سورية: تلاعب في مخصّصات المازوت المدعوم في حلب

سورية: تلاعب في مخصّصات المازوت المدعوم في حلب

16 فبراير 2021
تم تخفيض هذه المخصّصات العام الماضي إلى 200 ليتر على دفعتين (Getty)
+ الخط -

مقابل النقص الشديد في مشتقّات الوقود التي تعاني منها مدينة حلب منذ سنوات، وارتفاع أسعارها في السوق السوداء، كان المدنيون يجدون فرصةً للحصول على المازوت المخصّص للاستخدام المنزلي في فصل الشتاء، وذلك بفضل خطّة توزيع مازوت مدعوم من قبل النظام السوري تبلغ كميّته 400 ليتر لكل عائلة سنويًا، ويُوزّع على أساس دفتر العائلة.

في العام الماضي، تم تخفيض هذه المخصّصات إلى 200 ليتر، على دفعتين، بحيث يتم منح الـ 100 ليتر الأولى في أواخر كل صيف، ثم الـ 100 ليتر الثانية في منتصف كل شتاء.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2020، قرّر النظام السوري إعادة خفض هذه الكمية لتصبح 100 ليتر فقط، الأمر الذي أثار غضب المدنيين في محافظة حلب، إذ أن هذه الكمية لا تكفي لأغراض الاستخدام المنزلي مثل التدفئة والاستحمام وغيرها من الاحتياجات الأسرية.

تكمن أهمية المازوت المدعوم حكوميًا في أن سعره مناسب لأوضاع المدنيين الاقتصادية، إذ يبلغ 180 ليرة لكل ليتر، في حين أن سعر المازوت غير المدعوم يبلغ 650 ليرة، ولكن بسبب فقدانه وصل إلى 1000 ليرة مؤخّرًا في الأسواق السوداء في حلب، بسبب عدم قدرة محطّات الوقود على تلبية احتياجات المدنيين، واقتصارها في غالب الأحيان على تعبئة المازوت للسيارات والشاحنات التي تعمل بالمازوت ضمن طوابير تمتد لمئات الأمتار.

ولكن على الرغم من تخفيض الوقود مرّتين إلى أنّه حتّى حصّة 100 ليتر لا تصل للجميع، وهو ما جعل عائلة عبد الفتّاح دون أي مصادر تدفئة هذا الشتاء الذي على وشك الانقضاء.

يقول عبد الفتاح من سكّان حي الأعظمية غرب حلب: "لم يعطِنا أحدٌ مخصّصاتنا من المازوت رغم كثرة محاولتنا، ولا نستطيع الحصول إلّا على عبوة غاز واحدة كل 22 يومًا وبالتالي لا تكاد تكفي للطبخ لذلك لا نستطيع استخدامها في التدفئة، ولا وجود للكهرباء في المدينة أبدًا وبالتالي لم يعد لأسرتي سوى البطانيات وأغطية النوم للتدفئة".

لم تكن مشكلة عائلة عبد الفتّاح المكوّنة من ستة أشخاص تتوقّف عند التدفئة فقط، فالأسرة تزور أحد أقاربها حتّى تستحم بسبب استحالة الاستحمام بالمياه الباردة في الشتاء.

يشرح الخمسيني: "اشتريت 10 ليترات من المازوت من السوق السوداء بـ10 آلاف ليرة، بهدف استخدامه في الاستحمام، وانتهى بعد أسبوعٍ واحد فقط" موضحًا أن إجمالي راتبه الشهري 120 ألف ليرة سورية، وهو يكاد يكفي لتأمين الأغذية وأساسيات الأسرة.

كما تحدّث أنّه أنفق الكثير من الأموال ثمن زيارات الأطباء والأدوية لطفليه الصغيرين اللذين مرضا كثيرًا خلال فصل الشتاء الجاري.

في أواخر العام الماضي، نقلت صحيفة "الوطن" الموالية عن مدير محروقات المحافظة، سائد البيك، قوله: "إن المازوت المنزلي المخصص للعائلات في حلب تم تخفيضه إلى النصف".

وعزت وزارة النفط السورية سبب تخفيض مخصّصات النفط للمواطنين، بسبب ما وصفته بـ "الإجراءات الجائرة أحادية الجانب متمثّلةً بالعقوبات الاقتصادية التي تجعل عملية استيراد النفط أكثر صعوبةً".

غير أن هذا التصريح يحتاج إلى المزيد من التفاصيل ولا سيما أن العقوبات تركّز على تصدير النفط السوري، وفرض عقوبات على الشركات التي تعمل في هذا القطاع.

في ذات الشارع الذي تعيش فيه ربّة المنزل السورية رحاب في حي المحافظة، تم توزيع مخصّصات المازوت لمنازل محدّدة في مبان سكنية محدّدة، ولم يتم التوزيع لباقي السكّان الذين يعيشون في ذات الشارع، وينتظرون مخصّصاتهم.

لم تتمكّن الأربعينية رحاب من فهم آلية توزيع المازوت أو كيفية اختيار الأسر التي سوف يتم توزيع المخصّصات لها دون غيرها، ووصفت فكرة توزيع مخصّصات للأسر في سورية بـ "الغبية" موضحةً أن إجراء توصيل المازوت إلى منازل المدنيين يتطلّب آلية عمل ضخمة تحتوي الكثير من الموظفين والكثير من الصهاريج والشاحنات ونظام فرز إلكتروني ليُصار إلى التوزيع حسب مسارات الأحياء، وهذا الأمر لا ينطبق على سورية.

كما تحدّثت المرأة أن شقيقها في حيٍ آخر حصل على مخصّصاته ولكنّه اكتشف لاحقًا أنّها لم تكن 100 ليتر بل 83 ليترًا فقط، وأنّه تم اقتطاع 17 ليترًا دون سبب واضح رغم أنه دفع ثمنها بالسعر المدعوم.

المساهمون