مصر: تزايد ضحايا المرحلة الثالثة للمنطقة العازلة في رفح

مصر: تزايد ضحايا المرحلة الثالثة للمنطقة العازلة في رفح

10 أكتوبر 2017
بدأ بناء المنطقة العازلة عام 2014 (أشرف عمارة/الأناضول)
+ الخط -
بدأ التنفيذ الفعلي للمرحلة الثالثة من المنطقة العازلة في مدينة رفح بمحافظة شمال سيناء، بعمق تبلغ مسافته 1500 متر، بدءاً من الحدود مع قطاع غزة باتجاه الداخل المصري، والتي ستصبح أرضاً جرداء لا حياة فيها، في إطار مخطط مصري يهدف لإخلاء مدينة رفح بالكامل خلال المرحلة المقبلة.

وأعلن محافظ شمال سيناء، اللواء عبد الفتاح حرحور، أنه تم بدء تنفيذ المرحلة الثالثة بإخلاء وإزالة المباني والمنشآت الواقعة على بُعد كيلومتر من الحدود الدولية مع قطاع غزة ولمسافة 500 متر، وذلك تمهيداً لإقامة المنطقة العازلة المقررة على الحدود بين مصر وغزة. وأوضح المحافظ في لقاء عقب وضع إكليل الزهور على النصب التذكاري للجندي المجهول، في إطار الاحتفال بذكرى انتصارات حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، أنه سبق تنفيذ الإزالة في المرحلتين الأولى والثانية لمسافة 500 متر لكل مرحلة، مشيراً إلى أنه تم خلال الأيام الماضية إزالة 40 منزلاً ومساحة 60.5 فداناً من الأراضي المجاورة لها.

وكانت "العربي الجديد" قد كشفت قبل شهر عن نية الجيش المصري البدء في تنفيذ المرحلة الجديدة من المنطقة العازلة في مدينة رفح، التي تتعرض لحصار منذ 48 يوماً على التوالي، مع منع إدخال المواد الطبية والغذائية، ومنع حركة السكان من وإلى المدينة، مع تعليق العام الدراسي في كافة المدارس. وقالت مصادر قبلية لـ"العربي الجديد" إن آليات وحدات الهندسة التابعة للجيش المصري بدأت فعلياً تجريف منازل المواطنين في مناطق غرب رفح، من دون السماح لأصحابها بنقل أمتعتهم ومقتنياتهم من المنازل إلى مناطق أخرى. وأوضحت المصادر ذاتها أن المواطنين بدأوا بالعودة إلى منازل على أساس أن الحملة الأمنية انتهت، ليفاجأوا بأن الهجوم العسكري كان تمهيداً للبدء في تجريف منازلهم ومزارعهم وإجبارهم على ترْك مدينة رفح في اتجاه مدن العريش وبئر العبد والشيخ زويد.

وأشارت المصادر إلى أن قوات الجيش هدمت في يوم واحد 45 منزلاً على الأقل، غالبيتها مكونة من عدة طوابق مبنية من الإسمنت الخرساني، فيما الأراضي التي تم تجريفها هي عبارة عن بساتين حمضيات تشكل مصدر دخل لمئات العائلات. وفي تفاصيل ما يجري، قال مسؤول حكومي يعمل في مجلس مدينة رفح، لـ"العربي الجديد"، إن القرار سيادي من قبل مؤسسة الجيش المصري لا يمكن لأي طرف إيقافه. وأضاف أن المجلس تلقّى تعليمات بإخلاء المراكز الحكومية الواقعة في نطاق المرحلة الثالثة من المنطقة العازلة. وأوضح المسؤول الحكومي، الذي رفض الكشف عن اسمه، أن المرحلة الثالثة من شأنها أن تلتهم مساحة واسعة من المنطقة السكانية في مدينة رفح، وهذا يعني تهجير مئات العائلات، وذهابهم إلى المجهول في ظل عدم السماح لهم بأخذ أمتعتهم.

وتوقع أن تستمر المرحلة الثالثة في تجريف منازل المواطنين في نطاق 500 متر جديدة، لتصبح المنطقة العازلة في مسافة 1500 متر أو ما يزيد على ذلك، مؤكداً أنه لم يجرِ تبليغ المواطنين بإخلاء منازلهم من قبل الجيش المصري، كما جرى في المراحل السابقة. وفي ملف تعويضات النازحين، أكد المسؤول الحكومي أيضاً أنه لم يجرِ الحديث عن إمكانية تعويض العائلات النازحة إثر المرحلة الثالثة التي بدأ العمل بها، مشيراً إلى أن موقف محافظة شمال سيناء مؤيد لإجراءات الجيش، وهذا ما سيُضْعف موقف النازحين في مواجهة الحكومة لناحية طلب التعويضات.

وفي الرد على ذلك، قال أحد مشايخ سيناء المتواجدين في مدينة رفح، إن الجيش المصري اختار ذكرى انتصارات أكتوبر للبدء في المرحلة الثالثة من المنطقة العازلة، وكأنها رسالة شكر من الجيش لأهالي سيناء الذين وقفوا إلى جواره في الحرب مع إسرائيل. وأوضح أن المؤسسة العسكرية لم تكن موفّقة في قرارات تهجير آلاف المصريين من مدينة رفح التي تعتبر خط الدفاع الأول عن الجمهورية بأكملها، وكذلك الإجراءات المصاحبة لعملية التهجير بعدم إعطاء فرصة للمواطنين بأخذ حاجياتهم من المنازل، أو البحث عن مأوى في ظل الحصار المتواصل على المدينة منذ 48 يوماً على التوالي. واعتبر أن ما يجري في مدينة رفح يستلزم وقفة من كل أحرار مصر، مندداً بموقف محافظة شمال سيناء التي تقف متفرجة على ما يحصل في جزء أصيل من المحافظة، بإجبار المواطنين على النزوح من أماكن سكنهم بدون أي سبب يذكر، وفق تعبيره. وأكد أن الحجج التي قدمها الجيش المصري لإقامة المنطقة العازلة، تلاشت اليوم في ظل تحسن العلاقات المصرية مع حركة حماس، والتي أفضت إلى إجراءات تضبط الحدود وتمنع التسلل من وإلى سيناء، مما يعني أن تنفيذ المرحلة الثالثة يأتي في إطار استكمال مخطط أكبر من ملف غزة.

وكان النظام المصري قد أعلن، في أكتوبر/تشرين الأول 2014، إقامة منطقة عازلة، بطول 13.5 كيلومتراً وعمق 500 متر على الحدود مع قطاع غزة، في أعقاب هجوم دموي استهدف قوات الجيش المصري، وأسفر عن مقتل نحو 30 جندياً، قبل أن تقوم القوات الأمنية، بتوسيع تلك المنطقة لتصل إلى عرض كيلومتر في ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه. وعقب تلك التوسعة، قامت القوات المسلحة المصرية بتوسعة ثالثة للمنطقة العازلة، لكن من دون الإعلان عن ذلك، وسط سخط عارم بين أهالي سيناء الذين تضرروا من عمليات التهجير القسري، بعد هدم منازلهم، إذ أوضحت الإحصاءات أن المرحلتين الأولى والثانية شملتا هدم نحو 2000 منزل.

المساهمون