سورية و"النووي" وحقوق الإنسان في جعبة شولتز لإيران

سورية و"النووي" وحقوق الإنسان في جعبة شولتز لإيران

08 نوفمبر 2015
شولتز ولاريجاني في طهران (عطا كيناري/فرانس برس)
+ الخط -
شكّلت الحرب السورية ومسألة تنفيذ الاتفاق النووي الإيراني وحقوق الإنسان في إيران، أبرز ملفات زيارة رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز إلى العاصمة الإيرانية طهران صباح أمس، والتي استمرت ليوم واحد، التقى خلالها بعدد من المسؤولين الإيرانيين وفي المقدمة الرئيس حسن روحاني ووزير الخارجية محمد جواد ظريف، فضلاً عن رئيس مجلس الشورى الإسلامي علي لاريجاني.

وبحث الضيف الأوروبي خلال لقاءاته المكثفة عدداً من الملفات، أولها سبل تطبيق التزامات وتعهدات إيران والدول الغربية بموجب الاتفاق النووي، الذي تم التوصل له منتصف شهر يوليو/تموز الماضي، والذي تم الإعلان عن صكه رسمياً الشهر الماضي، لكنه لم يدخل حتى اللحظة حيز التنفيذ. ونقلت المواقع الرسمية الإيرانية أن شولتز أكد خلال لقاءاته مع المسؤولين الإيرانيين على ضرورة تطوير العلاقات الإيرانية الأوروبية سياسياً واقتصادياً عبر الاستفادة من الأجواء الإيجابية التي أعقبت التوصل لهذا الاتفاق.

كما عقد شولتز مؤتمراً صحافياً مشتركاً مع لاريجاني، عقب انتهاء اجتماعهما الثنائي، وركّزا في تصريحاتهما على الحرب السورية. وفي الوقت الذي اعتبر شولتز أن إيران تستطيع أن تلعب دوراً رئيسياً بناءً في إنهاء الحرب الدائرة في هذا البلد، شدّد على ضرورة إحقاق حقوق السوريين أنفسهم.

اقرأ أيضاً: إيران والإعلان عن قتلاها بسورية: تنافس مع الروس؟

وأضاف شولتز في تصريحاته أنّه لا يرى مستقبلاً طويل الأمد لرئيس النظام السوري بشار الأسد في سورية، قائلاً إنّه موجود في الوقت الحالي، ويجب أخذ هذا الأمر بعين الاعتبار، داعياً كلاً من إيران والسعودية وروسيا والولايات المتحدة، إلى استعجال الحل، وإطلاق حوار وطني يدعم إجراء انتخابات حرة في سورية، مشيراً إلى ضرورة  التحقيق في الجرائم التي ارتكبت في سورية.

وأثنى شولتز على مشاركة إيران في اجتماع فيينا الدولي والذي بحث تطورات الوضع في سورية أخيراً، قائلاً إنه يأمل أن يسفر الاجتماع المقبل الذي يعقد الخميس، عن نتائج إيجابية للانطلاق بعدها نحو الحلول العملية.

في المقابل، رأى لاريجاني أن حصر ما يجري في سورية وفي المنطقة برمتها بشخص واحد وهو بشار الأسد خطأ استراتيجي، قائلاً إن "المسألة السورية ليست مسألة شخص واحد". ودعا لرعاية مبادرة لتطهير المنطقة من الإرهابيين، معتبراً أن الإرهاب بات خطراً يحدق بالجميع.

واعتبر لاريجاني أنه من غير المناسب أن تجتمع عدد من الدول مع بعضها بعضاً في بلد ما لبحث مصير السوريين، قائلاً إنه على الآخرين تسهيل الحل وتقديم المساعدة، لا الحديث عن رسم مستقبل سورية، فهو أمر يقرّره السوريون بأنفسهم، على حدّ تعبيره. وأضاف أنّ بلاده تدعم التوجه نحو إصلاح ديمقراطي في كل من اليمن وسورية، وهذا يبدأ بمكافحة الإرهاب، بحسب رأيه.

ورأى رئيس كلية الدراسات الدولية في جامعة طهران محمد مرندي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ زيارة شولتز إلى طهران، وتركيزه على بحث تطورات الملف السوري، يعني إدراك الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي برمته للدور الذي من الممكن أن تلعبه إيران في حل المشكلة، متوقعاً ألا يتبدل الموقف الإيراني مما يجري في سورية، غير أنّه اعتبر أن مختلف الأطراف الإقليمية والدولية باتت ترجح الخيار السياسي.

وأضاف مرندي أن استمرار الحرب في سورية بالذات سيجعل الاتحاد الأوروبي يعاني من تدفق أعداد أكبر من اللاجئين، فضلاً عن تقدم الإرهاب في المنطقة، ما يشكّل تهديداً للجميع، كل هذا يجعل جميع الأطراف الفاعلة تركّز حالياً على تسريع تطبيق الحل، بمشاركة إيرانية، حسب قوله.

وفي الوقت الذي ركّز فيه شولتز على ضرورة تطوير العلاقات الإيرانية الأوروبية، بما يصب لصالح الطرفين معاً، قال مرندي إنه رغم كل أجواء التفاؤل، لكن هذا النوع من العلاقات يبقى مشروطاً بتحقيق أمور أخرى، وهو ما قد يكون صعباً في الوقت الحالي، وأبرز هذه الأمور هو الانتقادات الأوروبية الموجهة لطهران بسبب ملف حقوق الإنسان، وهو الأمر الذي يبقى كمحدد أمام تعزيز العلاقات الإيرانية الأوروبية، في الوقت الذي تعتبر فيه طهران أن هذا ملف يعنيها، كما ترى بأنّ الأطراف الغربية تتدخل في شؤون داخلية.

من جهة ثانية، نقلت وكالة أنباء "فارس" الإيرانية قبل وصول شولتز إلى البلاد أنه يلتقي عدداً من الناشطين المدنيين في إيران، كما يجتمع بمسؤول ملف حقوق الإنسان في السلطة القضائية محمد جواد لاريجاني. ولطالما اعترضت طهران على تقارير نشرتها منظمة حقوق الإنسان سابقاً، والتي تتهمها بارتكاب انتهاكات. كما تسبّب لقاء مسؤولين أوروبيين، زاروا إيران سابقاً، بناشطين في المجتمع المدني وحقوقيين بانتقادات جمة في الداخل الإيراني. وذكرت "فارس" أنّ هؤلاء المسؤولين يصرّون على التقاء أشخاص لهم سوابق وملفات أمنية في البلاد.

الجدير بالذكر أنّه قبل عامين تقريباً، زار وفد برلماني أوروبي العاصمة طهران، والتقى بعدد من الناشطين ومنهم الحقوقية نسرين ستوده، الحاصلة على جائزة ساخاروف الأوروبية لحرية الفكر، والتي اعتقلت عقب أحداث عام 2009، حين خرج مناصرو الحركة الخضراء احتجاجاً على فوز الرئيس المحافظ السابق محمود أحمدي نجاد بولاية رئاسية ثانية. وانتقد بعضهم في إيران هذه اللقاءات، معتبرين أن المسؤولين الأوروبيين يجرونها بهدف الإيقاع بإيران، والتسويق لصورة مسيئة لها، على حدّ وصفهم.

اقرأ أيضاًسورية والنووي يغذيان شراكة روسيا وإيران