أرسلت مليشيات عسكرية حليفة للنظام السوري ومدعومة من روسيا تعزيزات إلى شرق حلب، شمالي سورية، خلال اليومين الماضيين، في خطوة فتحت تساؤلات حول ما ينوي عليه نظام بشار الأسد وحلفاؤه من خلال الدفع بتلك التعزيزات.
ورصد "العربي الجديد" إرسال "الفرقة 25 مهام خاصة" بقيادة العميد سهيل الحسن، و"اللواء 16 مشاة" المُشكل حديثاً بقيادة العميد صالح العبد الله، تعزيزات عسكرية ضخمة، خلال الـ 48 ساعة الماضية، تضم مئات الآليات والجنود من جبهات قتالية في مناطق جنوبي إدلب، ومنطقة مصياف بريف حماة الغربي نحو محيط مدينة الباب بريف حلب الشرقي. وكلا التشكيلين حليف لقوات النظام السوري ومدعوم من القاعدة العسكرية الروسية في حميميم السورية.
وأوضح مصدر في وحدات الرصد والمتابعة ضمن أحد فصائل المعارضة السورية المقاتلة في إدلب، أن "رتلاً عسكرياً ضخماً للفرقة 25 مهام خاصة، خرج من مناطق مدينتي معرة النعمان وخان شيخون جنوب إدلب يوم أمس الإثنين، سبقتها بيوم ثلاثة أرتال للواء 16 مشاة، توجهت من منطقة تل الجراد شرق مدينة مصياف غرب محافظة حماة، إلى القرى والبلدات القابعة تحت سيطرة قوات النظام والواقعة بمحيط مدينة الباب شرق حلب شمال سورية".
وأشار المصدر لـ"العربي الجديد"، مشترطاً عدم ذكر اسمه، إلى أن "الأرتال الأربعة مؤلفة من ما يزيد عن 300 آلية عسكرية بما فيها دبابات متنوعة، ومدافع ميدانية مختلفة، وراجمات غراد، وعربات BMB، وسيارات زيل لنقل الجنود، بالإضافة لسيارات من نوع بيك آب دفع رباعي مزودة برشاشات متوسطة وثقيلة من عيار 14.5، و23". ولفت إلى أن "عدد العناصر والضباط ضمن الأرتال تجاوز الـ 1200 عنصر من قوات الفرقة 25 مهام خاصة واللواء 16 مشاة".
وكانت روسيا قد شكلت "اللواء 16 مشاة" بقوام 1300 عنصر مطلع يونيو/ حزيران العام الفائت، ضمن معسكرات في منطقة تل الجراد شرق مدينة مصياف بريف حماة الغربي، وأشرفَ على التشكيل قيادات روسية من قاعدة حميميم.
وعينت العميد صالح العبد الله قائداً له، الذي كان يشغل سابقاً منصب نائب العميد سهيل الحسن قائد "الفرقة 25 مهام خاصة"، التي تموّلها روسيا بشكل كامل واعتمدت تسميتها في أواخر أغسطس/ آب 2019 بدلاً من "قوات النمر"، والتي تعتبر رأس الحربة في العمليات العسكرية للنظام وروسيا خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة.
وحول هذه التعزيزات، قال الرائد يوسف حمود، وهو ضابط منشق عن سلاح الجو في قوات النظام السوري، ويشغل اليوم منصب المتحدث الرسمي لـ "الجيش الوطني"، الحليف لتركيا، في حديث مع "العربي الجديد": "رصدنا خلال الـ48 ساعة الماضية تحرك آليات ثقيلة لقوات النظام مقابل معبر أبو الزندين الواقع بين مناطق سيطرتنا وسيطرة قوات النظام في محيط مدينة الباب شرق حلب".
ورجح أن "هذه التعزيزات ربما يكون هدفها السيطرة على المنطقة التي وصلتها التعزيزات، والخاضعة لسيطرة مشتركة بين النظام وروسيا ومليشيات إيرانية، بالإضافة إلى قوات سورية الديمقراطية، بهدف بسط نفوذه بقوة أكبر بدعم روسي على كامل القطاع".
واستبعد المتحدث العسكري ذاته أن تكون تلك التعزيزات تحضيراً لشن عمل عسكري اتجاه مناطق ومواقع المعارضة السورية قرب مدينة الباب، مؤكداً أن "المؤشرات لا تذهب بهذا الاتجاه".
لكن حمود أبدى استعداد فصائل المعارضة لكافة الاحتمالات، قائلاً: "قواتنا العسكرية من جميع الفيالق التابعة للجيش الوطني منتشرة على كامل القطاع مع قوات النظام، وهي في أتم استعداداتها، بالتزامن مع تخريج دورات عسكرية للجيش بين الحين والآخر مُدربة بشكلٍ جيد على المهارات القتالية العالية". وأشار إلى أنه "في حال فكرت روسيا بشن أي هجوم عسكري على المنطقة ستكون قواتنا مستعدة للرد على تلك الهجمات".
ويشير متابعون على الأرض إلى أنّ تلك التعزيزات قد تكون مهمتها حماية المعبر القريب من مدينة الباب، بعد نية فتحه أمام الحركة الطبيعية والتجارية، إذ يعاني النظام ضائقة اقتصادية كبيرة، بالإضافة لنقص شديد في المواد الأساسية التي كانت تدخل مناطق سيطرته عبر تلك المعابر قبل إغلاقها.
وكان اللواء البحري فياتشيسلاف سيتنيك نائب رئيس قاعدة حميميم الجوية الروسية في سورية قد صرّح، مساء أمس الإثنين، لوسائل إعلام روسية، بأن ثلاثة معابر ستفتح أمام الراغبين بالخروج من إدلب إلى مناطق سيطرة النظام السوري، من ضمنها معبر أبو الزندين المحاذي لمدينة الباب بريف حلب الشرقي شمال سورية.
عودة التفجيرات إلى مناطق شمال حلب
من جانب آخر، قضى نازح، وأُصيب أربعة آخرون بجروح متفاوتة، عصر اليوم الثلاثاء، إثر انفجار عبوة ناسفة ألصقت بسيارة مدنية وسط مدينة الباب بريف حلب الشرقي.
كما انفجرت عبوة ناسفة مساء الثلاثاء تم إلصاقها بالطريقة نفسها بسيارة وسط حي المحمودية في مدينة عفرين شمال حلب، دون تسجيل أي إصابة تذكر. وتشهد مناطق "درع الفرات"، و"غصن الزيتون"، و"نبع السلام" شمال شرق سورية التي يسيطر عليها "الجيش الوطني" الحليف لتركيا، حالة غضب شعبي من قبل الأهالي نتيجة ارتفاع وتيرة الفلتان الأمني، جراء التفجيرات وعمليات الخطف والقتل والاغتيال، التي باتت شبه يومية، مُحملين القوات المُسيطرة مسؤولية ذلك.
إلى ذلك، أشارت منصات إعلامية محلية إلى أن دورية تابعة لـ"أمن الدولة"، أحد أفرع النظام الأمنية، داهمت عدداً من منازل المدنيين في بلدة دبسي عفنان في الريف الغربي لمدينة الرقة شرق سورية، واعتقلت أربعة شبان واعتدت عليهم بالضرب المبرح خلال عملية الاعتقال. وأشارت إلى أن عملية الدهم جاءت بعد توجيه تُهم من الفرع بمحاولة اغتيال عنصرين من ميليشيا "الدفاع الوطني" التابعة للنظام في البلدة خلال الأيام الماضية.
واستهدفت قوات الجيش التركي، بالأسلحة الثقيلة، عصر الثلاثاء، شاحنة عسكرية تابعة لـ "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، قرب استراحة صقر المحاذية لمدينة عين عيسى شمال محافظة الرقة.
كما جددت القوات التركية قصفها مستهدفةً قرية هوشان وطريق حلب – الحسكة "أم 4" الدولي في الريف ذاته، دون وقوع أي خسائر بشرية. وتشهد محاور بلدة عين عيسى الاستراتيجية بين الحين والآخر، عمليات استهداف واشتباكات بين "قسد" من جهة، وفصائل الجيش الوطني المعارض وحليفه التركي من جهة أخرى.
أما في دير الزور، فعثر الأهالي ظهر الثلاثاء على جثتين مجهولتي الهوية على ضفة نهر الفرات في قرية جديد بكارة الخاضعة لسيطرة "قسد"، في حين كشفت مصادر محلية لـ "العربي الجديد" عن إغلاق جميع المعابر النهرية بين مناطق سيطرة النظام ومناطق سيطرة "قسد" بريف دير الزور الشرقي، أمام حركة عبور المدنيين لأسباب مجهولة.