محسن رهامي لـ"العربي الجديد": الإصلاحيون سيدعمون روحاني في الانتخابات

محسن رهامي لـ"العربي الجديد": الإصلاحيون سيدعمون روحاني في الانتخابات

25 ابريل 2017
نتطلع لحوار مع زعماء المنطقة (العربي الجديد)
+ الخط -


كان عضو مجلس السياسات العليا للإصلاحيين ورجل الدين محسن رهامي، من الإصلاحيين الإيرانيين القلائل الذين قرروا تمثيل تيارهم في الانتخابات الرئاسية الإيرانية، منفصلاً عن "تيار الاعتدال" المتمثل بالرئيس الحالي حسن روحاني، فرشح نفسه للانتخابات التي ستجري في 19 مايو/أيار المقبل. إلا أنه وقبل ساعات قليلة من الإعلان عن أسماء المرشحين الستة الذين منحتهم لجنة صيانة الدستور أهلية الترشح، أعلن انسحابه، مؤكداً في حوار مع "العربي الجديد" أن الإصلاحيين بمجملهم قرروا دعم ترشح روحاني، وهي الاستراتيجية نفسها التي اضطر هؤلاء لاتباعها قبل أربع سنوات من الآن.


ما رأيكم بقرار لجنة صيانة الدستور التي سمحت لثلاثة محافظين وثلاثة معتدلين بالترشح رسمياً؟
لقد كنت متأكداً من حصول الرئيس الحالي حسن روحاني على أهلية الترشح من قِبل صيانة الدستور وهو الخيار الأنسب والمدعوم من قِبل الإصلاحيين حالياً، ولهذا أعلنتُ الانسحاب لصالحه، وعلينا كإصلاحيين أن نحافظ على وحدتنا وانسجامنا، وأن نهيئ الظروف اللازمة لنضمن دعم روحاني في الرئاسيات.

ما هي السياسة التي ستتبعونها كإصلاحيين على الرغم من غيابكم بشكل حقيقي عن ساحة التنافس؟

الإصلاحيون سيدعمون روحاني عملياً وسنعمل على حشد جمهورنا لتأييده، ونأمل في حال فوزه بدورة رئاسية ثانية أن تقوم حكومته بتقوية الخطاب الإصلاحي القائم على الحوار، وهو ما يحقق الأمن والاستقرار في إيران والمنطقة.

لماذا قررت الترشح لهذه الانتخابات على الرغم من أن رئيس مجلس السياسات العليا للإصلاحيين والمرشح الرئاسي السابق محمد رضا عارف كان قد أعلن مسبقاً عن عدم وجود نوايا لدى الإصلاحيين للترشح منفصلين عن روحاني؟
التيار الاصلاحي الذي يضم اليوم أحزاباً عدة، حاضر في إيران منذ قيام ثورتها الإسلامية، ولطالما كان يمثّل خط اليسار الذي يقابل الخط المحافظ، وحضورنا كان مهماً للتيار نفسه. لقد عقدت اجتماعات عدة مع مسؤولين كبار ورموز إصلاحية، ورجح هؤلاء أن يمثّل البعض هذا التيار. أما خلال الانتخابات الماضية قبل أربع سنوات فقد اتّبعنا خطة استراتيجية، إذ اتحد الإصلاحيون والمعتدلون في النهائيات وانسحب عارف لصالح روحاني، وهذا الأخير لم يعرّف نفسه كإصلاحي وإنما كمعتدل وسطي. إلا أن حضورنا في المشهد يعني إيصال مطالب الإصلاحيين بشكل أوضح، فالمنطقة تتعرض لظروف حساسة وإيران ليست بعيدة عما يحصل فيها، نحن كإصلاحيين نؤيد الخطاب المنفتح القائم على التعاون، وهو الخطاب الذي سندعمه.

هل نستطيع أن نلمس وجود خلاف بين الإصلاحيين أنفسهم في هذه الحالة؟ أم أنكم شعرتم بخطر المحافظين على الاعتدال والإصلاح معاً فقررتم مساعدة روحاني؟
لا يوجد خلاف بالمعنى الحقيقي لهذه الكلمة، لكن من الطبيعي أن يكون بين أعضاء التيار نفسه اختلاف في وجهات النظر، الأمر ذاته حصل في انتخابات عام 2013، وبقي عارف حتى النهاية إلى أن انسحب لصالح روحاني، وهذا كان لمصلحة التيار برمته، فوصل شخص حليف للرئاسة بينما كان من الممكن أن يخرج كلاهما من السباق. في الوقت الحاضر تطلّب الأمر أن يتقدّم بعضنا للسباق لنؤكد أن التيار حي.

ما مطالبكم كإصلاحيين في الوقت الراهن؟
حين ترشحت أكدت أهمية الحوار الداخلي والتواصل مع الخارج، الإصلاحيون يحتاجون كذلك لإحياء خطابهم وتحقيق إصلاحات حقيقية في البلاد، فضلاً عن الاهتمام ببعض المسائل الاقتصادية، الأهم هو أن تعمل الحكومة المقبلة على تطوير علاقاتها مع الآخرين، وتسهل استمرار الحوار بين الإصلاحيين والفاعلين في النظام. أعتقد ان لدى الجميع مصلحة أهم من مصلحة الإصلاحيين وحسب، وهو ما يجب أن يصب لصالح إيران ككل، وموقعها في العالم الإسلامي وعلاقاتها، لذا تجب تهيئة أرضية لتقارب وانسجام داخلي أولاً.

استراتيجيتكم هذه سبق أن اعتمدتموها، وكان جلياً أن الاتحاد مع طيف روحاني قبل أربعة أعوام وخلال الانتخابات التشريعية العام الماضي يهدف لعودتكم تدريجياً إلى ساحة العمل السياسي بعد غيابكم وإقصائكم عنها عقب احتجاجات عام 2009، هل كان روحاني منصفاً مع الإصلاح؟

الإصلاحيون لم يتفقوا مع روحاني على صيغة ائتلاف حزبي ليحصل على الدعم مقابل أن نحصل على حصص في المناصب، الأمر لم يكن على هذه الصيغة، وربما يجب أن نأسف على هذا الأمر، الإصلاحيون غابوا عن المشهد وابتعدوا عن دوائر صنع القرار الداخلية خلال السنوات الأخيرة، وهذا ما أدى لضعف الخطاب الإصلاحي. لكن في ما يتعلق بالسياسة الخارجية، فقد استطاعت حكومة روحاني أن تحمل خطاباً يشبه ذاك الإصلاحي، وإنما داخلياً كانت الأمور مختلفة نوعاً ما.



هناك إصلاحيون كثر انتقدوا صراحة روحاني ورأوا أنه تخلى عن التيار ولم يعط مناصب هامة للإصلاحيين الحقيقيين لذا طالبوا بالحضور منفصلين هذه المرة وهو ما لم يتحقق، فما رأيك؟

نعم، توقّع إصلاحيون كثر أن تُعطى مساحة أكبر للخطاب الإصلاحي، وخصوصاً في الساحات الثقافية والعلمية والجامعية، كان من المتوقع أن يتم الترويج لخطاب أكثر انفتاحاً وهو ما لم يحصل في الحقيقة.

في ما يتعلق بالاستحقاق المرتقب، يبدو أن المحافظين قد جهزوا أنفسهم لسباق شرس، فاتفقوا على خطة عمل وباتوا يركزون على الشعارات الاقتصادية، بينما هذا الشيء لم ينطبق على الإصلاحيين والمعتدلين حتى فترة قريبة، فهل لديكم خطة للمواجهة؟
لدى المحافظين ثلاثة مرشحين الآن ومن المفترض أن يُجمعوا على شخص في النهاية، لكننا كإصلاحيين ندعو لمواجهة قوية وللتركيز على التنمية الاقتصادية، إنما الترويج للخطاب الإصلاحي الذي يقوم على إصلاح المشاكل الاجتماعية بالأساس سيحل قضايا الاقتصاد بالنتيجة، هذا ما على المعتدلين فعله الآن.

ما رأيكم بترشح الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد؟
الانتقادات لأحمدي نجاد زادت بسبب سياساته خلال الدورة الرئاسية الثانية بالذات، وانتهى أمره بعد أن نصحه المرشد الأعلى علي خامنئي بعدم الترشح، وخالف النصيحة، وهو ما يعني أنه تعدى خطاً هاماً، ورفضه من قبل صيانة الدستور كان متوقعاً. لا يتعلق الأمر بنصيحة المرشد وحسب، وإنما بسياسات الدائرة المقربة منه والملفات القضائية المرتبطة بهم جميعاً.

قبل أيام عقدت اجتماعاً مغلقاً مع المرشد الأعلى بحضور وكيل حزب "اعتماد ملي" رسول منتجب نيا، ما أبرز نقاط الاجتماع؟ وهل ناقشتم مسألة إلغاء الإقامة الجبرية عن زعيمي "الحركة الخضراء" مير حسين موسوي ومهدي كروبي؟
نعم، لقد عقدنا اجتماعاً لم تحضره وسائل الإعلام ولا يمكن الإعلان عن نتائجه في الوقت الراهن، ولكننا ناقشنا ملف الإقامة الجبرية وأوصلنا للمرشد الأعلى وجهات نظرنا كإصلاحيين حول بعض قضايا البلاد وحول علاقات الإصلاحيين بالنظام وبصنّاع القرار في السلطات العليا. أعتقد أن عقد حوارات من هذا القبيل يستطيع أن يحل العديد من المشاكل ويرمم العلاقات مع الإصلاحيين في الفترة المقبلة.

الرئيس روحاني وعد في السابق أن يحل مسألة الإقامة الجبرية. هل تعتقد أنه بذل ما بوسعه، وهل يُعدّ الأمر بالأساس من صلاحياته؟
هذا الموضوع هو جزء من قضايا عدة مرتبطة ببعضها، لا يمكن حله لوحده من دون حل بقية النقاط. لا يمكنني الحكم على روحاني وحده، لكن المسألة تحتاج وقتاً وسعياً جاداً، كما أنها غير مرتبطة بالرئيس وحده، فهناك مسؤولون في السلطات العليا يقومون بدور، وأعتقد أنه من الضروري إعادة ترتيب الأولويات، والتعامل بحسن نية، والتركيز على حل هذه القضايا المرتبطة ببعضها. وكما تركز الحكومة على المسائل الخارجية، عليها أن تحل بعض المشاكل الداخلية أولاً.

ماذا عن الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي الممنوع من الظهور إلى العلن أو على وسائل الإعلام، هل قمتم بخطوات بهذا الصدد؟
هذه النقطة واحدة من القضايا، لقد عقدت اجتماعاً في وقت سابق مع أعضاء من لجنة صيانة الدستور ومستشارين هامين للمرشد الأعلى، أستطيع أن أقول إن الحوار يجعلنا نتقدّم نحو الأمام، وهناك أطراف عدة معنية بالقضية، وعلى الكل مراعاة مصلحة النظام ككل في البلاد وهو ما سيحل المسائل العالقة.

ما الذي تحتاجه إيران سياسياً واقتصادياً في المرحلة المقبلة؟
تقع إيران في منطقة حساسة تمر بظروف معقدة، وإذا ما أردنا تحسين الأوضاع الاقتصادية في المنطقة برمتها فهذا يعتمد على حل المشاكل الإقليمية أولاً، فدول المنطقة مرتبطة ببعضها، ومن دون حل مسائلها لا يمكن للبلاد أن تحقق مكتسبات اقتصادية كبرى. علينا أن نتعاون مع دول المنطقة في المرحلة المقبلة فحل المسائل السياسية يهيئ أرضية لتنمية اقتصادية.

قدّم روحاني وعوداً كثيرة حول تحسين العلاقات مع دول الجوار، ولكن دورته الرئاسية الأولى تنتهي بعلاقات أكثر تشنجاً مع دول الإقليم، خصوصاً الجيران العرب، ما تقييمك؟
لا يستطيع روحاني حل كل المسائل سوياً، لكن ترتيب الأولويات أمر ملحّ، نحن كإصلاحيين نتطلع للتركيز على العلاقات البناءة وعلى تهيئة الأجواء للدعوة لحوار مع زعماء المنطقة، هذا ما حصل في عهد الرئيس الأسبق هاشمي رفسنجاني، وهو ما يجب أن ينتعش مجدداً. ليس كافياً أن تحل إيران مشكلاتها مع الاتحاد الأوروبي، فدول الجوار لها أهميتها أيضاً.

ما رأيك بسياسة إيران الحالية في سورية كإصلاحي؟
السياسة والقرارات إزاء سورية يتم الاتفاق عليها بين صنّاع القرار في الدوائر العليا في إيران وبالتشاور مع المرشد، نحن نعتقد أن على الجميع الجلوس على طاولة حوار واحدة بما يهيئ الأجواء لحل سياسي، هذا ينطبق على سورية واليمن، وحتى على العراق.

ماذا عن العلاقات مع أميركا؟ هل تعتقد أن الظروف الراهنة تسمح بتقارب ما، لا سيما أن التفاوض مع الإدارة الأميركية السابقة أوصل في النهاية للاتفاق النووي؟

لا أرى مانعاً من فتح علاقات مع الولايات المتحدة شرط أن تقوم على احترام استقلالية إيران وتحفظ مصالح البلادين كليهما. أنا كإصلاحي أعترض على الأمر إذا ما قامت العلاقة على أساس استغلالي، لكن احترام الطرفين لبعضهما البعض لا يجب أن يجعل الجلوس إلى طاولة حوار واحدة خطاً أحمر. حققت البلاد إنجازاً هاماً حين تفاوض البلدان على مستوى وزيري الخارجية، فما المانع من جلوس الرئيسين على طاولة واحدة إذا ما احترمت أميركا استقلالية إيران كدولة. نحن على خلاف مع أميركا لكننا لم ندخل في حرب معها إطلاقاً. والجدير بالذكر أن زمن الحرب يختلف عن زمن السلم، فحتى القوى المتحاربة تجلس وتتفاوض بعد انتهاء حربها.

المساهمون