الاحتلال يبحث عن أسراه في غزة: استجداء وساطة ألمانية

الاحتلال يبحث عن أسراه في غزة: استجداء وساطة ألمانية

18 فبراير 2016
يتوقع أن تطول المفاوضات لإبرام صفقة تبادل(حازم بدر/فرانس برس)
+ الخط -

جاء طلب رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، من المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، من أجل التدخل لاستعادة ما قال إنها جثتا جنديين إسرائيليين، قُتلا خلال العدوان الأخير على قطاع غزة، ولا تزال حركة "حماس" تحتفظ بهما، بعد أكثر من عام ونصف العام على السكون في الملف.

اقرأ أيضاً: نتنياهو يطالب ميركل بالتدخل لاستعادة جثماني جنديين لدى "حماس"

خلال الفترة، التي أعقبت العدوان على غزة (2014)، لم يحرك نتنياهو ساكناً في الملف، وظلّ الإسرائيليون يعلنون أنّ الجنديين قتيلان، فيما التزمت "حماس" الصمت المطبق، وإن خرجت برسائل إعلامية أكثر من مرة لتحريك الملف، والضغط على الحكومة الإسرائيليية للسير قدماً في البحث حول تبادل للأسرى.

وأعلنت "كتائب عز الدين القسام"، الجناج العسكري لـ"حماس"، خلال عدوان 2014، أسرها جندياً إسرائيلياً شرق مدينة غزة، فيما أعلنت إسرائيل أنّ "القسام" أسرت ضابطاً آخر في عملية شرق مدينة رفح، جنوب القطاع، ولم تعلن الحركة رسمياً أسره.

وسبق لألمانيا أن تدخلت في صفقات تبادل، وفق بيان ديوان نتنياهو الذي عممه على وسائل الإعلام، وهو التبرير الذي مهدّ لطلب رئيس الحكومة الإسرائيلية، من المستشارة الألمانية، التدخل في الملف.

ولعب وسيط ألماني دوراً في صفقة تبادل للأسرى بين حزب الله اللبناني وإسرائيل. وفي عام 2008، جرت عملية تبادل بين الجانبين، أطلق بموجبها عميد الأسرى العرب سابقاً، سمير القنطار (الذي قتل في سورية أخيراً)، وثلاثة أسرى من الحزب، ورفات المئات من الشهداء الفلسطينيين واللبنانين، مقابل جثتي جنديين إسرائيليين أسرهما الحزب في 12 يوليو/تموز من عام 2006.

وقطع وسيط ألماني شوطاً كبيراً في مفاوضات "حماس" واسرائيل غير المباشرة، حول الجندي الإسرائيلي الأسير سابقاً، جلعاد شاليط، لكنه توقف فجأة. واتهم نائب رئيس المكتب السياسي لـ"حماس"، موسى أبو مرزوق، في فيلم بُث أخيراً على قناة "الجزيرة" الإخبارية، الوسيط الألماني، بأنه لم يكن نزيهاً، وكان يُخفي عن الحركة بعض الملفات التي كان ينقلها عن الإسرائيليين.

ورفض أكثر من قيادي في "حماس" التعليق على طلب نتنياهو من ميركل التدخل من أجل إعادة الجنديين، بدعوى أنّ الحديث عن القضية يثير "شجون" الأسرى الفلسطينيين وذويهم، وأنه يجري الحديث فقط عندما تصبح صفقة التبادل واقعاً على الأرض.

من جهته، يؤكد مدير مركز "أبحاث المستقبل" في غزة، إبراهيم المدهون، لـ"العربي الجديد"، أنّ ملف الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى "حماس"، سيأخذ طابعاً علنياً، بعد دعوة نتنياهو ميركل إلى التدخل من أجل إعادتهم، على الرغم من حالة التباطؤ التي يشهدها الملف.

ويرى المدهون أنّ تصريحات نتنياهو الأخيرة، بشأن الجنود الأسرى، هي تطور إيجابي في ملف الأسرى، بعد حالة الركود التي ظل عليها الملف لأكثر من عام ونصف العام، بسبب التعتيم الإسرائيلي، وحظر النشر فيه، مشيراً إلى أنّ إصرار نتنياهو على أنّ الجنود قتلى، يأتي في إطار محاولات الحصول على المزيد من المعلومات من "حماس"، في ظل الفشل الاستخباري في الوصول إلى أية معلومات بشأن مصير الجنود.

ويوضح المدهون أنّ نتنياهو يريد الحفاظ على صدق الرواية الإسرائيلية، من خلال الحديث عن مصير الجنود، ولا يريد أنّ يعطي للمقاومة الفلسطينية دفعة كبيرة أمام الرأي العام، ويخشى كذلك على مستقبله السياسي، ولرغبته أيضاً في التخفيف من أي ثمن، قد يدفعه في أية صفقة تبادل مقبلة.

ويبينّ أنّ الرقابة العسكرية والسياسية أبعدت وسائل الإعلام والقادة العسكريين عن أية تصريحات، بشأن مصير هذا الملف، طيلة الفترة الماضية، وضغطت على أهالي المفقودين كي لا يشكل الملف ضغطاً على الحكومة الإسرائيلية، أمام المقاومة الفلسطينية.

ويستبعد المدهون إمكانية الوصول إلى صفقة أسرى في المستقبل القريب في ظل وجود الحكومة الإسرائيلية الحالية، والتجربة السابقة لإسرائيل مع حركة "حماس" في ملف الجندي الأسير سابقاً، جلعاد شاليط، والتي استمرت لنحو 5 سنوات.

بدوره، يقول الكاتب والمحلل السياسي، حاتم أبو زايدة، لـ"العربي الجديد"، إنّ نتنياهو والأجهزة الأمنية الإسرائيلية أصبحوا مقتنعين بصعوبة الوصول إلى معلومات حول مصير الجنود المفقودين في غزة، في ظل حالة التكتم الشديدة المتبعة من قبل "القسام" تجاه هذا الملف.

ويلفت أبو زايدة إلى أنّ طلب نتنياهو من ألمانيا الدخول في الملف، يأتي بفعل خبرتها في إدارة هذا الملف أولاً، وما قامت به في صفقة شاليط، وغيرها من الصفقات، التي رعتها الوساطة الألمانية، بين إسرائيل وحزب الله في لبنان.

 وعلى الرغم من دخول ألمانيا بشكل علني لتصدر هذا الملف ورعايته، غير أن أبو زايدة يرى أن خطوات الملف والتحركات فيه ستكون بطيئة للغاية، وذلك في إطار الجهود الإسرائيلية لمنع حصول المقاومة على أي إنجاز نوعي من قبلها في ملف الأسرى.

ويشير أبو زايدة إلى أنّ إسرائيل ستكون حذرة للغاية في خطواتها العلنية، في ظل تصاعد التطورات العسكرية تجاه القطاع المحاصر من عشر سنوات، وزيادة احتمال الدخول في مواجهة رابعة مع الفصائل الفلسطينية في غزة، وعدم رغبتها في إظهار ضعفها.

ويبين أنّ إسرائيل قامت، بشكل مبكر، بعدة خطوات لتحريك ملف الجنود الأسرى المفقودين في غزة، عبر الوفود وبعض القنوات السرية، التي لم تتوصل لأي شيء في ظل المطالب المرتفعة من قبل المقاومة، لإتمام أية صفقة تبادل.

ويعتقد أبو زايدة أنّ المفاوضات، في حال حصولها، ستأخذ وقتاً طويلاً بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، وأنّ الترجيحات والتقديرات تشير إلى صعوبة التوصل إلى صفقة تبادل قريبة في العام الجاري، أو العام المقبل على أقل تقدير.

المساهمون