اليمن: هادي يتقاسم النفوذ مع الحوثيين عبر التعيينات

اليمن: هادي يتقاسم النفوذ مع الحوثيين عبر التعيينات

25 ديسمبر 2014
مسلحو الحوثي ينتشرون في صنعاء (محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -

عزّز الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، من سطوة جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، في البلاد، عبر قرارات رئاسية أصدرها مساء الثلاثاء، أبرزها تعيين سبعة محافظين، تقاسم من خلالها مع "الحوثيين" مواقع كانت من نصيب حزبي "التجمع اليمني للإصلاح" و"المؤتمر الشعبي العام".

وكانت أبرز التغييرات، التي شملت 18 مسؤولاً حكومياً، تعيين محافظ جديد لمحافظة الحديدة، وهو حسين أحمد الهيج، الذي كانت الجماعة قد نصّبته محافظاً قبل تعيينه رسمياً، خلفاً لصخر الوجيه الذي أعلن اعتكافه احتجاجاً على تصرفات مسلّحي الحوثي قبل نحو أسبوع. والوجيه عضو برلماني عن حزب "المؤتمر" أيّد الثورة في العام 2011 وعُيّن في حكومة الوفاق وزيراً للمالية، كما اشتهر بخلافاته مع هادي ووزير الدفاع السابق محمد ناصر أحمد، ما أدى لإقالته من منصبه الوزاري وتعيينه محافظاً للحديدة في يونيو/ حزيران الماضي.

ومن التغييرات التي جاءت لمصلحة الحوثيين، تعيين حمود عباد محافظاً لمحافظة ذمار (جنوب صنعاء)، وهو وزير الأوقاف والإرشاد السابق وقيادي في حزب "المؤتمر" ويوصف بأنه مرضيّ عنه من قِبل جماعة الحوثي، وقد تم تعيينه خلفاً ليحيى العمري، الذي استقال من منصبه بعد يوم من دخول مسلّحي الجماعة إلى المدينة. وقد كان العمري محافظاً لصعدة أثناء تفجّر الحرب الأولى بين الجماعة والحكومة منتصف العام 2004.

كما عيّن الرئيس اليمني حسين العجي العواضي محافظاً لمحافظة الجوف، وهو من معارضي الرئيس السابق علي عبد الله صالح وقضى نحو 18 عاماً خارج البلاد وعاد في مايو/ أيار الماضي. وجاء تعيينه خلفاً للمحافظ المنتمي لحزب "الإصلاح" محمد سالم بن عبود الشريف، وتُعدّ محافظة الجوف من أهم المحافظات التي شهدت صراعاً مسلّحاً بين الحوثيين والقبائل، وتقع شرق صعدة على الحدود مع السعودية، فشل الحوثيون في السيطرة عليها بعد محاولات عدة.

وشملت القرارات أيضاً تعيين محمد جابر الرازحي محافظاً لصعدة، معقل جماعة "أنصار الله"، وهي المرة الأولى التي يتم فيها تعيين محافظ بشكل رسمي بعد أن كان تاجر السلاح المثير للجدل، فارس مناع، محافظاً لها منذ العام 2011 بقرار من الحوثيين. والمحافظ الجديد هو رجل أعمال ويُعدّ من القياديين في الجماعة. وتعرض منزل تابع له في مديرية رازح، للقصف من الطيران الحربي أثناء الحرب السادسة بين القوات الحكومية اليمنية والحوثيين قبل نحو خمس سنوات.

جنوباً، عُيّن عبد العزيز صالح بن حبتور محافظاً لمحافظة عدن، مع العلم أن بن حبتور، الذي كان رئيساً لجامعة عدن، هو من أبرز قيادات حزب "المؤتمر" التي وقفت مع هادي ضد صالح بعد قيام الأخير بتجريد هادي من منصبيه في الحزب.

وأوقف الحزب أنشطة بن حبتور التنظيمية على خلفية الإجراءات التصعيدية التي قام بها إلى جانب قيادات أخرى مؤتمرية في عدن خلال الأسابيع الماضية. وقد جاء تعيين بن حبتور، المتحدّر من محافظة شبوة، خلفاً للمحافظ المنتمي لحزب "الإصلاح" وحيد علي رشيد، والأخير كان قد تخلى عن منصبه منذ أشهر لأسباب غير معروفة.

وفي قرار منفصل، أقال هادي نائب المحافظ عبد الكريم شائف، المحسوب على "المؤتمر"، وعيّنه سفيراً في وزارة الخارجية. ومن المتوقع أن يثير قرار تعيين بن حبتور وعزل شائف، حفيظة صالح.

إلى حضرموت، شرقي البلاد، عيّن الرئيس اليمني عادل محمد باحميد محافظاً جديداً، وهو طبيب تدرّج في مناصب غير حكومية بمؤسسات مدنية وطبية، وكان عضواً في مجلس حضرموت الأهلي. باحميد سيخلف خالد سعيد الديني، الذي عُيّن بدوره سفيراً في وزارة الخارجية، في قرار منفصل شمل أيضاً تعيين محمد ناصر أحمد، وزير الدفاع السابق، سفيراً في الخارجية أيضاً. وهو موقع شرفي لا يشمل أي سفارة بل أشبه بتقاعد رفيع المستوى أو محطة "ترانزيت" يتم بعدها الانتقال لمنصب جديد.

إضافة إلى ذلك، صدرت تعيينات في مواقع أخرى شاغرة، منها تعيين محمد علي ياسر محافظاً لمحافظة المهرة، أقصى شرقي البلاد، خلفاً للمحافظ علي محمد خودم الذي توفي، منتصف العام الحالي، إضافة إلى تعيين السفير خالد حسين اليماني مندوباً دائماً لليمن لدى منظمة الأمم المتحدة في نيويورك، وهو الموقع الذي كان يشغله رئيس الوزراء الحالي خالد محفوظ بحّاح قبل تكليفه بتشكيل الحكومة.

على أن مناصب شاغرة أخرى لم تصدر قرارات تعيينات فيها، منها منصب المحافظ في محافظتي صنعاء (الضواحي)، وعمران، علماً أن اليمن مقسّم إدارياً إلى 22 محافظة، وذلك بعد فصل جزر أرخبيل سقطرى عن محافظة حضرموت وإعلانها محافظة مستقلة.

وشملت حزمة قرارات الرئيس اليمني تعيين أحمد سهل وحدين نائباً لوزير التعليم العالي والبحث العلمي. وفي المؤسسات والهيئات، عُيّن نبيل حسن الفقيه رئيساً للهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد، وهو وزير سياحة أسبق انشقّ عن صالح في 2011 وعُيّن بعدها رئيساً لإحدى أهم المؤسسات الإيرادية (شركة التبغ)، بالإضافة إلى تعيين محمد مبارك بن عيفان رئيساً تنفيذياً للهيئة العامة للشؤون البحرية، ومحمد علوي عبد الله أمزربه، رئيساً لمجلس إدارة مؤسسة موانئ خليج عدن اليمنية، وعبد الرب جابر الخلاقي نائباً له.

كما جرى تعيين أمة الملك إسماعيل قاسم الثور وكيلاً لوزارة الثقافة لقطاع الآثار والمتاحف والمدن التاريخية، وجمال محمود محمد صديق وكيلاً لمحافظة عدن.

وكان مستشار هادي، فارس السقاف، قد أعلن قبل يومين من التعيينات، أن حزمة تعيينات ستصدر ضمن توافق بين هادي وجماعة الحوثيين ينتهي على ضوئها التوتر الأخير بين الطرفين، ويتم عبرها "دمج سلطة الحوثيين في سلطة الدولة"، حسب تعبيره.

ولعلّ أبرز ما في هذه التغييرات، أنها كرّست سطوة الحوثيين في محافظات الشمال، وقبضة هادي بالنسبة للتعيينات في المحافظات الجنوبية، إضافة إلى كونها أبعدت حزب "الإصلاح" من موقعين هامين، محافظتي الجوف وعدن، وسلّمت الحوثيين بعض المواقع، أبرزها محافظة الحديدة.

المساهمون