الدفاع عن بيغديمونت يستنفر لمنع تسليمه إلى إسبانيا

الدفاع عن بيغديمونت يستنفر لمنع تسليمه إلى إسبانيا بعد الإفراج المشروط

06 نوفمبر 2017
تصدر المحكمة قرارها بشأن التسليم خلال 15 يوماً(Getty)
+ الخط -

 

بعد أن استمع قاضي التحقيق البلجيكي للزعيم الكتالوني كارليس بيغديمونت ومستشاريه الأربعة، إثر تسلم بلجيكا مذكرة الاعتقال الأوروبية التي أصدرتها إسبانيا في حقهم، أفرج عنهم بشروط، على رأسها عدم مغادرة البلد. وينتظر أن تصدر المحكمة البلجيكية قرارها بشأن التسليم في غضون 15 يوما. غير أن هيئة الدفاع عن أعضاء الحكومة الكتالونية ستستعمل كل الطعون الممكنة لتفادي تسليمهم إلى إسبانيا.

 

حرية مشروطة

شدد الادعاء العام البلجيكي على أن شروط الإفراج عن كارليس بيغديمونت ومستشاريه الأربعة تضم ليس فقط حظر مغادرة الأراضي البلجيكية دون موافقة القاضي، ولكن أيضا الإقامة في عنوان ثابت. كما من واجبهم أن يمثلوا شخصيا خلال جميع أطوار العملية الإجرائية والرد على كل الدعوات التي تقوم بها السلطات القضائية وسلطات الشرطة. وبحسب جيلز ديجيمبي، المتحدث باسم مكتب المدعي العام في بروكسل، فإن "هذه القرارات لا تخضع للاستئناف".

وقد التقى قاضي التحقيق بالمواطنين الإسبان الخمسة، مباشرة بعد تسليمهم لأنفسهم يوم الأحد، كل واحد على حدة، بحضور محاميهم ومترجم. "هذه العملية إجرائية رسمية. فالمحامي لا يرافع ولكنه يتحقق فقط من أن كل شيء يسير وفقا للقانون. أما بالنسبة لقاضي التحقيق، فلديه ملخص حول الملف. تضاف إلى ذلك الأحكام القانونية التي أصدر القاضي الإسباني بموجبها مذكرة الاعتقال الأوروبية"، كما يوضح بيير تشومي، الأستاذ المساعد في القانون الجنائي بجامعة بروكسل، لـ"العربي الجديد".

ويضيف "خلال هذه الجلسة، القاضي ملزم قانونيا بإبلاغ المتهم بوجود مذكرة الاعتقال الأوروبية ومضمونها. ويوضح له أيضا أنه يمكن أن يوافق على تسليمه إلى إسبانيا. ثم يستمع إلى المعني بالأمر الذي يستطيع تقديم كل الحجج التي يريدها"، مشيرا إلى أن "عمل القاضي يقتصر خلال هذه الجلسة على التحقق من مضمون المذكرة وشرعيتها والقرار باحتجاز المتهم أو الإفراج المشروط أو الإفراج بكفالة، أو بشكل استثنائي جدا عدم تنفيذ المذكرة".

وبعد اختيار القاضي للحرية المشروطة، يتعين الآن على العدالة البلجيكية أن تدرس المذكرة على أساس الوقائع الموضوعية، وذلك لاتخاذ قرار في غضون 15 يوما. ويمكن للكتالونيين الخمسة، مثل النيابة العامة، الطعن في هذا القرار إلى غرفة الاتهام. وسيكون لدى غرفة الاتهام 15 يوما لاتخاذ قرار. بعد ذلك يمكن التوجه إلى محكمة النقض.

 وتعد المحاكم البلجيكية ملزمة من قبل تشريعات الاتحاد الأوروبي بإصدار حكم نهائي في غضون 60 يوما، تبدأ يوم وصول مذكرة الاعتقال. ويمكن تمديد هذه الفترة بشكل استثنائي إلى 90 يوما. وبالإضافة إلى ذلك، يمتلك الادعاء العام مدة عشرة أيام لتنفيذ القرار. إجراءات طويلة تسمح للكتالونيين الخمسة بالبقاء على الأراضي البلجيكية حتى فبراير/شباط المقبل.

وقد يكون الغرض من تمديد العملية هو الأمل في تغيير إسبانيا لموقفها مع مرور الوقت. فكما يقول بيير تشومي: "مضمون العملية الطويلة يمكن أن يمنح القاضي الإسباني فرصة لرفع المذكرة". يبقى أن العملية تعني صدور موقف من العدالة البلجيكية تجاه شقيقتها الإسبانية، ومن شأن ذلك أن يحدث أزمة بين البلدين.



نقاط الدفاع

منذ بدء تنفيذ التشريع الأوروبي بشأن مذكرة الاعتقال الأوروبية، في عام 2003، تعد كل الدول الأعضاء ملزمة بتنفيذ أوامر القبض. وتسود الثقة المتبادلة، كما توضح فانيسا فرانسن، أستاذة القانون الجنائي في جامعة لييج، لـ"العربي الجديد"، مضيفة "يفترض أن النظم القضائية لجميع الدول الأعضاء تعمل بشكل صحيح. والهدف في الواقع هو توحيد الإجراءات وتسريعها، وخاصة أنها أصبحت حاليا من اختصاص السلطة القضائية وحدها، بعد أن كان قرار تسليم شخص ما يعود إلى السلطة التنفيذية. ويحدث أن يُرفض تسليم شخص مضطهد في بلده خارج الاتحاد الأوروبي، بدعوى جريمة سياسية على سبيل المثال. لكن هذا السبب لم يعد موجودا في سياق مذكرة الاعتقال الأوروبية".

وأشارت إلى أن "هذا لا يعني أن العدالة البلجيكية ستنفذ أمر الاعتقال الأوروبي تلقائيا. إذ توفر التشريعات الأوروبية أسبابا أخرى للرفض".

ومن أسباب الرفض التي يمكن لقاضي التحقيق التذرع بها لعدم تنفيذ أمر اعتقال أوروبي هو خطر انتهاك الحقوق الأساسية. وتقول فانيسا فرانسن: "لا توجد قائمة واضحة بهذا الخصوص. إذ يشار إلى الحقوق الأساسية المكرسة في الميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان على أنها تخص الحق في الدفاع، وحرية التعبير، وعدم التعرض لمعاملة لاإنسانية ومهينة، وما إلى ذلك. وھذا یترك ھامشا من السلطة التقديرية لقاضي التحقق، ولكنه أمر حساس جدا".

 وقد اعتمد القضاء البلجيكي بالفعل على مسألة خطر المعاملة اللاإنسانية والمهينة في قضية تتعلق بإقليم الباسك الإسباني. إذ رفضت محكمة بلجيكية في العام الماضي تسليم سيدة إلى العدالة الإسبانية، معتبرة أن ظروف الاحتجاز الخاصة بالمعتقلين المتهمين بالإرهاب، مماثلة للمعاملة المهينة. غير أن ظروف السجون في بلجيكا ليست مثالية تماما. ففي الآونة الأخيرة، رفضت هولندا تنفيذ مذكرة اعتقال أوروبية صادرة عن بلجيكا، بسبب المخاوف من وضع السجون في البلد. وبالنسبة لفانيسا فرانسن، فإن "المرافعة الممكنة تظل هي الحق في محاكمة عادلة، من خلال التشكيك في نزاهة القضاة الذين يبتون في الملف في مدريد، في سياق سياسي حاد يتسم بالدعوة إلى الوحدة".

ويظل المسار الأكثر احتمالا والأقل حساسية بالنسبة لعدد من الخبراء هو رفض تنفيذ المذكرة بموجب غياب ازدواجية التجريم. فالجرائم التي يحاكم بها شخص ما في بلده يجب أن تكون موجودة أيضا في الترسانة الجنائية للدولة المطالبة بالتسليم.

 "رغم أن التشريع الأوروبي أدرج 32 جريمة يجب على قاضي التحقيق عدم البت فيها من وجود التجريم المزدوج، كالاحتيال مثلا، فهذا ليس الحال بالنسبة لجريمتي الفتنة والتمرد"، تفسر فانيسا فرانسن.

 ومن ثم يتعين على المحاكم البلجيكية أن تدرس ما إذا كانت هذه الجرائم التي تتهم بها المحاكم الإسبانية الزعيم الكتالوني هي أيضا جرائم في الترسانة الجنائية البلجيكية. وخاصة ما إذا كانت تعني الشيء نفسه.

 وتوضح فرانسن أن "الوقائع كما جاءت في المذكرة لا تخضع، بالنسبة لي، للعقاب في بلجيكا. فهناك جريمة الفتنة في القانون البلجيكي ولكن، بحكم التعريف، تعني حربا أهلية تقريبا". كما أن "الجرائم التي اتهم بها كارليس بيغديمونت ومستشاروه لم تتم بالعنف. فقد كانت العملية سلمية".

المساهمون