الأزمة التركية ــ الروسية تسيطر على لقاءات باريس

الأزمة التركية ــ الروسية تسيطر على لقاءات باريس

30 نوفمبر 2015
سعي أميركي للتهدئة بين موسكو وأنقرة (ميخائيل كليمنتياف/فرانس برس)
+ الخط -
شكّلت القمة العالمية للمناخ، التي افتُتحت في باريس أمس الاثنين، ساحة للتداول في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" والملف السوري والتوتر التركي الروسي، بين زعماء العالم الذين حضر نحو 150 منهم إلى العاصمة الفرنسية. ومع تصاعد الكلام عن تدخّل بري لمواجهة "داعش" في سورية، نقلت قناة "الجزيرة" قول رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، أن بلاده ستبدأ عملية جديدة مع السعودية ودولة أخرى لمكافحة الإرهاب في سورية وبدعم إقليمي "لذلك نحتاج إلى قنوات دبلوماسية"، بحسب "الجزيرة.

واستُتبع كلام داود أوغلو، بإعلان وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، استعداد بلاده للمشاركة في أي جهد دولي "يتطلب تدخّلاً برياً" لمكافحة الإرهاب، بحسب ما نقلت عنه وكالة أنباء الامارات الرسمية. وقال قرقاش أمام صحافيين "لا يوجد حل عربي نستطيع تصديره لمعالجة التطرف والإرهاب في العالم، ويجب على جميع الدول بذل الجهد على مستوى دولي مشترك لمواجهة التطرف"، بحسب الوكالة. واعتبر أنه "لا مجال لتدخل أجنبي كالتدخل الأميركي لتحرير الكويت حيث لم يعد هذا السيناريو مجدياً".

وفي باريس، خيّم الوضع السوري على اللقاءات التي جرت على هامش قمة المناخ، وأبرزها التي جمعت بين الرئيس الأميركي باراك أوباما، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين. وقال المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف، إن الرئيسين "أيّدا بداية تسوية سياسية" في سورية، كما نقلت عنه وكالة "انترفاكس". فيما قال مصدر في البيت الأبيض، بحسب وكالة "فرانس برس"، إن "أوباما جدد أمام نظيره الروسي قناعته بأن رحيل بشار الأسد ضروري، وشدد على أهمية تضافر الجهود العسكرية لمحاربة تنظيم داعش بدلاً من المعارضة المعتدلة". أما التوتر الروسي-التركي على خلفية إسقاط الطائرة الروسية فقد انتقل إلى باريس، مع رفض بوتين لقاء نظيره التركي رجب طيب أردوغان على هامش قمة المناخ. فيما دعا أوباما لـ"نزع فتيل التوتر" بين أنقرة وموسكو خلال لقائه ببوتين، كما أفاد مصدر في البيت الأبيض. وأعلن السفير الأميركي لدى حلف شمال الأطلسي دوغلاس لوت، أن معلومات الاستخبارات الأميركية بشأن تحركات الطائرة الروسية تدعم الرواية التركية بأن الطائرات اخترقت المجال الجوي التركي.

اقرأ أيضاً: بوتين وأوباما بحثا ملفَّي سورية وأوكرانيا خلال قمة المناخ

أما تركيا من جهتها، فما زالت تصرّ على رفض توجيه أي اعتذار لروسيا، وقال داود أوغلو في بروكسل أمس: "لن يعتذر أي رئيس وزراء تركي ولا أي رئيس أو أية سلطة"، مضيفاً: "لا يمكن لأية دولة لأن تطالبنا باعتذارات لأننا لم نقم إلا بواجبنا، أي حماية مجالنا الجوي وحدودنا"، مشدداً على أن إسقاط الطائرة "كان عملاً دفاعياً".

وأمل رئيس الوزراء التركي "أن تعيد روسيا النظر" في العقوبات الاقتصادية التي فرضتها "لأنها تتناقض مع مصالحنا المشتركة"، مذكّراً بأن تركيا ساندت روسيا حين فرض عليها الاتحاد الأوروبي عقوبات اقتصادية مشددة منذ صيف 2014 بسبب دورها في الأزمة الأوكرانية. وأكد "أننا مستعدون للحوار مع روسيا عبر قنوات دبلوماسية وعسكرية"، مضيفاً "ليس لدينا أية نية للتصعيد" مع موسكو. من جهته، دعا الأمين العام لحلف الأطلسي مرة جديدة إلى "الهدوء"، وحثّ روسيا على "لعب دور بناء في سورية" عبر استهداف تنظيم "داعش، عدونا المشترك". وأكد "أنه من حق تركيا السيادي الدفاع عن مجالها الجوي وسلامة أراضيها"، متحدثاً عن مخاطر حصول حوادث جديدة فيما تشن روسيا والائتلاف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضربات ضد الجهاديين في الأجواء السورية.

في السياق نفسه، نُقل جثمان الطيار الذي قُتل بإسقاط الطائرة، من تركيا إلى روسيا أمس بعد أن تسلمته السلطات التركية الأحد. وأفاد بيان صادر عن هيئة الأركان العامة للجيش التركي، أن وفداً عسكرياً من القوات المسلحة، شارك في مراسم إرسال الطيار الروسي. ويستمر تصاعد الموقف في الميدان على الرغم من محاولات التهدئة التي تبذلها مختلف الأطراف بما في ذلك أنقرة، إذ حامت غواصتان تركيتان أمس حول أكبر طرادات روسيا في البحر المتوسط والذي يسمى "موسكو"، بينما اعترضت غواصة تركية سفينة نقل لوجستي عسكرية روسية كانت في مضيق "الدردنيل" في طريقها للعبور نحو بحر مرمرة في طريقها إلى الموانئ الروسية في البحر الأسود.

أما وزارة الدفاع الروسية فأعلنت أمس أن طائراتها المشاركة في العملية العسكرية في سورية نفذت أولى طلعاتها مزودة بصواريخ "جو-جو" في إشارة إلى استعدادها لاستخدامها ضد طائرات. وقال قائد القوة الجوية الفضائية الروسية العاملة في سورية العقيد إيغور كليموف، إنه "تم تزويد مقاتلات "سوخوي 34" بصواريخ "جو-جو"، لتأمين حمايتها من الطيران المعادي". وبدا أيضاً أن إسقاط الطائرة الروسية نسف بقوة الآمال الفرنسية في تشكيل الجبهة الدولية الموسعة ضد تنظيم "داعش". وكانت مصادر مقربة من الرئاسة الفرنسية ذكرت أن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند سيعقد مباحثات مع أردوغان تتناول بالخصوص الأزمة التركية الروسية وأيضاً تعزيز الدور التركي في محاربة تنظيم "داعش" والطلب الفرنسي بإغلاق الحدود بين تركيا وسورية لمنع تدفق الجهاديين إلى مناطق القتال لتعزيز صفوف "داعش".

وكان هولاند أجرى جولة ماراتونية قادته إلى واشنطن حيث التقى أوباما، ثم موسكو حيث اجتمع مع نظيره الروسي، بعد لقاءات أخرى مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، والإيطالي ماتيو رينزي، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بهدف تشكيل جبهة دولية موسعة لمحاربة "داعش". غير أن هولاند اصطدم بتحفظات أوباما الذي اعتبر أن التنسيق مع الروس مشروط بتحوّل استراتيجي في موقف بوتين الذي يتدخل في سورية لدعم نظام الأسد.

واعتبر هولاند، خلال افتتاح قمة المناخ، أن هناك صلة وثيقة بين محاربة الإرهاب ومكافحة تغير المناخ، معتبراً أنه "لا يمكنني التفريق بين محاربة الإرهاب ومكافحة الاحتباس الحراري، فهما تحديان كبيران أمامنا لأنه يتعين علينا أن نترك لأبنائنا عالما خالياً من الإرهاب ونحن مدينون لهم أيضاً بكوكب ليس معرضاً للكوارث".

اقرأ أيضاً: غواصة تركية تعترض إحدى سفن النقل العسكري الروسية

المساهمون