"بيعة البغدادي" تشق جهاديي شمال أفريقيا

"بيعة البغدادي" تشق جهاديي شمال أفريقيا

17 مايو 2015
سيُغيّر الخلاف بين الفريقين الخريطة بالجزائر (فاروق باطيش/فرانس برس)
+ الخط -
لم يمرّ أكثر من عامين على اندماج التنظيمين المسلّحين: "كتيبة الملثمين" و"التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا" في تنظيم واحد تحت مسمى تنظيم "المرابطون"، حتى وقع الانشقاق. لم يكن دافع الخلاف هذه المرة، الغنائم أو مساحات النشاط والسيطرة، بل إن مبايعة زعيم تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) أبو بكر البغدادي، كانت السبب وراء الخلاف، الذي سيغيّر من خريطة نشاط المجموعات المسلّحة في منطقة الساحل وشمال افريقيا.

ورفض أحد مؤسسي "المرابطون"، القيادي السابق في "قاعدة المغرب الإسلامي" مختار بلمختار، مبايعة البغدادي، التي أعلنها "المرابطون"، يوم الأربعاء. وقال بلمختار، الذي أسس "كتيبة الملثمين"، في تسجيل صوتي، إن "هذه البيعة لا تُلزم شورى المرابطين".

وبلمختار المعروف في الجزائر بلقب "مسيو مارلبورو"، بسبب احترافه تهريب سجائر "مارلبورو" في منطقة الساحل، اعتبر أن "بيعة المرابطون للبغدادي لم تلتزم شروط وعهود الشورى في التنظيم. وخالفت البيان التأسيسي الذي حدّد منهج وسلوك التنظيم". ووعد بلمختار بإصدار توضيحات أخرى وبيان آخر عن مجلس شورى "المرابطون"، بعد إجراء مشاورات حول الأمر.

وكان "المرابطون" قد أصدروا تسجيلاً صوتياً، الأحد الماضي، أعلنوا فيه عن "تعيين قائدٍ جديد، وهو عدنان أبو الوليد الصحراوي، خلفاً للمصري أبو بكر المهاجر". وبايع التنظيم البغدادي، ودعا كل الجماعات المسلحة للقيام بالمثل.

وإذا كان "المرابطون"، يُعدّ التنظيم الثالث في منطقة المغرب الغربي والساحل الأفريقي، الذي يُعلن مبايعته لـ"داعش"، بعد تنظيم "جند الخلافة"، و"كتيبة سكيكدة أجناد الخلافة"، التي أعلنت، يوم الأحد، مبابعتها لـ"داعش" والبغدادي في الجزائر، فإن بلمختار وكتيبته "الملثمين"، هم بدورهم التنظيم الثالث الذي يرفض مبايعة البغدادي.

اقرأ أيضاً الجزائر: وهم تمدّد "داعش" عبر "جند الخلافة"

واحتفظ بلمختار بالتالي بموقفه التابع لـ"القاعدة" وأميرها أيمن الظواهري، بعد رفض تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" في الجزائر مبايعة البغدادي، أو الالتحاق بالمجموعات التي أيّدت "الدولة الإسلامية". وهو موقف كلّف التنظيم انشقاق مجموعة عنه، عُرفت بـ"جند الخلافة" في منطقة تيزي وزو، كانت قد اتهمت "القاعدة" في سبتمبر/أيلول الماضي، بـ"المماطلة في الجهاد"، وأعلنت مبايعتها للبغدادي. كما رفض جناح من "كتيبة عقبة بن نافع"، التابعة لتنظيم "أنصار الشريعة" في تونس، مبايعة البغدادي، على الرغم من محاولة جزء من هذه الكتيبة المُشكّلة من جزائريين وتونسيين، الإقدام على المبايعة.

وثمّة سبب كان يدفع في وقت سابق إلى هذه الخلافات، يتعلّق بالأجندة المتصلة بكل تنظيم، فكتيبة "الملثمين"، مُشكّلة أساساً من عناصر جزائريين وموريتانيين، يتمتعون بحالة من الولاء لـ"القاعدة"، ويرتبطون بأجندة محلية وإقليمية. عكس تنظيم "التوحيد والجهاد" الذي تَشَكّل من خليط من الجهاديين الآتين من مالي والنيجر وموريتانيا ومصر وتونس، وسعوا إلى استبعاد الهيمنة الجزائرية على مواقع القيادة في التنظيمات الجهادية النشطة في منطقة الساحل، قبل أن تفرض التطورات المتلاحقة المتعلقة بالحرب الفرنسية على المجموعات المسلحة في شمال مالي في مارس/آذار 2013، على التنظيمين الاندماج لمقاتلة القوات الفرنسية.

وبحسب الخبراء والمحللين، فإن الصدام في الموقف بين بلمختار ومجموعته، وبين مجموعة "التوحيد والجهاد" داخل "المرابطون"، يعني نهاية التنظيم. ويرى الخبير العسكري الجزائري رمضان حملات، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "ذلك سيؤدي لاحقاً إلى انفصال التنظيمين وعودتهما إلى العمل كل بطريقته، وبالتالي تفكيك المرابطون".

ويعتبر المحلل السياسي قوي بوحنية، في تصريحاتٍ لـ"العربي الجديد"، أن "المُعطى الجديد قد يفرض حالة من الصدام الدامي والتنازع على مناطق النفوذ والسيطرة والنشاط بين الطرفين، خصوصاً أن أجندة التنظيمات التي تتبع الدولة الإسلامية، تكون صدامية ضد تنظيمات لا تواليها، كحال داعش وجبهة النصرة في سورية".

وينشط "المرابطون" في منطقة شمال مالي وجنوبي الجزائر والنيجر وموريتانيا، وأغلبية عناصره من العناصر السابقة في تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، وهو كان مسؤولاً عن الهجوم على منشأة الغاز تيقنتورين، في عين أميناس، جنوبي الجزائر، في يناير/كانون الثاني 2013.

اقرأ أيضاً: السلطات الجزائرية تُشدد الخناق على حرية الصحافة

المساهمون