كاميرون ينحني لـ"عاصفة أوراق بنما" وينشر سجلاته الضريبية

كاميرون ينحني لـ"عاصفة أوراق بنما" وينشر سجلاته الضريبية

10 ابريل 2016
تضارب التصريحات يغرق كاميرون بطوفان "أوراق بنما" (Getty)
+ الخط -
بعدما وصل طوفان "أوراق بنما" إلى أعتاب رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، الذي بات يواجه المزيد من الضغوط المُطالبة باستقالته بعد اعترافه، الخميس، بامتلاكه سابقاً حصةً في صندوق "بليرمور الاستثماري"، الذي كان والده الراحل أيان دونالد كاميرون يديره في جزر البهاماس على مدى 30 عاماً، نشر كاميرون سجلاته الضريبية، اليوم الأحد، في محاولة لوضع حد للتساؤلات عن دخله الشخصي، وللتخفيف من الضغوط التي يخضعها.

وقام كاميرون بهذه الخطوة "غير التقليدية" بنشر هذه التفاصيل السرية عادة بعد قوله إنه كان يجب عليه التعامل مع التدقيق في الشؤون الضريبية لأسرته بشكل أفضل.

وتُظهر الوثائق من مؤسسة "أر.ان.اس تشارتيد للمحاسبة"، والتي تغطي ست سنوات، أن كاميرون دفع ضرائب بلغت 75898 جنيها استرلينيا (107198 دولارا) على دخل بلغ 200307 جنيهات في السنة المالية 2014-2015.

ووفقا للسجل، فقد تألف دخله من مرتب بلغ 140522 جنيها، ومصاريف تستحق ضرائب عليها بلغت 9834 جنيها، و46899 جنيها من نصف نصيب إيجار من منزل أسرته في لندن، و3052 جنيها في شكل فوائد على مدخرات.

وعلى الرغم من أن كاميرون غير متهم بفعل أي شيء غير قانوني، فقد أدلى بأربعة تصريحات مختلفة خلال أربعة أيام بشأن ضم اسم والده الراحل في الوثائق. وقال كاميرون، الخميس الماضي، إنه كان يملك حصة في صندوق والده للمعاملات الخارجية وقد حقق ربحا منه.

وأضاف أن هذا الصندوق الاستثماري لم يتم إنشاؤه للتهرب من الضرائب، ولكن لاستثمار أسهم مقومة بالدولار، وإنه دفع كل الضرائب المستحقة على استثماراته الخاصة التي كانت تساوي "شيئا من قبيل 30 ألف جنيه"، عندما قام بتصفيتها في يناير/كانون الثاني 2010 قبل أن يصبح رئيسا للوزراء.

ورغم توضيحات كاميرون لتوضيح الموقف، استفاق، صباح أمس السبت، على هتافات مئات البريطانيين، الذين تظاهروا أمام مقرّ رئاسة الوزراء البريطانية في لندن، مطالبين برحيل رئيس الوزراء "الكذاب" و"المنافق"، وفق تعبيرهم.

ونشر المنظمون نداءهم على موقعي "فيسبوك" و"تويتر". واعتبروا أن "وثائق بنما تظهر أن رئيس الوزراء يستغفل الشعب، وأنه منافق، لأنه استفاد في الخفاء من أرباح شركة تتهرب من الضرائب، بينما يشنّ في العلن حملة ضد الشركات التي تفعل الشيء نفسه".

وعلى الرغم من اعتراف كاميرون بعد أيام من النكران، بأنه باع في عام 2010 جميع حصصه في صندوق "بليرمور الاستثماري"، أي قبل تسلمه رئاسة الوزراء، وأنه سدد جميع الضرائب المستحقة على الفوائد التي جناها من جراء بيع تلك الأسهم، إلا أن حزب "العمال" المعارض، الذي أجبر كاميرون على الإدلاء بهذا "الاعتراف غير العادي"، طالبه بالكشف عن كافة تعاملاته المالية وإقراره الضريبي للعامة أمام البرلمان الأسبوع المقبل.

من جهته، اعتبر عضو لجنة الخزانة البرلمانية، النائب العمالي جون مان، في تصريح لشبكة "آي تي في"، أن "القضية تتعلق بالشفافية، وكان على رئيس الوزراء الإعلان عن كل ما يمتلكه، وكان أمامه عشر سنوات لإبلاغ البرلمان عن هذه الحصة". أما نائب زعيم حزب "العمال"، توم واتسون، فأكد أن "أمام رئيس الوزراء أسئلة لا يزال بحاجة للإجابة عنها، وقد يحتاج إلى الاستقالة".

أما صحيفة "ذي إندبندنت" البريطانية، فاعتبرت أن "اعتراف كاميرون بأنه شارك والده في أصوله السرية، التي أدارتها شركة موساك فونسيكا للخدمات القانونية، أمر كاف كي يستقيل". ورأت أن "رئيس حزب العمال جيرمي كوربين يخطط الآن للإطاحة بكاميرون من منصبه، وتشكيل حكومة جديدة". 

وفي استطلاع على شبكة الإنترنت نشرته صحيفة "ديلي ميرور"، عبّر أكثر من 90 في المائة من عيّنة استفتاء طاولت أكثر من 6 آلاف شخص عن تأييدهم دعوة كاميرون للاستقالة. وفي استفتاء آخر أجرته شبكة "سكاي نيوز"، المؤيدة لحزب المحافظين الحاكم، أكد 57 في المائة من البريطانيين أن "ثقتهم الآن في كاميرون أقل مما كانت عليه قبل فضيحة وثائق بنما".

وفي السياق ذاته، يرى مراقبون ومعلقون في وسائل الإعلام البريطانية أن "سوء إدارة فريق كاميرون الحكومي والاستشاري للأزمة، زاد من الضغوط وعمق عدم ثقة الجمهور برئيس الوزراء. وبعد أن قالت رئاسة الحكومة في بيان رسمي، يوم الاثنين، إن قضايا كاميرون الضريبية مسألة شخصية، لجأت رئاسة الحكومة، على غير العادة، إلى إصدار بيان آخر يوم الثلاثاء، تقول فيه إن ديفيد كاميرون وزوجته وأولاده لا يستفيدون من أي ودائع في شركات غير مقيمة. قبل أن يقول كاميرون نفسه إنه لا يملك أي أسهم أو دخل من ودائع في الخارج، ثم يفجّر قنبلته يوم الخميس، باعترافه بامتلاكه سابقاً حصةً في صندوق بليرمور الاستثماري".

هذا النكران، ثم التردد، وما تلاهما من أنصاف حقائق أو عبارات غامضة صدرت عن كاميرون نفسه، أو عن رئاسة الوزراء، دفع كوربين إلى القول إنه "اعتراف ضلّل الشعب، وفقد ثقة البريطانيين به. وبعد أعوام من المناداة بالشفافية الضريبية، والهجوم على تدابير التجنب الضريبي، باعتبارها تصرفات غير أخلاقية، ظهر أن رئيس الوزراء نفسه استفاد شخصياً من الاستثمارات السرية خلف البحار".

وأشارت "أوراق بنما" إلى تورط عشرات من السياسيين ورجال الأعمال، بينهم رئيس وزراء أيسلندا الذي استقال بعد ذلك. وتذكر الوثائق، التي بلغ عددها 11.5 مليون وثيقة، والتي سُربت من شركة "موساك فونسيكا" البنمية للاستشارات القانونية، بشكل مفصل، إنشاء أكثر من 200 ألف شركة في ملاذات ضريبية خارجية.