حرب بانون المفتوحة على الإعلام

حرب بانون المفتوحة على الإعلام

17 فبراير 2017
مسّ بانون عصباً حساساً في الحياة الأميركية (سول لوب/Getty)
+ الخط -

في 26 يناير/كانون الثاني، وبعد أقل من أسبوع على تنصيب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، وصم ستيف بانون الإعلام بـ"حزب المعارضة"، مضيفاً "على الإعلام أن يخرس". لم تكن هذه التصريحات الغاضبة من ستيف بانون، كبير استراتيجيي البيت الأبيض، حدثاً منفصلاً، بل جاءت في سياقين: الأول، الهجوم المتواصل من ترامب على الإعلام عبر حسابه على "تويتر"، ولا سيما صحيفة "نيويورك تايمز"، ورفض بانون التاريخي لإعلام واشنطن الرئيسي، واعتباره أداة تضليل وإفساد للمجتمع، إن كان بصورة مباشرة، أو من خلال أفلامه الوثائقية التي أنتجها، أو موقع "بريتبارت" الذي أشرف على تحريره سابقاً.

الانتقادات بين بانون والإعلام متبادلة، لكنه بتصريحه عن "إخراس الإعلام"، مسّ عصباً حساساً في الحياة الأميركية. فحرية الصحافة تكاد تكون مقدسة، وينص الدستور على حصانة حرية التعبير بصورة تكاد أن تكون كاملة، وتاريخ "إخراس" الصحافة الأميركية هو تاريخ للاستثناء. فالحالات التي تدخلت فيها المؤسسة القضائية، لا الرئاسية، للحد من نشر قصة ما، تكاد تعد على أصابع اليد الواحدة طوال تاريخ الدولة في أميركا، الممتد عبر قرنين من الزمان. ومن هنا جاءت حساسية وصف بانون للإعلام بأنه "حزب المعارضة"، وطلب "إخراسه". التصريحات التي رد عليها الإعلام الأميركي بعنف، وبحرب مفتوحة ضد بانون.

في 29 يناير/كانون الثاني، نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالاً يؤكد فيه أستاذ العلاقات الدولية والمدير التنفيذي لمجموعة "فورين بوليسي"، ديفيد روثكوبف، أن بانون ليس مؤهلاً لأي منصب في الحكومة. ويصف روثكوبف بانون بأنه "لا يملك أي خبرة في الأمن القومي، غير درجته العلمية، وخدمة سبع سنوات في البحرية". لكن الأخطر من وجهة نظر روثكوبف ليست انعدام خبرة بانون، بل مواقفه. ويكتب أن "الأكثر إثارة للمتاعب، دور بانون في تحرير موقع بريتبارت، الموقع العنصري، والذكوري، والمرسخ للإسلاموفوبيا، والمؤكد رغبته تدمير نظامنا". ويرى أن هذه النقاط تجعل بانون "غير مؤهل لتولي أي منصب في الحكومة، فضلاً عن عضوية مجلس الأمن القومي".

في السياق ذاته، لم تخف "نيويورك تايمز" رفضها عضوية بانون في مجلس الأمن القومي، معتبرة، في تقرير نشر في 30 يناير، أن "الجنرالات" هم من ينالون عادة عضوية مجلس الأمن القومي. وأشارت إلى أن قرار ترامب يضع بانون "نظرياً" في ذات المرتبة مع مستشار الأمن القومي آنذاك، الجنرال مايكل فلين، صاحب الخبرة العسكرية الواسعة. وأضاف التقرير "آخر مكان تريد أن تضع فيه شخصاً مهتماً بالسياسة، هو الغرفة التي يتم داخلها النقاش حول مسائل الأمن القومي"، باعتبار أن انحيازات بانون السياسية لن تمكنه من إعطاء نصائح "أمنية" عملية، بعيداً عن تحيزاته السياسية، والتي يشجبها الإعلام، ونخب الحزبين الديمقراطي والجمهوري.

أما موقع "ذا نيشن" فقد اتهم ستيف بانون، في 8 فبراير/شباط، بالرغبة في إشعال حرب عالمية ثالثة. وأكدت أن "ثاني أقوى رجل في العالم"، نسبة إلى "دوره" في إدارة ترامب، وكبير استراتيجيي البيت الأبيض، عضو مجلس الأمن القومي، قد طالب في حديثه، خلال مؤتمر في الفاتيكان في 2014 وعبر سكايب، أن تقوم "مليشيات الكنيسة بمواجهة البربرية الجديدة، والفاشية الجهادية الإسلامية". ويرى "ذا نيشن" أن ترامب لا يرى الإسلام والصين عدواً فقط، لكنه "يريد أن يمد هذا الصراع ليصبح حرباً عالمية"، مؤكدة رغبته في "إشعال حرب دينية".

الحرب على ترامب – بانون كانت أيضاً في برامج "توك شو". ففي أولى حلقات جون أوليفر، بعد انقطاع استمر لأشهر، عاد مقدم البرنامج، في الحلقة الأولى من الموسم الجديد التي بثت في 12 فبراير/شباط، ليتحدث عن كيفية مواجهة إدارة ترامب، معتبراً أن الحرب إعلامية، داعياً إلى نشر "إعلانات مدفوعة" بالمعلومات التي يجب أن تصل إلى الرئيس "في القنوات التي يشاهدها"، والتي لن تكون إحدى قنوات الإعلام الرئيسية أو "Mainstream Media".