجهزة الأمنية تعاني نقصاً في المعلومات، ولذلك فإن خطط واستراتيجية مكافحة الإرهاب تكون خاطئة بالطبع، وتهدر فرص القبض على الجناة الحقيقيين. ولفت إلى أن أهم ركن في مكافحة الإرهاب هو المعلومات ومن دونها تعتبر جهود القبض على المسلحين عشوائية ولا تكون مجدية مطلقاً، والدليل تتابع العمليات الإرهابية على الكنائس والأديرة. وأشار إلى ضرورة الابتعاد عن فكرة تحقيق مكاسب فورية من خلال الإعلان عن مداهمة بؤر للعناصر المسلحة، على حساب المنهج العلمي في تتبع الجريمة المنظمة.

ورأى الخبير الأمني أن العناصر المسلحة تسبق دائماً قوات الأمن بخطوة أو خطوتين على الأقل، ودور أجهزة الأمن ليس تتبع الجناة ولكن منْع وقوع الجريمة والهجوم الإرهابي من الأساس. وتعجّب من سرعة إعلان أسماء المتورطين في تفجير كنيستي الغربية والإسكندرية، في حين حصل أحدهم على براءة من قبل النيابة العامة في محافظة البحر الأحمر، وقام اثنان آخران بتسليم نفسيهما للشرطة، وهو مؤشر على عدم تورطهم في أي أعمال عنف. وشدد قطري على أن أسلوب التصفيات الجسدية لا يتيح فرصة لمعرفة خيوط الخلايا الإرهابية إذا صح أن المتهمين من العناصر المتورطة في العنف، بل يجب الحرص على حياتهم لانتزاع اعترافات دقيقة حول أسلوب وأفراد العناصر الإرهابية، بما يتيح تفكيك تلك الخلايا.

من جهته، قال خبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية إن الخلط الذي تنتهجه الأجهزة الأمنية بين العناصر المسلحة المنتمية لتنظيم "داعش" والتي تعمل في وادي ودلتا النيل، وبين الشباب المعارض للنظام الحالي، أمر ينطوي على أزمة شديدة في سبيل القضاء على الإرهاب. وأضاف الخبير السياسي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن براءة أحد المتهمين في تفجير كنيستي الغربية والإسكندرية في محافظة البحر الأحمر، يشكك تماماً في تحريات الأجهزة الأمنية حول المتورطين في التفجيرات. ولفت إلى أن وزارة الداخلية تعتمد على أسلوب تخفيف الضغط عليها لناحية وجود تقصير أمني فادح، حتى لو أدى هذا إلى توريط أشخاص أبرياء وتعريضهم وأسرهم للخطر أمام غضب شعبي من هذه الأعمال الإرهابية. كما أشار إلى أن تصرفات الداخلية، بخلاف فقدان مصداقيتها، لا تؤدي فعلياً للقضاء على الإرهاب، بما قد يطيل أمد الصراع مع هذه الجماعات المسلحة. 

المساهمون