الثني في موسكو: عودة روسيا وعقود القذافي

الثني في موسكو: عودة روسيا وعقود القذافي

16 ابريل 2015
خبراء روس: لا قيادة في ليبيا (عبدالله دوما/فرانس برس)
+ الخط -
بدأت روسيا تعود شيئاً فشيئاً إلى الساحة الليبية بعد غيابٍ طويل، إثر وصول رئيس وزراء حكومة طبرق الليبية عبد الله الثني إليها يوم الثلاثاء، بعد تأجيل الزيارة مرات عدة، بفعل الأوضاع الداخلية في ليبيا. ويسعى الثني في زيارته، تحت عنوان "المطالبة بمراجعة العقود والاتفاقات التي سبق أن أُبرمت في عهد العقيد معمّر القذافي، من أجل اتمامها، بما فيها عقود السلاح".

وتبدو زيارته دقيقة، نظراً لأن التدخل الغربي المباشر في ليبيا، الذي أدى إلى إطاحة حكم القذافي، شكّل انعطافة في موقف الروس من الثورة الليبية، بل من ثورات الربيع العربي عموماً. كما أن الاعلام الروسي يغطي "بحسرة" أخبار النزاع الليبي الداخلي، في بلادٍ كانت روسيا قد باشرت فيها مشاريع اقتصادية هامة، بعد إعفاء طرابلس من ديون سوفييتية سابقة بمليارات الدولارات. ونقلت وكالة "ريا نوفوستي" عن السفير الروسي في ليبيا، إيفان مولوتكوف، قوله إن "المباحثات ستدور حول التعاون الثنائي، والوضع في ليبيا، وكيفية مساهمة روسيا في تسويته".

وكان ممثل روسيا الدائم في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين، قد أعلن في فبراير/شباط الماضي، أن "روسيا يُمكن أن تشارك في تحالف دولي لمكافحة الإرهاب في ليبيا. ويمكنها على وجه التحديد إغلاق حدود ليبيا البحرية، لضمان عدم تزويد المقاتلين بالسلاح عن طريق البحر". ونقلت وكالة "تاس" عن تشوركين قوله، إنه "إذا كانت روسيا قد تمكنت من المشاركة في عملية عند شواطئ الصومال، فلمَ لا تستطيع ذلك في البحر الأبيض المتوسط؟". أما الثني فأكد أن "ليبيا تريد من روسيا، هذه الدولة العظيمة، المساعدة في إعادة الاستقرار إلى البلاد، والمساعدة عسكرياً"، وفقاً لما نقلته عنه "ريا نوفوستي".

اقرأ أيضاً: ليبيا: تشديد الإجراءات الأمنية بطرابلس بعد تزايد الهجمات

وذكرت الوكالة أن "الثني أكد رغبته في إعادة النظر ببعض العقود، التي كان قد أبرمها نظام القذافي مع موسكو سنة 2008، بما يحقق مصلحة الطرفين". وأشار إلى أن "الحديث يدور عن تفعيل الاتفاقات السابقة، بعد اجراء تعديلات عليها كلها"، مؤكداً أن "التعاون مع روسيا سيكون وثيقاً، تحديداً في مجال بناء سكك الحديد والتنقيب عن النفط".

وكان الثني قد لفت في مقابلة مع وكالة "سبوتنيك"، إلى أنه "سيتمّ توجيه دعوة إلى المستثمرين الروس للقدوم إلى ليبيا، والاطلاع على الأوضاع هناك". وأفاد بأنه "سيتم توجيه دعوة مماثلة للمستثمرين أثناء المؤتمر الاقتصادي الذي سيُعقد في مصر في شهر مايو/أيار المقبل، من أجل إعادة إعمار المناطق الليبية الخاضعة لسيطرة الحكومة. مع تأكيد حاجة الحكومة الليبية إلى شركات بناء كبرى وشركات حراسة لحماية المطارات والموانئ والشركات التي ستعيد إعمار البنية التحتية".

يُذكر أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كان قد وقّع في أبريل/نيسان 2008 مع القذافي، اتفاقاً شطبت موسكو بموجبه 4.5 مليارات دولار من الديون المستحقة على ليبيا للاتحاد السوفييتي، وحصلت مقابل ذلك على عقود عدة، أكبرها اتفاق مع شركة سكك الحديد الروسية، لتشييد خطّ سرت ـ بنغازي، بطول 500 كيلومتر.

كذلك حصلت موسكو جرّاء ذلك، على عقود سلاح كبيرة، لم يُفصح حينها عن قيمتها، إلا أن خبراء عسكريين روساً تحدثوا عن عقود تسليح تراوح قيمتها بين 2 و4 مليارات دولار، وتشمل مروحيات من نوع "كا ـ 52 أليغاتور"، وطائرات مقاتلة "سو ـ 35"، ومنظومة "إس ـ 300". وفي العام 2010، تم الاتفاق على بيع ليبيا بين 12 و15 طائرة "سو ـ 35"، وأربع طائرات "سو ـ 30 إم كا"، وست طائرات "ياك ـ 130". كما نوقشت حينها إمكانية شراء عدد من طائرات الشحن العسكرية "إيل ـ 76"، وفق ما جاء في صحيفة "فزغلياد". إلا أن إطاحة حكم القذافي أطاحت العقود الليبية الروسية أيضاً، وقُدّرت الخسائر التي تكبّدتها روسيا جراء ذلك بأربعة مليارات دولار.

وفي سياق ردود الفعل الروسية على زيارة المسؤول الليبي إلى موسكو، علّق النائب الأول لرئيس لجنة الدوما الحكومية للشؤون الخارجية، ليونيد كالاشنيكوف، قائلاً إن "لدى روسيا قبل كل شيء، مصلحة اقتصادية من بيع التكنولوجيا العسكرية، ولا أتحدث هنا عن المصلحة السياسية".

وفي السياق، علّق المحرر في مجلة "ناتسنالنيا أوبورونا" (الدفاع الوطني)، إيغور كوروتشينكو، على الأمر قائلاً "إذا ما تقدمت سلطات ليبيا الجديدة بطلب تعاون تقني ـ عسكري، وكانت على استعداد لإبرام اتفاقات وتسديد قيمتها، فلا أرى أي مانع، لأن روسيا مهتمة بتعزيز الاستقرار في ليبيا".

وأضاف أن "من الواضح للعيان أن القوات الحكومية تحتاج إلى سلاح فعّال مضمون، خصوصاً لبسط سيطرتها على الأقاليم حيث التمرد والفوضى، فالسلاح اليوم بات سلعة". وذكّر كوروتشينكو بتجربة روسيا مع العراق، والعودة إلى هناك بعد إطاحة حكم صدام حسين، فقال "نزوّد عراق ما بعد صدام حسين بالسلاح، ولا أرى أي عوائق تحول دون تزويد سلطات طرابلس الجديدة بالسلاح. لكن السلاح سلعة بثمن. ولا يمكن إطلاقاً أن يجري الحديث عن أي إمدادٍ أيديولوجي مجاني".

ومضى رئيس معهد "الشرق الأوسط" في موسكو، يفغيني ساتانوفكسي، أبعد من ذلك، وشكّك بوجود سلطة في ليبيا، وليس فقط بقدرة السلطات الليبية على تسديد ثمن السلاح. ونقلت عنه صحيفة "فزغلياد"، قوله إنه "لا توجد قيادة لتلك البلاد، كما أنه لا وجود للبلاد نفسها. فعبد الله الثني واحد من الذين يقدّمون أنفسهم على أنهم قادة ليبيا. مثل هؤلاء القادة في ليبيا كثر. وهناك رغبة في أن يقوم الروس الأغبياء من جديد ببناء شيء ما هناك وتقديم السلاح والمال، فهل نعود إلى الألعاب السوفييتية من جديد؟ إذا جاء الليبيون مع النقود فيُمكن النظر في الاتفاقات، ولكن من أين يأتون بها؟ لا مال لديهم، ولن تجد أحداً يعطيهم إياه".

اقرأ أيضاً: ليبيا: تهديدات تدفع الصحافيين إلى الهجرة

المساهمون