مصر: تكتيك "الزئبق" لمواجهة عنف الداخلية ضد معارضي الانقلاب

مصر: تكتيك "الزئبق" لمواجهة عنف الداخلية ضد معارضي الانقلاب

14 اغسطس 2015
طالب المتظاهرون بالقصاص من قتلة الشعب (العربي الجديد)
+ الخط -

تواصلت في محافظة الإسكندرية شمال مصر، اليوم الجمعة، التظاهرات الرافضة للانقلاب العسكري والمطالِبة بالحرية وعودة الشرعية وإنهاء حكم العسكر ضمن الفعاليات التي دعا إليها "التحالف الوطني لدعم الشرعية"، لإحياء الذكرى الثانية لـ"مجزرة رابعة والنهضة" التي أدت لمقتل وإصابة المئات برصاص الجيش والشرطة.

واستخدم أنصار الشرعية ورافضو الانقلاب في الإسكندرية، تكتيك "الزئبق" في تظاهراتهم التي نظّموها عقب صلاة الجمعة بمناطق شرق وغرب المدينة للتغلب على الملاحقات الأمنية واستهداف قوات الأمن للمشاركين في هذه الفعاليات.

وبحسب مشاركين في فعاليات اليوم، اعتمد تكتيك "الزئبق" على انتشار أكبر عدد ممكن من الثوار ومؤيدي الشرعية، في مواقع جغرافية مختلفة، والانطلاق بتظاهرات احتجاجية متزامنة على مدار اليوم، بحيث لا تتمكن الأجهزة الأمنية من ملاحقتها أو فضّها وإلقاء القبض على أعضائها.

كما تم تنظيم تظاهرات بصورة خاطفة بالقرب من ارتكاز قوات أمن الانقلاب في عدد من المناطق والأماكن على مستوى المحافظة تكون معلومة فقط للمشاركين فيها وبصورة تسمح لهم بسرعة التجمع والانصراف وتفادي بطش الداخلية.

وشهدت المدينة انطلاق عدد من التظاهرات بمناطق العامرية وبرج العرب والرمل والمنتزه والعوايد وقت انتشار قوات الأمن بمشاركة عناصر من الشرطة والجيش في مختلف الميادين والشوارع الساحلية، ونشرت عدداً من الأكمنة في مداخل وخارج المدينة.

ورفع المشاركون شارات رابعة وصور الرئيس المعزول محمد مرسي وأعلام مصر وصور الشهداء والمعتقلين من أبناء المحافظة، ورددوا هتافات ضد انتهاكات وزارة الداخلية وممارسات التصفية الجسدية للمعتقلين، وأخرى منددة بتدخل الجيش في السياسة والمطالبة بالحرية والقصاص لدماء الشهداء ووقف الملاحقات الأمنية لمعارضي الانقلاب.

كما طالب المتظاهرون بالقصاص من قتلة الشعب وعودة المؤسسات الشرعية المنتخبة والإفراج عن المعتقلين ووقف الانتهاكات المستمرة التي يتعرضون لها في أماكن الاحتجاز، مؤكدين مواصلة احتجاجاتهم إلى حين إسقاط الانقلاب العسكري ومحاكمة قادته وعودة المسار الديمقراطي والقصاص للقتلى.

وطالب المشاركون الجيش بالابتعاد نهائياً عن المشهد السياسي والإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين، في إشارة إلى الخطوة التي قام بها الجيش بعزل الرئيس مرسي في 3 يوليو/تموز.

وأعرب المشاركون في التظاهرات عن غضبهم من تردّي الحالة الاقتصادية وسياسة تكميم الأفواه التي تمارس ضد المعارضين والأحكام التي صدرت ضد مرسي وغيره من معارضي الانقلاب العسكري التي وصفوها بالمسيسة، مؤكدين أنها لن تثنيهم عن مطالبهم بعودة الشرعية.

كما قامت مجموعة من أعضاء حركة "شباب ضد الانقلاب" بالإسكندرية، بتعليق لافتة كبيرة على أسوار كوبري علوي بمواجهة قسم شرطة "المنتزه ثان" شرق المدينة، مدوّن عليها "الأرض لا تشرب الدم – الذكرى الثانية لفض رابعة".

الأمر نفسه نفذه محتجون بغرب المدينة، لكن على جدران المنازل والحوائط بالشوارع، مستخدمين مواد طلاء حمراء اللون، دوّنوا بها عبارات مثل "الأرض لا تشرب الدم"، و"جمعة الغضب الثالثة" و"هنجيب حقهم يا نموت زيهم".

وقال أحد شباب حركة "ضد الانقلاب" بالإسكندرية، محمد محروس، إن التكتيك الذي اعتمد عليه الثوار، اليوم أثبت فاعلية و"نجاعة" كبيرة، في تنظيم عدد من الفعاليات من دون الدخول في مواجهة مباشرة مع قوات الأمن، مشيراً إلى أن ما وصفها بمليشيات العسكر، جرّت مصر إلى حروب شوارع، لقتل المعارضين مثلما تفعل المليشيات الصهيونية ضد الفلسطينيين.

وأضاف محروس: تحدّينا بكل قوة التضييق الأمني الذي فرضته الشرطة المدعومة بقوات من الجيش الانقلابي، في ذكرى فض اعتصام ميداني رابعة العدوية ونهضة مصر اليوم، وأثبتنا أننا قادرون على ضخ دماء جديدة للثورة في كل يوم.

وأكد أن تكتيك الثوار ومناهضي الانقلاب نجح في إفشال جهود قوات الأمن، في تفريق التظاهرات وإلقاء القبض على المشاركين فيها، على الرغم من التجهيزات والدعم الشرطي والعسكري الكبير الذي بدا واضحاً في الشوارع والميادين منذ الساعات الأولى من صباح اليوم الجمعة.

بدوره، قال أحد المشاركين في التظاهرات بمنطقة الرمل، عاطف فتحي: أشارك في تظاهرات اليوم التي خرجت لإحياء الذكرى الثانية لفض اعتصام رابعة العدوية للمطالبة بالقصاص العادل من قاتلي المتظاهرين السلميين.

وتابع: كلما مر علينا الزمن لا يزيدنا سوى إصرار على الثأر من الخائنين والقاتلين والمحرّضين، وتساعدنا التكتيكات المنظمة على التلاعب بقوات أمن الانقلاب التي تمتلك جسد التنين الضخم مع عقل الذبابة الصغيرة، فرغم استعداده بالمركبات العسكرية والمصفحات والسيارات المجهزة والأسلحة الكثيرة التي يحملها عدد لا نهائي من جنوده وأفراده، إلا أنه غير قادر على السيطرة على الأرض، ولا يستطيع منع التظاهرات التي ينظمها داعمو الشرعية.

وأوضح أن استراتيجية الثوار اعتمدت في الخلاص من إحكام القبضة الأمنية، على تنظيم تظاهرات سريعة ومفاجئة في مواقع غير متوقعة، وعلى مدار أوقات متفرقة ومتباعدة، الأمر الذي أنهك قوات الأمن ومنعها من إلقاء القبض عليهم واعتقالهم.

من جهته، أكد أحد المشاركين في تظاهرات برج العرب، خميس السيد، أن التضييق الأمني المكثف الذي أجرته قوات الشرطة والجيش، فشل في السيطرة على الأرض، لأنه لم يهتم سوى بالشوارع الرئيسية والميادين العامة، وتناسى أن مؤيدي الشرعية ومناهضي الانقلاب موجودون في كل شبر من أرض مصر.

وأشار إلى أنه مهما زادت تجهيزات قوات أمن الانقلاب فإنها لا تستطيع إحكام الحصار على التظاهرات المؤيدة للشرعية والمنددة بفض اعتصام ميدان رابعة العدوية، على الرغم من تحويل الميادين إلى ثكنات عسكرية كاملة.

وتساءل السيد ساخراً: إذا كانت قوات الجيش غير قادرة على السيطرة على سيناء أو كل مناطق الحدود، وغير قادرة أيضاً على إحكام قبضتها على الشارع المصري الذي يرفضها ويرفض احتكارها للحكم بالغصب والقوة، فهل يستطيع مواجهة أصحاب الحق في المطالبة بحقوقهم.

اقرأ أيضاً: سياسيون وشيوخ وعسكر في قائمة المسؤولين عن مذبحة رابعة

المساهمون