قانون الأحزاب العراقي ينتظر اختبار التطبيق

قانون الأحزاب العراقي ينتظر اختبار التطبيق

29 اغسطس 2015
سمح القانون بالمشاركة في الحياة السياسية بشكل منصف(فرانس برس)
+ الخط -
يرى مراقبون وقانونيون أنّ إقرار البرلمان العراقي، أول من أمس، قانون الأحزاب بعد تعطيل امتد لـ11 عاماً، بمثابة خطوة أساسية لتنظيم عمل الأحزاب، والحد من تحكم الأجندات الخارجية بها، خصوصاً بعد أن تضمّنت بنود القانون وضع قيود على تمويل وتسليح الأحزاب.
ويرى هؤلاء أنّ القانون الجديد، والذي سيتم العمل به بعد 60 يوماً من تاريخ إقراره، سيمنع تشكيل أجنحة مسلّحة للأحزاب أو تشكيل مليشيات، وسيغلق الباب أمام عسكرة المجتمع. كذلك يعتبر خبراء أنّ إقرار القانون إنجاز كبير للبرلمان العراقي والكتل السياسية، والتي استطاعت أن تتجاوز خلافاتها، على الرغم من وجود بعض السلبيات في القانون التي دفعت بعض المراقبين إلى انتقاده.

وأقرّ البرلمان العراقي القانون بالأغلبية خلال جلسة يوم الخميس الماضي، من قبل النواب الحاضرين، والذين بلغ عددهم 220 نائباً. وقال رئيس اللجنة القانونية النيابيّة محمود الحسن، خلال مؤتمر صحافي عقده في مبنى البرلمان عقب الجلسة، إنّ "قانون الأحزاب يحظر أيّ نشاط عسكري للأحزاب أو تشكيل مليشيات، ووضع عقوبات في حال تمّ ذلك. كذلك وضع القانون عقوبات على التمويل الخارجي للأحزاب وفرض على الدولة إعطاء إعانات لها".

وأشار الحسن إلى أنّ "القانون تضمّن أهم الأحكام التي تحدّ من أيّ ممارسات سلبية للأحزاب، وجعلها تحت إشراف جهة قضائية مستقلة هي مفوضية الانتخابات"، مؤكّداً أنّه "سيكون نافذاً خلال 60 يوماً من إقراره، وقد سمح القانون بالمشاركة في الحياة السياسية بشكل منصف، وعلى الأحزاب القائمة أن تكيّف نفسها على هذا الأساس خلال هذه الفترة".

ويرى الخبير السياسي مهنّد الربيعي أنّ "القانون تضمّن فقرات مهمة جداً، أهمّها منع أيّ حزب سياسي من الحصول على تمويل من دول خارجية، ما سيتيح التخلص من كل الأحزاب التي تموّل من الخارج مقابل أجندات معيّنة تسعى من خلالها إلى تخريب البلاد". ويشير الربيعي في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "القانون حظر أيضاً أيّ حزب يتبنّى أفكاراً طائفية متطرفة أو تحرّض على الإرهاب". كذلك حدّد القانون "آليات تسجيل الأحزاب وحلّها والرقابة عليها وعلى تمويلها، والتي كانت محلّ خلاف".

اقرأ أيضاً العراق: تحضيرات لمشروع وطني عابر للطوائف

ويعتبر الربيعي أنّ إقرار القانون "إنجاز كبير"، مؤكّداً أنّ "التوافق السياسي على القانون جاء بفضل خطة الإصلاحات التي أطلقها العبادي، والتي فتحت الباب أمام تقليل الفجوة بين الكتل السياسيّة، والتي رأت حزماً من قبل رئيس الوزراء بتطبيق الإصلاحات مهما كلّف الأمر، ما دفعها إلى التوافق على القوانين المعطّلة، والتي كانت مسار خلاف بين الكتل".

ويلفت الخبير السياسي إلى أنّ "القانون الجديد ضمن حريّة تشكيل الأحزاب وفقاً لضوابط معينة، على عكس ما كان في القانون العراقي السابق، والذي حظر تشكيل أي حزب في العراق عدا الحزب الحاكم، واشترط دخول كل العراقيين طلاباً وموظفين في الحزب وأغلق الباب أمام الطاقات العراقيّة لتعبّر عن نفسها وتقدّم ما لديها للبلاد".
ويشدّد الربيعي على أنّ "إصلاحات العبادي دفعت البرلمان إلى تقديم إصلاحات مهمّة، وبالتالي ستنعكس صورة الإصلاح والتوافق على الواقع السياسي وحتى الأمني في البلاد"، معرباً عن تفاؤله، بـ"إقرار كافة القوانين المهمّة، والتي تمسّ الشارع العراقي".

في المقابل، ينتقد الخبير السياسي، عبد الغني النعيمي، القانون، موضحاً أنّه "لا يخلو من السلبيات". ويقول النعيمي في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "القانون فتح الباب واسعاً أمام تشكيل الأحزاب السياسية من دون تحديد العدد، الأمر الذي سيقسّم العراق إلى أحزاب وجهات تتجاذبها مصالح حزبية وفئوية". ويلفت إلى أنّه "كان من المفترض أن يضع القانون شروطاً صعبة على تشكيل الأحزاب ليحدّ من تناميها ولا يجعل منها ظاهرة تستهوي الكثير من العراقيين، وتنتهي بتقسيمهم إلى أحزاب وفئات"، مبيّناً أنّ "التمويل الحكومي لكل تلك الأحزاب سيثقل كاهل الدولة".

وكان النائب عن "ائتلاف دولة القانون"، عدنان الأسدي، قد أكّد أنّ "الجهات الأمنية المختصة ستراقب عمل ونشاطات الأحزاب ومدى التزامها ببنود القانون وتحديد خروقاتها لبنوده". وقال الأسدي في مؤتمر صحافي، يوم الخميس، إنّ "من يؤسس حزباً عليه ألا يكون من أعضاء السلطة القضائية أو هيئة النزاهة أو مفوضية الانتخابات أو مفوضية حقوق الإنسان، ولا من منتسبي الجيش والشرطة وجهاز المخابرات، وعلى من كان منهم منتمياً إلى حزب الاختيار بين الاستقالة من الحزب أو الوظيفة".

وأشار إلى أنّ "التمويل سيكون على أساس حجم الحزب وعدد أعضائه، ووفقاً للمبالغ المخصصة في الموازنة العامة للأحزاب والتنظيمات السياسية". ورأى الأسدي أنّ "أبرز ما تضمنه قانون الأحزاب السياسية، هو وضع شروط على تشكيل أو تأسيس الأحزاب، وعدم ترك الأمر من دون ضوابط واضحة كي يمّكن من خلالها مراقبة عمل الأحزاب ونشاطاتها ومصادر تمويلها". وأوضح أنّ "الجهات الأمنية المختصة والمتمثلة في جهاز المخابرات والأمن الوطني ومديرية الاستخبارات ستتابع حركة الأحزاب من خلال تفعيل آلية متابعة الأحزاب التي تحاول اختراق القانون من ناحية التمويل أو الترويج أو التحريض على العنف".

اقرأ أيضاً أزمة "البيت الشيعي": الانقسامات والإصلاحات تهدّد التحالف العراقي الحاكم

المساهمون