انتهاكات الداخلية المصرية... شرارة الانفجار الشعبي في وجه النظام

انتهاكات الداخلية المصرية... شرارة الانفجار الشعبي في وجه النظام

11 ديسمبر 2015
تحظى انتهاكات الداخلية بغطاء سياسي من الرئاسة(خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
تفرط الأجهزة الأمنية المصرية في القمع والقتل خارج إطار القانون، في ظل ترجيح البعض بتعمد وزارة الداخلية المضي في هذه الانتهاكات ضمن سياسة ترهيب المصريين. وكانت منظمات حقوقية قد سجلت أخيراً مقتل 9 مواطنين داخل أقسام الشرطة والسجون جراء عمليات تعذيب وحشية، خلافاً لحالات القتل بفعل الإهمال الطبي داخل أماكن الاحتجاز المختلفة، فيما ترفض الأجهزة الأمنية إدخال الأدوية لأصحاب الأمراض المزمنة. ولكن ما يزيد من الأزمة المتعلقة بممارسات وزارة الداخلية هو عدم محاسبة الضباط المتسببين في حالات القتل، إلا في حالات نادرة. ولجأت الوزارة إلى نقل الضباط المتورطين في هذه الانتهاكات إلى محافظات أخرى، خوفاً عليهم من انتقام أهالي الضحايا، باستثناء حبس ضباط في حالتين فقط.

وكان الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، قد فاجأ الجميع بزيارته إلى أكاديمية الشرطة قبل أيام، وتوجيهه رسالة شكر إلى الأجهزة الأمنية، معتبراً أن زيارته لهم ليست لتوجيه انتقادات ولكن لشكرهم على الجهود المبذولة. وعلى الرغم من حديثه عن "محاسبة كل من يخطئ أو يتجاوز"، إلا أن رسالة السيسي جاءت في الأساس لطمأنة جهاز الشرطة، ومعبرة عن مدى الاحتياج لهم في ضوء التقديرات باقتراب انفجار الأوضاع في مصر، نتيجة تزايد حالة الغضب من ممارسات الداخلية، فضلاً عن الأزمة الاقتصادية التي تتفاقم وارتفاع الأسعار والخصومات من رواتب الموظفين.
واندلعت شرارة الاحتجاجات في الصعيد وتحديداً في الأقصر، عقب مقتل أحد المواطنين على يد الداخلية، وحدثت مواجهات بين الأهالي وقوات الأمن.

اقرأ أيضاً: انتقادات حقوقية مصرية لتزايد التعذيب في السجون

يرى رامي شعث، عضو جبهة طريق الثورة، إحدى الحركات الثورية، أن ممارسات الداخلية خلال الفترة الماضية، والتي بدأت في التصاعد خلال الأشهر القليلة الماضية، تنذر بثورة جديدة. ويضيف شعث أنّ هذه الممارسات وعمليات القتل خارج القانون والتعذيب مرفوضة، وكان يفترض أن تنتهي بعد ثورة 25 يناير تماماً. ويشير إلى أن عودة تلك الممارسات أسوأ مما كانت عليه قبل الثورة، يثبت أن شيئاً لم يتغير مطلقاً في مصر، وهو ما يستدعي ضرورة مواجهته.
كما يؤكد أن الناشطين والحركات الثورية والشبابية، لا يسعون لإقامة ثورات وانتفاضات كل فترة، لكن الوضع السيئ هو ما يفرض ضرورة تعديله، بأي طريقة. ويلفت إلى أن الحركات الثورية دعت وطلبت من النظام الحالي وقف كل مظاهر الانتهاكات وقمع الداخلية، لكنه يصرّ على ذلك، ويبقى أمامه أن يواجه غضب الشعب والشارع ضده.
ويعتبر شعث أن السيسي ونظامه يقودان الشباب تحديداً إلى مواجهة قوية خلال الفترة القريبة المقبلة، وليس بالضرورة أن تكون هناك تظاهرات كبيرة خلال ذكرى الثورة المقبلة في 25 يناير. ويحذر شعث، من خطورة الثورة المقبلة التي ستكون شديدة جداً، على حد تعبيره، وهو أمر لا يريد أحد الوصول إليه.

من جهته، يقول أحد شباب 6 إبريل، إن الثورة فعل عفوي تماماً، وبالتالي ليس لها وقت محدد لنزول الشعب، ولكن هناك تمهيد لها. ويعتبر في حديث لـ"العربي الجديد" أنه لا بد قبل هذه اللحظة الفارقة من كسر حاجز الخوف الذي بدأ يتسلل إلى الشعب، وفق معادلة وضعها النظام الحالي وتتمثل في أن "من يتظاهر يُقتل". ويعتبر أن ذكرى 25 يناير المقبلة فرصة مناسبة لكسر هذا الحاجز رويداً رويداً، مشيراً إلى تظاهرة حاملي الماجستير والدكتوراه في ميدان التحرير قبل أيام. ويلفت إلى أن التظاهرات الفئوية ستكون أحد أسباب كسر حاجز الخوف، ودافعاً قوياً للشباب لكسر القيود والعودة لمواجهة القمع الأمني. ويشير إلى أنه مثلما كانت حوادث القتل سبباً في انهيار نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك عقب مقتل خالد سعيد وسيد بلال، ستكون هي السبب في عهد النظام الحالي.
وعن عدم اهتزاز النظام الحالي عقب كل هذه الانتهاكات، يؤكد أن الوقت لم يحن بعد، ولا سيما أنه يتذرع بأنهم إرهابيون أو ينتمون إلى جماعة الإخوان. وهذا لم يعد ينطلي على الشعب، ولكن الناس تحتاج إلى وقت لإدراك حقيقة الوضع.
أما الخبير السياسي، محمد عز، فيعتبر أن مسألة زيادة عدد حوادث القتل بالتعذيب داخل أماكن الاحتجاز تزايدت بشكل كبير، وكأن هناك تعمّداً لها. ويضيف عز لـ"العربي الجديد"، أنه مع أول حالة وفاة داخل قسم شرطة، كان ينبغي على الوزارة وقياداتها التشديد بعدم تكرار الأمر، ولكن الأمر تم التعامل معه بشكل طبيعي. ويشير إلى أنه مع تزايد حوادث القتل، كان لا بد من تدخل القيادة السياسية المتمثلة في رئاسة الجمهورية وقبلها تدخل مجلس الوزراء، وهو ما لم يحدث. ويعتبر أن هذه الحوادث "يمكن تفسيرها في إطار زيادة الترهيب للشعب، بأن من سيتظاهر ويعتقل سيكون مصيره الموت، ولا سيما مع تكريس الهروب من المحاسبة تماماً".
ويشدد عز على أن هذه الحالة من الضغط الشديد على الشعب والترهيب واعتقال وقتل المواطنين وتحديداً الشباب، ستؤدي لانفجار يوماً ما، وهو ما لا يمكن لأحد توقع توقيته.

اقرأ أيضاً: عامان على "قانون التظاهر": تكريس الدولة البوليسية في مصر

المساهمون