نافالني يعاني في سجنه... ولا رهان على ضغوط غربية

نافالني يعاني في سجنه... ولا رهان على ضغوط غربية

03 ابريل 2021
خشية من تدهور وضع نافالني الصحي (باتريسيا موريرا/فرانس برس)
+ الخط -

أثار الوضع الصحي للمعارض الروسي المسجون، مؤسس "صندوق مكافحة الفساد"، أليكسي نافالني، الذي أعلن بدء إضراب عن الطعام، الأربعاء الماضي، بإصلاحية مقاطعة فلاديمير شرق موسكو إلى أن يتلقّى الرعاية الطبية المناسبة، قلق الحقوقيين الروس، وسط تعالي الأصوات الداخلية والخارجية المطالبة بتوفير العون الطبي اللازم له، بعد تزايد آلام في ظهره وساقيه.

وفي هذا الإطار، حذر الخبير القانوني والحقوقي، بافيل ماروشاك، من خطورة الحالة الصحية لنافالني، مقللاً في الوقت نفسه من واقعية نجاح الاتصالات الغربية في تحسين ظروف اعتقاله. وقال ماروشاك في حديث لـ"العربي الجديد": "تدهور حالة نافالني أمر طبيعي، نظراً لمجموعة من العوامل التي تبدأ بالنفسية، وسرعان ما تتحوّل إلى أخرى جسدية مثل تدهور حالة الأسنان، بالإضافة إلى مشاكل في الجلد والجهاز الهضمي نتيجة قلة الحركة في السجن قياساً بالحياة خارج القضبان"، مضيفاً "من الواضح أنّ نافالني وصل إلى حالة من اليأس، فبات مستعداً حتى لإيذاء نفسه احتجاجاً على وضعه".

ماروشاك: لن يكون الغرب قادراً على مطالبة الكرملين بالتدخل لتحسين وضع نافالني

ولفت ماروشاك، الذي كان سجن في وقت سابق لأكثر من ثلاث سنوات في قضية ذات أبعاد سياسية، إلى أنّ إدارة الإصلاحية "قد تلجأ إلى إطعام نافالني قسرياً في حال أصدر أطباء السجن توصيات بذلك". وقلل من واقعية نجاح الجهود الغربية في تحسين ظروف سجن المعارض الروسي الأبرز للكرملين، موضحاً: "تمرّ العلاقات الروسية الغربية بمستوى سيئ جداً، ولذلك لن يكون الغرب قادراً على مطالبة الكرملين بالتدخل لتحسين وضع نافالني، وسط ارتفاع الرهانات وحدة المواجهة بين السلطة الروسية والمعارضة".

وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قد أجرى نهاية مارس/آذار الماضي، مؤتمراً عبر الفيديو مع نظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، والمستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، وتناول المؤتمر إلى جانب الوضع في أوكرانيا، قضية نافالني.

وأثارت الدعوات الأميركية للإفراج عن نافالني، حفيظة موسكو التي اعتبرتها على لسان رئيس لجنة التحقيق في التدخلات الخارجية في الشؤون الروسية في مجلس الدوما (النواب) الروسي، فاسيلي بيسكاريوف، أول من أمس الخميس، بمثابة الضغط على منظومة القضاء، وتنفيذ العقوبات في روسيا. وتساءل بيسكاريوف عن عدم اهتمام وزارة الخارجية الأميركية بالدرجة نفسها بأوضاع الروس الذين يؤدون عقوبات بالسجون الأميركية.

بدوره، أكد المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، أن بوتين قد يناقش إضراب نافالني عن الطعام في حال طرحت مفوضة حقوق الإنسان، تاتيانا موسكالكوفا، هذه القضية. وقال بيسكوف في تصريحات صحافية: "إذا طرحت المفوضة شيئاً، فسيتم تناول هذه القضية. هذه ليست مسألة مطروحة على جدول أعمال رئيس الدولة".

لكن الناشطة الحقوقية والعضوة في مجلس حقوق الإنسان التابع للرئاسة الروسية، يفا ميركاتشيفا، شددت على أنّ الإضراب عن الطعام وسيلة احتجاج يلجأ إليها السجناء، بمن فيهم السجناء السياسيون، تعبيراً عن رفضهم لإجراءات ما، من قبل جهات النيابة والتحقيق. وتابعت في تصريح لـ"العربي الجديد": "في أغلب الأحيان، يحتج السجناء على أعمال التحقيق والقضاء، ولكننا كحقوقيين نسعى في مثل هذه الحالات لإقناعهم بالعدول عن ذلك الإجراء، تجنباً لتداعيات صحية خطرة. ومن بين أشهر السجناء الذين لجأوا إلى مثل هذا الأسلوب، المخرج الأوكراني، أوليغ سينتسوف، والعسكرية الأوكرانية ناديجدا سافتشينكو. ووفقاً للإجراءات المنصوص عليها في القانون، يجب أن يحضر المدعي إلى السجين في هذه الحالة، ولكن ذلك لا يحدث دائماً على أرض الواقع".

بوتين قد يناقش إضراب نافالني عن الطعام في حال طرحت مفوضة حقوق الإنسان، تاتيانا موسكالكوفا، هذه القضية

وكان أعرب حلفاء نافالني عن قلقهم البالغ حيال قراره بدء إضراب عن الطعام، مبدين خشيتهم من أن يفاقم ذلك تدهور وضعه الصحي. وأفاد فريقه في بيان أول من أمس الخميس، أنه خسر ثمانية كيلوغرامات، حتى قبل إضرابه عن الطعام وبات وزنه 85 كيلوغراما. وذكروا أن خسارته للوزن ناجمة عن حرمانه من النوم، وهو ما وصفه المعارض بأنه شكل من أشكال "التعذيب". وتابع "لا يزالون لا يسمحون لطبيب بزيارته".

وشدّد حلفاء له على أن إعلانه بدء إضراب عن الطعام ليس مجرد تهديد وأنهم لا يتوقّعون أن يتراجع عن قراره. وقال المتحدّث باسمه رسلان شافيدينوف "لطالما أخذ نافالني بمنتهى الجدية خطوة الإضراب عن الطعام". وتابع "نحن قلقون للغاية حيال وضعه لذا نحن نطالب بالسماح للأطباء بمعاينته فوراً".

وكان نافالني قد أعلن عبر صفحته على تطبيق "إنستغرام" الأربعاء الماضي، بدء إضراب عن الطعام، مؤكداً أنه لن يتناول الطعام إلا بعد استدعاء الطبيب إليه. وكتب نافالني في منشور له: "يحق لي أن أستدعي طبيباً وأحصل على الدواء، وهم لا يوفرون لي لا هذا ولا ذاك. تحول الألم في الظهر إلى الساق. فقدت مناطق من الساق اليمنى، والآن اليسرى أيضاً، حساسيتها". وأفاد بأنه بدلاً من تقديم عون طبي له، تستمر عملية إيقاظه ليلاً، بينما تواصل إدارة الإصلاحية تحريض السجناء النشطاء على ترويع السجناء العاديين حتى لا ينظفوا الأرض حول سريره.

وسبق لنافالني أن تقدم بشكويين إلى النائب العام الروسي، إيغور كراسنوف، ومدير الهيئة الفدرالية الروسية لتنفيذ العقوبات، ألكسندر كالاشنيكوف، لعدم تقديم العون الطبي له وعدم إبلاغه بنتائج الفحوصات. يذكر أن القضاء الروسي قرر في بداية فبراير/شباط الماضي، تحويل حكم السجن الصادر بحق نافالني مع وقف التنفيذ في قضية "الاختلاس" بشركة "إيف روشيه" إلى السجن النافذ، بذريعة خرقه شروط إطلاق سراحه، ما يعني أنه سيقضي عامين وثمانية أشهر خلف القضبان وسيغيب عن المشهد السياسي طوال هذه الفترة.