عباس و"حماس": تغيير لفظي أم خطوة نحو المصالحة؟

عباس و"حماس": تغيير لفظي أم خطوة نحو المصالحة؟

04 يناير 2016
الظروف الإقليمية تدفع نحو المصالحة الفلسطينية (عباس المومني/فرانس برس)
+ الخط -
في وقت يرى مراقبون جديداً في تصريحات الرئيس الفلسطيني محمود عباس، حول رغبته في المصالحة مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، ثم الذهاب إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تقود إلى انتخابات شاملة، لا تجد الحركة الإسلامية ذلك.

اقرأ أيضاً: عباس: الهبّة الشعبية نتيجة انسداد الأفق السياسي

وأكد عباس في مقابلة مع وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية، نقلتها وسائل إعلام السلطة، أنه مُصرٌ على تحقيق المصالحة مع حركة "حماس"، مشيراً إلى أننا "مستعدون للمصالحة في مطلبين يرضيان الشعب الفلسطيني، وهما: تشكيل حكومة وحدة وطنية، ثم الذهاب إلى الانتخابات لإنهاء هذا الجرح الدامي في جسد شعبنا".

تأتي تصريحات عباس، مع تزايد المؤشرات على قبول المجتمع الدولي دمج حركة "حماس" في الحكم أو على الأقل تراجع الاهتمام بإبعادها عن الحكم، بعدما يئس الجميع، كما يبدو، من القدرة على ترويضها بعد تسع سنوات من سيطرتها على غزة، وخوضها ثلاث حروب شرسة مع الاحتلال الإسرائيلي.

وقال القيادي في "حماس"، صلاح البردويل لـ"العربي الجديد"، إنّ حديث أبو مازن ليس فيه أي تغيير، وكل ما جاء فيه شعارات يرفعها دون ترجمتها إلى واقع عملي، فهو يطرح فكرة خيالية اسمها الانتخابات، الجميع موافق، ولكن كيف ستجري، وأين الظرف المناسب، وهل هو موافق على الانتخابات ومخرجاتها؟

وأوضح البردويل أنّ حركته مع حكومة وحدة وطنية، غير أنه نبّه إلى منع الرئيس لها منذ البداية، وعندما جاءت حكومة التوافق الوطني، أصرّ على إجراء بعض التعديلات والإضافات عليها، دون توافق، وجعلها حكومة الرئيس وحركة "فتح". 

ويبين أنّ من يريد حكومة وحدة وطنية "ينبغي عليه أن يخفف الحصار على قطاع غزّة، وأن يوقف حالة الخطاب المعاكس.

ودعا البردويل الرئيس الفلسطيني إلى الإعلان أنّ اتفاق المصالحة لا يزال ساري المفعول، بكل بنوده وتفاصيله، والإعلان عن أنّ التوافق والشراكة والديمقراطية هي نهج أساسي لإدارة الاختلاف ولتداول السلطة، ودعوة الإطار القيادي الموحد لمناقشة الوضع السياسي الفلسطيني، ووضع خطة تليق بدماء الشهداء ودعم الانتفاضة ومواجهة العدوان.

وطالب القيادي في "حماس" بدعوة المجلس التشريعي للاجتماع من أجل إعطاء حكومة الوحدة الوطنية المنوي تشكيلها الثقة، ولممارسة دوره الرقابي والتشريعي بعيداً عن إملاءات الرئاسة، ومن ثم وضع خطة لتنفيذ انتخابات المجلس الوطني والرئاسة والتشريعي.

وأشار البردويل إلى أنّ دعوة الإطار القيادي للاجتماع، ودعوة المجلس التشريعي للانعقاد، بيد الرئيس أبو مازن، وجرى التوافق على الخطوتين مسبقاً عند تشيكل حكومة التوافق، ولم يتم ذلك حتى الآن.

من جهة ثانية، رأى الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ اختلاف التصريحات هذه المرة من الرئيس عباس مرتبط ببعض المتغيرات الإقليمية، والضغوط عليه من أجل إنجاز المصالحة الفلسطينية.

وأشكال الضغوط، وفق الدجني، جاءت خلال زيارة أبو مازن للسعودية، خصوصاً أنّ هناك بعض المعلومات التي تشير إلى أنّ المملكة ضغطت على الرئيس لإنجاز المصالحة والاتجاه لحكومة وحدة، وترى أنّ ذلك غلق للباب أمام إيران التي تسعى للحصول على موطئ قدم لها من جديد في غزة.

ولفت الدجني إلى أنه بعد دخول مصر في مجلس الأمن بعضوية غير دائمة ورئاستها للجنة الرباعية العربية للسلام تريد أنّ تعود للعب دور مهم في القضية الفلسطينية، وهذا لن يتم دون إتمام المصالحة، وإشراك حركة "حماس" في النظام السياسي الفلسطيني.

ورأى الدجنى أنّ مصر في ظل أزمتها الاقتصادية ترى في غزّة مدخلا للحلّ وليس للمشكلة، ولكن هذا بحاجة إلى إشراك حكومة وحدة وطنية على المعابر، كي يتم التبادل التجاري الذي قد يصل حسب خبراء من 3 إلى 9 مليارات دولار سنوياً، وهذا من شأنه لو كان هناك حكومة تقبلها مصر، أن يخفف أزمة مصر الاقتصادية ويساهم في تنمية سيناء التي هي إحدى ركائز ما يسمى محاربة الإرهاب.

وأعرب الدجني عن اعتقاده أنّ هناك تخفيفا لشرط عدم مشاركة "حماس" في الملف السياسي، وهناك توجّه إقليمي في أن يكون إشراكا لـ"حماس" في العمل السياسي، خصوصاً أنّ استقرار قطاع غزّة يساعد في عملية استخراج الغاز من المتوسط الذي هو جوهر الصراع في المنطقة.

والمطلوب من "حماس"، وفق الدجني، أن تقتنص هذه الفرصة والمتغيرات، وأن تقرأ المشهد جيداً بما يخدم مصالح الشعب الفلسطيني، ومن الطرفين أيضاً أنّ يُقدما على خطوات بناء الثقة.

بدوره، أكد الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل لـ"العربي الجديد"، وجود متغيرات واضحة في لغة الخطاب الخاصة بالرئيس عباس.

وأرجع ذلك إلى الضغوط الإقليمية والعربية التي تدفع باتجاه المصالحة الفلسطينية، ومن أجل حل مشكلة الانقسام وإعادة الاعتبار للمؤسسات الفلسطينية الرسمية. وبين الكاتب والمحلل الفلسطيني أنّ الانتفاضة الفلسطينية المشتعلة منذ أكثر من أربعة شهور أسهمت في دفع عباس لتغيير خطابه تجاه "حماس"، فضلاً عن انعدام الأفق السياسي تجاه عملية التسوية مع الاحتلال الإسرائيلي وتنكر الإدارة الأميركية للقيادة الفلسطينية.

ويبين أنّ المتغيرات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، والتحالفات الجديدة التي تنتج عن الحرب في سورية، عززت من أهمية وجود موقف فلسطيني موحد يشمل حركتي "حماس" و"فتح" في إطار واحد، بعيداً عن الانقسام في ظل وجود رغبة حقيقية لإتمام المصالحة الداخلية، وحل الأزمات الفلسطينية.

وعن إمكانية قبول المجتمع الدولي بمشاركة "حماس" في العملية السياسية، لفت عوكل إلى أنّ الواقع السياسي المتغير في السنوات الأخيرة يدفع باتجاه تقبل الدول الأوروبية والولايات المتحدة بمشاركة الحركة في أي حكومة جديدة، والتعامل معها في ظل تعثر العملية السياسية بين منظمة التحرير وإسرائيل.

اقرأ أيضاً: 2015 أسوأ أعوام غزة إنسانياً وسياسياً... والأمل بـ2016 ضئيل

المساهمون