حكومة نتنياهو تتخطى "ألاعيب المعارضة" بكلفة عالية

حكومة نتنياهو تتخطى "ألاعيب المعارضة" بكلفة عالية

12 مايو 2015
اشترى نتنياهو ولاء الأحزاب بأموال طائلة(سيباستيان شاينر/أ ف ب)
+ الخط -
قطعت المحكمة الإسرائيلية العليا يوم الأحد، الطريق على أحزاب المعارضة الإسرائيلية، في سعيها لإحراج رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووضعه أمام امتحان صعب، لمنعه من تقديم اقتراح قانون يتيح توسيع صفوف الحكومة لأكثر من 18 وزيراً، بعدما اعتبر المستشار القضائي للحكومة أن الالتماس الذي قدّمته أحزاب المعارضة لن يغيّر النتيجة النهائية عند التصويت بسبب موازين القوى. وبعد ظهر أمس الاثنين، قررت لجنة الكنيست تأجيل التصويت على قانون توسيع الحكومة إلى يوم غد الأربعاء.

وعلى الرغم من أنّ أحزاب المعارضة، وخصوصاً حزبي "المعسكر الصهيوني" بقيادة يتسحاق هرتسوغ و"ييش عتيد" بقيادة يئير لبيد، ظهرا وكأنّهما يتعلقان بقشة المناورات البرلمانية لاستنزاف ائتلاف نتنياهو قبل تشكيله رسمياً، إلّا أنّهما لم ينجحا عملياً في تحقيق هذا الهدف، إذ تمكن نتنياهو مسبقاً من خلال إلزام كل أعضاء الائتلاف المرتقب بالبقاء في إسرائيل وعلى "مسافة خطوة" من قاعة التصويت، لضمان أغلبية للقانون الجديد قبل إعلان حكومته، ومنع إحراجه في حال تغيّب أحد أعضاء أحزاب الائتلاف عن التصويت غداً الأربعاء.

اقرأ أيضاً: المحكمة الإسرائيلية ترد التماس المعارضة ضد قانون لصالح نتنياهو

كما أنّ لجوء المعارضة يوم الأحد إلى "حرق الوقت" في مداولات الكنيست قبل الوصول إلى التصويت على القانون، لم يكن كافياً لإحراج نتنياهو الذي استبق الخطوة بالإعلان مسبقاً أنه سيرجئ عرض الحكومة الجديدة على الكنيست لنيل ثقتها، حتى يوم الخميس المقبل مع احتمال عرضها أيضاً في مطلع الأسبوع المقبل، من خلال لجوئه هو الآخر إلى مناورة برلمانية تعتمد على بند في القانون ينص أنّ على رئيس الحكومة المكلّف عرض حكومته على الكنيست خلال أسبوع من إبلاغ رئيس الكنيست لباقي الأعضاء بالتوصل إلى ائتلاف حكومي.

لكن بعيداً عن المناورات البرلمانية، وبدء "عض الأصابع" بين أحزاب المعارضة والائتلاف، اتضح أول أمس الأحد من خلال تحقيق لصحيفة "ذا ماركر الاقتصادية" أن ائتلاف نتنياهو الجديد لا يشكّل مجرد انقلاب على سياسة حكومته السابقة في كل ما يتعلق "بالترشيد الاقتصادي"، بل إنّ هذا الائتلاف هو الأغلى في تاريخ حكومات إسرائيل، من حيث كلفة بنوده.

وبيّن التحقيق أنّ كلفة الاتفاقيات الائتلافية للحكومة الحالية تصل إلى 6.9 مليارات شيقل سنوياً (كل دولار واحد يساوي بين 3.8 و4 شواقل)، قبل احتساب المصروفات الإضافية للحكومة في حال زيادة عدد الوزارات الحكومية وإضافة عدد من نواب الوزراء لها. واتضح أن كلفة مطالب حزب البيت اليهودي تصل إلى 1.208 مليار شيقل، أما مطالب الأحزاب الحريدية (شاس ويهدوت هتوراة) وجلّها في مجالات المخصصات الاجتماعية والمالية للحريديم، تصل إلى 3.980 مليارات، أمّا كلفة رفع رواتب الجنود ومنع تسريحهم من الجيش، تصل إلى 1.300 مليار شيقل.

اقرأ أيضاً: المعارضة الإسرائيلية تحاول عرقلة سعي نتنياهو لتوسيع الحكومة المقبلة

وأشار التحقيق إلى أنّ كلفة تشكيل حكومة أولمرت عام 2006 بلغت 1.5 مليار شيقل، على مدار السنوات الثلاث لعمرها. بينما كلفة حكومة نتنياهو الثانية عام 2009، بلغت 2.9 مليار شيقل على مدار ثلاث سنوات، فيما لم تكلف الحكومة الأخيرة (الثالثة لنتنياهو) عام 2013 خزينة الدولة شيئاً يذكر.

ودعمت نتائج هذا التحقيق ما سبق لأحزاب المعارضة أن ادعته بخصوص شراء نتنياهو لولاء هذه الأحزاب من خلال منحها أموالاً وميزانيات طائلة لتحقيق الوعود الانتخابية لجمهور مصوّتيها. فيما تمثّل مبادرة نتنياهو لتغيير القانون المتعلق بتحديد عدد وزراء الحكومة وعدم قصره على 18 وزيراً، خطوة مكمّلة لشراء ولاء أعضاء حزبه، من خلال تعيينهم وزراء في الحكومة الجديدة وضمان تصويتهم وعدم تغيبهم عن اقتراحات حجب الثقة عن الحكومة. ويشكل هذا الأمر مصدر قلق لنتنياهو، خصوصاً بعد أن تقلص عدد داعمي الائتلاف إلى 61 عضواً من أصل 120 عضو كنيست بفعل إعلان رئيس حزب "يسرائيل بيتينو" أفيغدور ليبرمان، رفضه الانضمام للحكومة الجديدة.

وفيما سيتمكن نتنياهو، سواء عرض حكومته الخميس أو الأسبوع المقبل، من إحباط حركة المعارضة الأخيرة، فإنه سيكون عليه بعد تمرير قانونه الجديد، العمل لضمان تعاون شركاء الائتلاف الحكومي الجديد، بغية تأمين استقرار ائتلافه وحكومته وعدم تعريضه لهزات وأزمات من شأن انسحاب أي حزب مشارك في الائتلاف على أثرها أن يسقط حكومة نتنياهو.

اقرأ أيضاً: أوباما يهنئ نتنياهو ويؤكد حرصه على العمل مع حكومته

وعلى الرغم من التحليلات التي ترى أن الحكومة الجديدة غير مستقرة، إلّا أنّ المصلحة المشتركة لمركبات الائتلاف الحالي، بالبقاء على الحكومة الحالية كبيرة للغاية، لما تشكّله من فرصة ذهبية لها لضمان تحقيق أهدافها وخدمة ناخبيها (كما في حالة أحزاب الحريديم) أو ضمان بقائها السياسي وتفادي تحطمها انتخابياً (وهو ما لا يريده الحزب الجديد كولانو بقيادة موشيه كاحلون). إلى ذلك، يساهم إرضاء كل حزب في مجال مطالبه المالية في تعزيز الائتلاف، خصوصاً في ظلّ غياب فوارق وخلافات أيديولوجية عميقة، بما يتعلق بملفات الأمن والسياسة الخارجية والموقف المجمع عليه في الائتلاف الحالي بما يتعلق بمواصلة الاستيطان وعدم وجود أي خيار سياسي أو تفاوضي مع الجانب الفلسطيني على جدول أعمال الحكومة الجديدة.

على أي حال، فإن نجاح نتنياهو خلال الأيام القريبة في سن قانون توسيع صفوف الحكومة، لن يفيد نتنياهو فقط في سياق إرضاء قادة الليكود، وإنّما سيشكل رسالة واضحة للأحزاب المكونة للحكومة، أنّ بمقدوره في حال اضطرته الظروف الائتلافية لذلك، ضمّ حزب إضافي للحكومة سواء كان هذا المعسكر الصهيوني بقيادة يستحاق هرتسوغ، (الذي حصل على 24 مقعداً) أو حزب ييش عتيد بقيادة يئير لبيد (الذي حصل على 12 مقعداً)، مما يعني إضعاف وتحجيم تأثير كل واحد من هذه الأحزاب وضرب قدرتها على التهديد بحل الحكومة وإسقاطها.

ويعزز هذا الاحتمال ما تذكره وسائل الإعلام الإسرائيلية من نية نتنياهو الاحتفاظ بوزارة الخارجية لهذه الغاية، حتى يضمن منح الحزب المقبل على الحكومة حقيبة وزارية مهمة، ومقعداً في مجلس الكابينيت السياسي والأمني المصغر. كما يتفق ذلك مع إعلان الوزير يوفال شطاينتس، أنّ من شأن نتنياهو التوجه لتوسيع صفوف الائتلاف الحكومي لضمان استقرار الحكومة وإكمال ولايتها كاملة، فيما دفع ذلك بأعضاء حزب "المعسكر الصهيوني" إلى مناشدة رئيس الحزب هرتسوغ بالالتزام علناً بعدم الانضمام لحكومة بقيادة نتنياهو.

اقرأ أيضاً: نتنياهو وبنيت يتفقان على "شرعنة" النقاط الاستيطانية العشوائية بالضفة