تكاليف الزواج ترهق الإيرانيين

تكاليف الزواج ترهق الإيرانيين

27 يناير 2015
ارتفاع سن الزواج لدى الجنسين (قوي كاظمي/ فرانس برس)
+ الخط -
تمشي بريا في بازار طهران الشعبي ومعها والدتها، وتتفقدان ما يمكنهما شراؤه من أجل تجهيز منزلها الزوجي المستقبلي. فالشابة التي تبلغ أربعة وعشرين عاماً، ليست مخطوبة حتى. لكنّ العادة جرت لدى بعض العائلات الإيرانية في تجهيز البنات وشراء الحاجيات المنزلية الكاملة للعش الزوجي، قبل فترة طويلة.

تقول الوالدة إنّ من الأفضل شراء هذه الحاجيات واحدة بعد أخرى. فالعائلات تجهز فتياتها قبل مجيء العرسان. لكنّها اليوم، تضطر إلى جلب الأغراض تدريجياً، بسبب ارتفاع التكاليف.

في محل مقابل، يقف خطيبان لشراء الذهب، ويتحدثان عن ضرورة التعاون في ذلك، في ظل الغلاء. ففي الوقت الذي يترتب فيه على الفتاة تجهيز البيت، يقع على عاتق الشاب العديد من الأمور الأخرى، كالمهر والذهب وتكاليف حفلة الخطوبة والعرس وكل تكاليف التقاليد الأخرى المصاحبة. فيما تكثر العائلات التي تطالب أهل العريس وأهل العروس، كل من طرفه، بتأدية واجبهم. وهو ما يرتب على الجميع، رجالاً ونساء وشبانا وفتيات، مهام ثقيلة.

من جهته، أجرى موقع مهر الإيراني دراسة تفصيلية عن هذه التكاليف. فوجد أنّ متوسط تكاليف الزواج في البلاد يتراوح بين 6 آلاف و15 ألف دولار تقريباً. وهي مبالغ مرتفعة للغاية بالنسبة للمواطنين الإيرانيين الذين يبلغ معدل الراتب لديهم 500 دولار تقريباً في الشهر الواحد.

وبذلك، يبدأ دفع المبالغ من التقليد الأول المرتبط بشراء هدايا للعروس وعائلتها قبل الذهاب إلى منزل أهلها لطلب يدها. ويمتد إلى تكاليف الملابس والذهب والتحاليل الطبية اللازمة وتكاليف تسجيل عقد الزواج، فضلاً عن حفل الزفاف الذي يتطلب الكثير بدوره. فيتكبد الطرفان بالتالي دفع مبالغ مرتفعة.

من جهتهم، يحذر الخبراء من أنّ هذه التقاليد المكلفة تلعب دوراً، بشكل أو بآخر، في الإحصاءات المقلقة التي تشير إلى عزوف الشباب الإيراني عن الزواج، وارتفاع سن الزواج لدى الجنسين.

وتشير الأرقام الصادرة عن مركز الإحصاء الرسمي إلى أنّ 37.8 في المائة من الرجال في سن الزواج كانوا غير متزوجين العام الماضي، وكذلك 30.5 بالمائة من النساء الإيرانيات في سن الزواج.

كما تشير إلى أنّ سن الزواج ارتفع في البلاد مقارنة بالأعوام السابقة. ويقول رئيس مكتب الإحصاء والمعلومات السكانية في مؤسسة الأحوال المدنية، علي أكبر محزون، إنّ معدل سن الزواج للرجال بلغ 28 عاماً، وللنساء 24 عاماً.

ويعتبر محزون أنّ هذه الأرقام تشير إلى خلل اجتماعي يؤخر زواج الشباب الإيراني، أو يجعلهم يعزفون عنه. ويقول إنّ المسؤولية تقع على الحكومة والمجتمع والأسرة، على حد سواء. ويؤكد على ضرورة إقرار خطط للوقوف في وجه ارتفاع هذه الأرقام مستقبلاً.
فيما تقول إحصاءات رسمية أخرى إنّ 20 في المائة من حالات الزواج في إيران، لا تستمر أكثر من خمس سنوات. وكذلك، فإنّ 80 بالمائة من المطلقات لا يزيد عمرهن على الثلاثين عاماً. وتحتل العاصمة طهران المرتبة الأولى في ارتفاع نسب الطلاق، مع 30 حالة طلاق في كلّ 100 حالة زواج.

كما نشرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) في وقت سابق، إحصاء يشير إلى أنّ نسبة الزواج انخفضت 9.5 في المائة عام 2014 عن 2013. كما ازداد الطلاق في الفترة نفسها بمعدل 6 في المائة.

وتعتبر مستشارة وزير الداخلية لشؤون المرأة، فهمية فرهمند بور، أنّ مفهوم الأسرة في البلاد يتعرض لمشكلات اجتماعية حقيقية.

وتؤكد فرهمند بور أنّ الإدمان على المخدرات بين الرجال والنساء، على حد سواء، بات أمراً مقلقاً. ويفرز مشكلات اجتماعية أخرى كالطلاق، بالإضافة إلى المشكلات الاقتصادية كالبطالة التي يعاني منها عدد كبير من الشبان. وتعتبر أنّ رواج ثقافة التأخر في الزواج، أو ارتفاع عدد العازبات في المجتمع، أمر مقلق كذلك، وتجب معالجته.

من جهته، يقول رئيس نقابة المستشارين الاجتماعيين، حسن موسوي تشلك، لوكالة أنباء مهر إنه "لا يكفي الحديث فقط عن هذه الظواهر والوقوف مكتوفي الأيدي، بل يجب تخصيص ميزانيات محددة لإقرار خطط مجدية، وهذا لمساعدة الشباب الإيراني على تجاوز هذه الأمور، فضلا عن ضرورة عقد مؤتمرات وندوات خاصة باستضافة خبراء ومتخصصين لمعرفة كيفية نشر ثقافة التعاطي مع هذه الأمور، مع توضيح تبعاتها السلبية مستقبلا".

ويحمّل الخبراء المسؤولية للحكومة الإيرانية التي يتوجب عليها أن تتولى حل المشاكل المعيشية والاقتصادية التي تمنع الشباب من الزواج، بالإضافة إلى بعض المشكلات الاجتماعية كالإدمان. ويرون أنّ هذا الأمر سيساعد الشباب في خوض تجربة الزواج من دون تردد، ما يساهم في وقف معدلات العزوبة التي تسبب تبعات اجتماعية وديموغرافية سلبية على المجتمع مستقبلاً.