"الأمن الوقائي" للحدّ من جرائم المليشيات في العراق

"الأمن الوقائي" للحدّ من جرائم المليشيات في العراق

29 يوليو 2015
يضمّ "الحشد الشعبي" 120 ألف عنصر الأناضول)
+ الخط -
على خلفية تصاعد الانتهاكات الواسعة في العراق من قبل مليشيا "الحشد الشعبي"، وتوجيه اتهامات مباشرة لها بـ"التورّط بعمليات إعدام وقتل عشوائية، على أسس طائفية، وجرائم سرقة وسطو مسلح في عدد من مناطق نفوذها، أو المناطق التي يتم السيطرة عليها حديثاً"، يدور جدل حاد في أروقة "التحالف الوطني" الحاكم في البلاد وقيادات ميدانية وروحية، في موضوع "تأسيس جهاز الأمن الوقائي".

ويهدف الجهاز المزمع تشكيله إلى ضبط حركة المليشيات، وإبعاد من وُصفوا بـ"الدخلاء" و"المندسين" الذين "يشوّهون سمعة المليشيا"، والتي تقدّم دعماً مباشراً لقوات الجيش والشرطة النظامية في قتالها لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).

وتتغاضى الحكومة العراقية ووسائل الإعلام التابعة لها عن تلك الانتهاكات، لأسبابٍ يبرّرها بعض المراقبين بأن "منافع تلك المليشيات أكثر من مساوئها، لكونها باتت العصب الرئيسي في قتال داعش". إلا أن ارتفاع الجرائم التي ينفذها بعض العناصر من "الحشد"، كالقتل والتهجير واختطاف المواطنين والسرقة، دفع بقيادات برلمانية ومسؤولين بالحكومة العراقية، يتبعون لـ"اتحاد القوى الوطني"، إلى التلويح باتخاذ موقف سياسي وتدويل قضية الجرائم.

وذكر مسؤول عراقي في حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي، رفض الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، أن "القيادات السياسية تلقّت طلباتٍ لدراسة مشروع تشكيل جهاز رقابي داخل تلك المليشيات، لرصد العناصر المسيئة وإبعادها والحدّ من تلك الجرائم".

اقرأ أيضاً عالم المليشيات في العراق: 53 تشكيلاً بدعم إيراني

ويضيف المسؤول أن "المشروع محل جدل بين مؤيد ومعارض له، خصوصاً أن تشكيله يؤكد التهمة ويدين المليشيات"، في حين طالب آخرون بـ"تكليف كل فصيل مسلّح في المليشيات، بمراجعة عناصره وعدم التذرّع في كل مرة بعبارة: تصرفات فردية".

ويؤكد أن "المشروع عُرض على مراجع دينية أيّدت تطهير الحشد الشعبي وإبعاد السيئين منه في حملة داخلية، من دون الحاجة لهذا المشروع، إلا أن هناك من يرى أن تصاعد حدة الجرائم، يستدعي وجود جهاز قوي داخل الحشد الشعبي".

من جهته، قال القيادي في "الحشد" الشيخ كاظم الحسناوي في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "من يروج لوجود جرائم في هيئة الحشد، هو إرهابي لا يقل إرهاباً عن تنظيم داعش، ويجب محاكمته بتهمة الخيانة والتعاون مع العدو". وأضاف الحسناوي أن "مقترح تشكيل جهاز الأمن الوقائي هو لترتيب أوضاع الحشد، والذي دافع، وما زال، عن العراق، بالإضافة إلى وقف تداخل الصلاحيات بين القيادات". واعتبر أن "وجود عنصر أو اثنين من الجاهلين، لا يعني الطعن بهذا التشكيل المقدّس".

الى ذلك طالب مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري والأب الروحي لمليشيا "المهدي"، أكبر الفصائل المسلحة المشاركة في "الحشد الشعبي"، خلال بيان له الإثنين، بـ"تصفية الحشد من المندسين الذين يحاولون تشويه سمعته". ودعا إلى "إبقاء الحشد في إطار الحكومة المنتخبة". وأوضح الصدر أنه "من المهم أن يبقى الحشد الشعبي مؤسسة أمنية تحت ظل الحكومة المنتخبة، وأي عمل يؤدي إلى فصله مرفوض وممنوع".

وأضاف أنه "تجب تصفية الحشد الشعبي وأفراده من كل غش ومندس يريد تشويه سمعته". لكنه اعترض على تشكيل جهاز "الأمن الوقائي" المُقترح من قبل قيادات "التحالف الوطني"، قائلاً إن "هذا الأمر سيجعل الحشد في موضع الافتراء ضده ويجب الحذر منه". وشدد على أن "مثل هذه الأمور قد لا ترضي المرجعية وعليكم مراجعتها".

في سياقٍ متصل، لفت القيادي في "مجلس عشائر الأنبار" المناهض لـ"داعش"، الشيخ أحمد العسافي، إلى أن "تشكيل جهاز لضبط تصرفات المليشيات، سيقطع الطريق أمام من يتذرّع بأن بديل داعش هو المليشيات، ولا يعود هناك مبرر لعدم دخوله في المعادلة".

وقال العسافي: "نريد إعادة الناس إلى منازلهم والمليشيات لن تبقى في المدن التي تحرّرها طويلاً، بل ستعود لمواقعها بعد أن تهدأ الأمور، لكن هناك من يرى أن عناصر من الحشد ترتكب جرائم، وأن هذا الأمر يُشكّل عائقاً أمام أي تحالف ضد داعش، لذا نرى أن عملية تطهير الحشد الشعبي أمر ضروري لا بد منه". وسبق أن أعربت منظمات دولية ومحلية عدة في الفترة الأخيرة عن "قلقها إزاء التجاوزات الكبيرة في حقوق الإنسان بالعراق من أطراف عدة".

يُذكر أن مليشيا "الحشد الشعبي" تشكّلت في 13 يونيو/حزيران 2014، عقب اقتحام "داعش" العراق وسيطرته على أجزاء واسعة منه، وذلك بفتوى من المرجع الديني علي السيستاني، عُرفت حينها بفتوى "الجهاد الكفائي". ويضمّ "الحشد" 120 ألف عنصر من 53 فصيلاً.

اقرأ أيضاً: العراق يدعو المجتمع الدولي إلى التحقيق في تفجيرات "داعش"

المساهمون