اليمن: هادي يخضع لرفض حضرموت تعيين الضراب

اليمن: هادي يخضع لرفض حضرموت تعيين الضراب

24 نوفمبر 2016
جنود يمنيون خلال استعراض عسكري (عبد الله القادري/فرانس برس)
+ الخط -
لم يدم قرار الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، القاضي بتعيين العقيد أحمد الضراب رئيساً لأركان المنطقة العسكرية الأولى، ومقرها مدينة سيئون في محافظة حضرموت، أكثر من ساعات، إذ تراجع عنه مساء الأربعاء، وعيّن العميد ركن يحيى محمد أبوعوجا بدل الضراب، نتيجة موجة رفض واسع النطاق في المحافظة. وقد وصل الأمر بحلف حضرموت القبلي أن هدد قبل ساعات أنه سيقف بقوة ضد أي تعيينات "لشخصيات أضرت بمصالح حضرموت سابقَاً"، في إشارة لتعيين الضراب الذي سبق أن أقيل من منصبه قبل ثلاث سنوات بفعل احتجاجات شعبية في المحافظة الشرقية. وقد شهدت مواقع التواصل الاجتماعي حالة من الجدل بشأن تعيين الضراب الذي تتهمه أطراف محلية بالفساد واستغلال منصبه طيلة عمله كقائد لكتيبة حماية الشركات في هضبة حضرموت خلال السنوات الماضية.

وكان الرئيس المخلوع، علي عبد الله صالح، عين الضراب، الذي يتحدر من مديرية يريم في محافظة إب، قائداً لكتيبة حماية الشركات النفطية إبان حرب صيف العام 1994، واستمر في منصبه حتى العام 2013، والذي شهد ما يسمى بالهبة الشعبية التي انطلقت إثر مقتل زعيم قبلي على يد جنود نقطة أمنية، وأطاحت لاحقًا بالضراب. ويقيم العقيد الضراب في مصر منذ الإطاحة به في 2013. وكان رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الإصلاح، الدكتور الراحل عبد الرحمن بافضل اتهم الضراب، في 2014، باستلام 60 مليون ريال شهرياً من إيرادات النفط، فضلاً عن تستره على عصابة قال إنها تستلم ثلاثة ملايين دولار شهرياً من شركة فرنسية تعمل في إنتاج النفط.

وأثار قرار تعيين الضراب، قبل التراجع عنه، تساؤلًا عما إذا كان قد اعتمد ضمن صفقة محاصصة تجعل من حضرموت الغنية بالموارد كعكة تتقاسمها الأطراف السياسية. ويسود شعور عام في المحافظة بضرورة "حضرمة" المناصب العسكرية، بعد أن أقصي أبناء حضرموت بشكل لافت من تقلد أي منصب رفيع المستوى في المؤسسة العسكرية طيلة فترة حكم صالح. ويأتي القرار متزامناً مع حراك سياسي كبير تشهده المحافظة، إذ تجري في مدينة المكلا، مركز المحافظة، تحضيرات للمؤتمر الجامع الذي يسعى للخروج بوثيقة تحفظ لحضرموت حقوقها، كما تشهد العاصمة السعودية الرياض تحركات لزعماء قبائل استدعتهم المملكة للتشاور بخصوص المستجدات في المحافظة وسط تكتم إعلامي.

وكان هادي أصدر، الإثنين الماضي، مجموعة قرارات عسكرية، بينها تعيين العميد الركن صالح محمد طيمس قائداً للمنطقة العسكرية الأولى وترقيته إلى رتبة لواء، وتعيين العقيد الركن أحمد حسين الضراب رئيساً لأركان المنطقة العسكرية الأولى (نائب لقائد المنطقة) وترقيته لرتبة عميد، فضلاً عن تعيين العميد فهمي حاج محروس الصيعري قائداً للواء 11 حرس حدود. وبينما رحب الشارع الحضرمي بتعيين الصيعري الذي يتحدر من حضرموت، وقبل على مضض تعيين طيمس، الذي يتحدر من محافظة أبين قائداً للمنطقة العسكرية الأولى، اجتاحت المحافظة موجة من الغضب جراء إعادة الضراب إلى المشهد العسكري في المحافظة من بوابة هيئة أركان المنطقة الأولى. ونظم أعضاء اللجنة التحضيرية لمؤتمر حضرموت الجامع، أول من أمس، وقفة احتجاجية في المكلا رفضاً لتعيين الضراب في منصب عسكري بالمحافظة، وطالبوا الرئيس بإعادة النظر في القرار. وذكرت اللجنة التحضيرية، في بيان، أن سيرة الرجل المهنية مرت بمحطات ترتب عليها إلحاق ضرر جسيم بأمن واقتصاد المحافظة.

من جهته، اعتبر المجلس التنسيقي لقوى الحراك الجنوبي في حضرموت أن تعيين الضراب رئيساً لأركان المنطقة العسكرية الأولى استفزاز صارخ لأبناء المحافظة، متهماً إياه بالعمل ضمن عصابة حولت مناطق إنتاج النفط إلى إقطاعية خاصة. ودعا، في بيان، أبناء المحافظة إلى رفض القرار الذي يكرس ما سماه "الاحتلال العسكري اليمني" في وادي وصحراء حضرموت، مطالباً دول التحالف، وفي مقدمتها السعودية والإمارات، بالضغط لإيقاف مثل هذه القرارات. وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي حالة من الجدل والحملات الرافضة للقرار.

ويرى المحلل السياسي جمال بن غانم أن تعيين الضراب مجدداً في حضرموت دليل واضح على نفوذ مافيا النفط والتهريب، وتحكمهم بالقرار السياسي في البلد. وتساءل، في تدوينة على صفحته على "فيسبوك"، "أليس الأولى بالرئيس هادي، طالما أنه واثق في الضراب ومن هم على شاكلته، أن يعيّنهم قادة في جبهات القتال؟". وتابع "من الواضح أن الرئيس هادي لا يمتلك قراراً، وإنما يوقع على قرارات".

وقال الصحافي راضي صبيح، معلقا على قرار تعيين الضراب، إن "عودة رموز الفساد إلى حضرموت مرفوضة، وستظل الحضرمة القائمة على الكفاءة مطلبنا". أما رئيس تحرير موقع "المكلا اليوم"، الصحافي سند بايعشوت فأرجع قرار هادي بإعادة تعيين الضراب إلى الشك والوهم المسيطرين على تفكير الرئاسة بأن حضرموت خارجة عن الشرعية، وتبحث عن تقرير مصيرها في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية. وقال "ليست الوقفات الاحتجاجية، ولا بيانات الاستنكار، حلاً، إنما اتخاد قرارات فيها من الفعل أقوى من ردود الأفعال التي تتلاشى مثل فقاعات الصابون، ويكفي أن تقول حضرموت هذه المرة لا وألف لا".

المساهمون