عودة الحرارة إلى خط دمشق ـ بغداد

عودة الحرارة إلى خط دمشق ـ بغداد

20 مارس 2015
بردت العلاقات بعد إطاحة المالكي لكنها عادت(هادي ميزبان/فرانس برس)
+ الخط -
تنقلت ثلاثة وفود حكومية وسياسية بين دمشق وبغداد، منذ مطلع الشهر الجاري، في أول تواصل سياسي واسع ومباشر من نوعه بين نظامي البلدين الجارين اللذين يتمتعان بدعم إيراني عسكري وسياسي كبير. ويشير هذا التواصل بوضوح إلى قرب عودة العلاقة إلى مرحلتها العلنية في التعاون المباشر بين النظامين، بعد التظاهر بقطعها لعدّة أشهر، تماشياً مع الانفتاح الخليجي والعربي على التغير السياسي في العراق، عقب الإطاحة برئيس الوزراء نوري المالكي، وسعي خلفه حيدر العبادي إلى إصلاح الملفات السياسية مع دول المنطقة العربية.
 

وتعتبر زيارات هذه الوفود الأولى من نوعها منذ تسلم العبادي زمام السلطة في العراق نهاية العام الماضي. وتوزعت بين وفدين عراقيين وواحد سوري، تبادلا الزيارة ولقاء رئيس النظام السوري بشار الأسد ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، وتركزت في المجمل على الوضع الأمني والعسكري للنظامين في كلا البلدين.
وأبلغ مسؤول عراقي رفيع في بغداد، فضل عدم نشر اسمه، "العربي الجديد" أنّ "وفداً من البرلمان العراقي مؤلف من ست شخصيات شيعية رفيعة من التحالف الوطني عن التيار الصدري والمجلس الأعلى وائتلاف دولة القانون، زار دمشق في الثالث من الشهر الجاري، أعقبتها في التاسع من الشهر نفسه زيارة وفد حكومي عراقي ضم ممثلين عن أمانة مجلس الوزراء ووزارة الداخلية ومستشارية الأمن الوطني إلى دمشق والتقى بشار الأسد".

وبين المصدر نفسه أن وفداً سورياً وصل إلى بغداد في الثاني عشر من الشهر نفسه، ضم أعضاء في مجلس الشعب السوري، ومحافظ اللاذقية إبراهيم خضر، وممثلين عن وزارة النقل، وشخصيات سورية أخرى، فضلاً عن السفير السوري لدى بغداد، صطام جدعان الدندح، والتقوا برئيس الوزراء حيدر العبادي وشخصيات بارزة في التحالف الوطني الشيعي، فضلاً عن قيادات في مليشيات "الحشد الشعبي"، وكانوا يحملون رسائل شفوية، على ما يبدو، لكل شخصية جرى اللقاء معها في بغداد". وأكّد أنّ "رئيس البرلمان العراقي، سليم الجبوري، رفض لقاء الوفد الذي استمرت زيارته لبغداد يومين".

وحول فحوى الزيارات المتبادلة والمفاجئة، قال المسؤول العراقي، الذي يشغل منصباً وزارياً في حكومة العبادي، إن "اللقاءات ذات بُعد طائفي محصور وواضح في زاوية واحدة ترعاها إيران، بلا شك، التي باتت تمثل حلقة الوصل بين النظامين، بعد انقطاع التواصل البري المباشر بين العراق وسورية، نتيجة سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) على الأراضي الحدودية في كلا البلدين".
وأضاف أن "هناك تعاونا سوريا عراقيا إيرانيا على مستوى الأنظمة يتبلور الآن، وقد يخرج إلى العلن تحت غطاء الحرب على (داعش)، لكنه في الواقع يحمل أهدافا ونوايا سياسية بلا شك، وقد يخلق ذلك توتراً جديداً في العراق، خصوصاً بالنسبة للكتل السنية التي كانت قد ضمنت قطع الدعم عن نظام الأسد، كأحد شروط موافقتها للمشاركة في حكومة توافقية برئاسة العبادي".

وبين أنّ "وزير خارجية العراق، إبراهيم الجعفري، تلقى دعوة رسمية لزيارة دمشق، ووعد بتلبيتها قريباً، خلال لقائه أحد تلك الوفود"، لافتاً إلى أن "جميع اللقاءات تمت داخل المنطقة الخضراء. وهناك تساؤلات من الوزراء السنة والأكراد حول إصباغ تلك الوفود بالطابع الشخصي، وليس الرسمي السياسي، على غرار الزيارات الاعتيادية بين الدول".
في هذا السياق، لفت المحلل السياسي العراقي، حسين الجنابي، إلى توقيت تلك الزيارات التي جاءت بالتزامن مع التصريحات الأميركية حول حوارها مع إيران بخصوص "داعش" في العراق، وإمكانية الحوار السياسي مع الأسد في مرحلة التطورات الجديدة.

وقال الجنابي لـ"العربي الجديد" إنه "لا يمكن الجزم بفحوى تلك الزيارات المتبادلة، لكن على ما يبدو أن التنسيق عاد بين البلدين بعد مرحلة برود منذ تسلم العبادي السلطة، وعاد برعاية طهران، التي تستخدم أوراق ضغطها على العبادي منذ معركة تكريت، وبشكل واضح، بعد تدخلها بثقل عسكري واسع، ولا نعلم قد تكون واشنطن نفسها تعلم أو أنها استخدمت العبادي كصندوق بريد رسائل لنظام الأسد".

اقرأ أيضاً (الولايات المتحدة علمت مسبقاً بالتدخل الإيراني في تكريت)
وألقى الجنابي جزءا من اللوم على ما وصفه بـ"كسل الدول العربية سياسياً في احتواء العراق واستغلال فرصة الإطاحة بالمالكي الموالي لمحور إيران الأسد حزب الله، من أجل تغيير المسار العراقي من إيران إلى البيت العربي المجمع على مقاطعة النظام في دمشق"، واصفاً العراق اليوم بأنه "مسلوب الإرادة من إيران وواشنطن، والأولى تملك الحصة الأكبر في البلاد بدون شك".

المساهمون