مقاطعة الانتخابات المصرية: انتفاضة صامتة

مقاطعة الانتخابات المصرية: انتفاضة صامتة

05 ديسمبر 2015
بلغت نسبة المشاركة في بعض الدوائر 4% (الأناضول)
+ الخط -
فنّدت منظمة "العدل والتنمية لحقوق الإنسان"، إحدى المنظمات الحقوقية في مصر، أسباب عزوف الشعب المصري عن الانتخابات البرلمانية في مرحلتيها الأولى والثانية، والتي جرت خلال الأشهر الماضية، لا سيما قطاع الشباب.

اقرأ أيضاً: ملامح البرلمان المصري العتيد: لا معارضة فعلية

وكشف تقرير للمنظمة عن عزوف كبير من قبل الناخبين عن الإدلاء بأصواتهم، خصوصاً بعدما أظهرت نسب المشاركة أرقاماً تكاد تكون محبطة، وصلت إلى 4 في المائة في بعض الدوائر.

وقالت إن الشباب المصري، الذي يمثل ما نسبته 60 في المائة من الشعب، قاطع الانتخابات في المرحلتين، نتيجة شعوره بالتهميش، وغياب دوره وتأثيره في العملية السياسية بشكل عام.

وأوضحت المنظمة أن الإحجام بشكل كبير عن المشاركة في الانتخابات البرلمانية يعكس "الانتفاضة الصامتة" لدى الشعب المصري حيال النظام، والمشهد السياسي العام الذي يتحكم في أركان الدولة سواء رجال الأعمال أو فلول الحزب الوطني، وقرب بعض الأحزاب رغم كونها أحزاب معارضة من النظام الحالي من أجل الحصول على جزء كبير من"الكعكة". وأضاف تقرير المنظمة أن العزوف يعبّر عن الغضب الصامت لدى الشعب من سياسات الدولة، وعدم تحقيق التطلعات الاقتصادية للمصريين.

ونوّه التقرير إلى "العزل السياسي" الذي فرض على جماعة "الإخوان المسلمين" من قبل الحكومة، وتصنيفها على أنها جماعة "إرهابية"، وبالتالي تم حلّ حزب "الحرية والعدالة"، الذراع السياسية للجماعة، وهو ما خلق حالة نفور من قبل الشعب، خصوصاً أنّ الحزب جزء أصيل من نسيج الشعب؛ فالجماعة عُرف عنها خلال السنوات الماضية قدرتها على الحشد أو التأثير إلى حد ما في المشاركة، ونجحت كثيراً في ذلك.

ورأى التقرير أن غياب "الإخوان" عن المشهد السياسي أضعف "الحافز" الشعبي، الذي كان يستغل بصورة جيدة للحشد المتبادل في الاستحقاقات السياسية.

وعدّد التقرير أسباب عزوف الشباب وفئات كثيرة عن المشاركة، من بينها انتشار الرشى المالية بمختلف الطرق، والشروع في تخويف المواطنين وتهديدهم في حالة عدم المشاركة، بفرض غرامة تصل إلى 500 جنيه، والتي تتخذ كإجراء صار روتينياً قبيل أي عملية انتخابية، وهو ما ترتب عنه رد فعل عكسي لدى المواطن الذي قابل هذا الإجراء بالرفض وعدم المشاركة. هذا فضلاً عن الفتاوى التي صدرت مع بداية الانتخابات، والتي اعتبرت أن "المتخلف عن التصويت في الانتخابات آثم شرعاً"، وهو ما خلط الدين بالسياسة.

ومع انطلاق المرحلة الثانية، أثار شيخ الأزهر، أحمد الطيب، حالة من الجدل في الشارع المصري، عند وصفه مقاطعي الانتخابات بـ"العاقّين لوالديهم" ليعمّق لدى المواطن شعور الخلط بين الدين والسياسة.

وأضافت المنظمة أن عزوف قطاعات كبيرة من المصريين عن تلك الانتخابات، لأول مرة في تاريخ مصر البرلماني، يعكس حالة الوعي السياسي لدى الشارع المصري ورفضه الكتل الانتخابية والأحزاب والتيارات التي تتصدر المشهد الانتخابي، وانحسار المنافسة الانتخابية بين رجال الأعمال وفلول الحزب الوطني، بالإضافة إلى أن غالبية الوجوه الانتخابية غير معروفة للناخبين.

وحذر تقرير المنظمة من تحويل البرلمان المقبل، ومهمته الرئيسية التشريع، إلى أداة في يد السلطة الحاكمة لإقرار التشريعات، التي وضعتها الرئاسة مسبقاً، الأمر الذي يعجل بحل البرلمان وينذر باحتقان سياسي، خصوصاً في ظل غياب تيارات سياسية قوية، مثل أساتذة الجامعات، إذ إن وجودهم يفيد البرلمان، ولكنهم ابتعدوا عن المشهد العام لضبابية الموقف.

اقرأ أيضاً: الانتخابات المصرية: شراء ذمم ناخبين.. وقضاة أيضاً

المساهمون