معبر الحمران... تسوية مؤقتة غير مؤكدة

معبر الحمران... تسوية مؤقتة غير مؤكدة

07 مارس 2023
معبر باب الهوى، 12 فبراير الماضي (عمر حاج قدور/فرانس برس)
+ الخط -

وافق فصيل موال لـ "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) أخيراً على تسليم العائدات المالية لأهم المعابر في الشمال السوري إلى وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة، وهو ما من شأنه نزع فتيل اقتتال دموي آخر في الشمال السوري الخاضع لـ "الجيش الوطني السوري" المعارض.

وأكدت مصادر في وزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة لـ"العربي الجديد"، أن فصيل "حركة أحرار الشام - القاطع الشرقي" وافق على تسليم عائدات معبر الحمران المالية للدائرة المالية في الوزارة، مشيرة إلى أن الفصيل سيصدر بياناً قريباً لتبيان طبيعة الاتفاق.

ومطلع شهر فبراير/شباط الماضي، أعلنت فصائل موالية لـ"الهيئة" الاندماج في "تجمع الشهباء"، الذي يضم: "حركة أحرار الشام - القطاع الشرقي"، و"لواء التوحيد"، ومجموعات في "حركة نور الدين الزنكي"، إلى جانب "الفرقة 50".

الاتفاق "لم يتم بعد"

وأكد المتحدث باسم التجمع علي الحسن، في حديث مع "العربي الجديد" أنه "تم الاتفاق مع وزارة الدفاع على إبقاء المعبر تحت رعاية التجمع، على أن تصل العائدات إلى الوزارة عن طريقه". ولكن مصادر مواكبة للمشهد الفصائلي في الشمال السوري أوضحت في حديث مع "العربي الجديد" أن الاتفاق "لم يتم بعد"، مؤكدة أن الاجتماع "حصل بين الوزارة والتجمع".

ولفتت المصادر إلى أن الوزارة "لا تعترف بالتجمع أصلاً، على الرغم من أنه يحصل على كتلة مالية من الوزارة"، مشيرة إلى أن "الوزارة هددت التجمع بقطع الدعم المالي عنه في حال عدم انسحابه الكامل من المعبر وتسليمه للوزارة". وذكرت أن "وزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة تريد انسحاب فصيل أحرار الشام - القاطع الشرقي من المعبر بشكل كامل".

مصادر: الحكومة المؤقتة تهدف للسيطرة على كل معابر الشمال
 

وأوضحت المصادر أن الوزارة "تهدف إلى القضاء على أي وجود لهيئة تحرير الشام في الشمال السوري من خلال فصائل ومجموعات تدين بالولاء لها"، معتبرة أن "تجمع الشهباء غير المعترف به، أطلق تصريحات عن اتفاق مع وزارة الدفاع لتسليم العائدات المالية، في خطوة تمهيدية لإعلان انسحابه من المعبر وتسليمه للوزارة".

وأشارت إلى أن تسلّم وزارة الدفاع لمعبر الحمران: "يأتي ضمن خطة الوزارة الهادفة للسيطرة على المعابر والحواجز، وتوحيدها تحت إدارة وقيادة واحدة للحد من الفوضى الموجودة في الشمال السوري".

ويحظى معبر الحمران قرب جرابلس، شمال شرقي حلب، بأهمية كبرى كونه المعبر الوحيد الذي يمر عبره النفط الخام القادم من مناطق "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في منطقة شرقي نهر الفرات إلى الشمال السوري، وإلى الشمال الغربي حيث مناطق سيطرة "هيئة تحرير الشام".

وتعمل في منطقة ترحين، قرب معبر الحمران، العشرات من الحراقات التي تقوم بتكرير النفط الخاص بشكل بدائي. واشتكى أصحاب هذه الحراقات مطلع العام الحالي من محاولات "الهيئة" احتكار تجارة المحروقات في عموم شمال غربي سورية، ووضع اليد على جميع محطات تكرار النفط الموجودة لصالحها.

وسيطر فصيل "أحرار الشام - القاطع الشرقي" في أكتوبر/تشرين الأول الماضي على هذا المعبر، بعد انسحاب "الفيلق الثالث" التابع لـ"الجيش الوطني السوري" المعارض، في خضم صدام دموي جرى بين "الهيئة" ومجموعات موالية لها مع "الفيلق". وكادت "الهيئة" أن تنهي أي وجود لـ"الجيش" في الشمال السوري لولا التدخل العسكري التركي.

لكن "الهيئة" تعتمد على فصائل موالية لها لإبقاء حضورها على عدة مستويات في الشمال، خصوصاً عبر فصيل "أحرار الشام - القاطع الشرقي".

وأطلقت الحكومة المؤقتة، في نهاية أكتوبر الماضي، خطة لتوحيد الفصائل، بعد اجتماعات ولقاءات أجرتها وزارة الدفاع مع القوى العسكرية والأمنية في الشمال السوري، وكذلك بعد اجتماع قادة "الجيش الوطني" مع مسؤولي الملف السوري الأتراك في ولاية غازي عنتاب، جنوبي تركيا.

لكن فصيل "أحرار الشام - القاطع الشرقي" كان يرفض الانخراط ضمن الهيكلية التي عملت وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة على تطبيقها، والتي تضمنت توحيد المعابر تحت إدارة لجنة متخصصة، تابعة للمجلس الاستشاري، الذي يضم وزير الدفاع وقادة الفيالق في "الجيش الوطني".

قدّرت مصادر مطلعة في الشمال السوري عائدات معبر الحمران المالية بنحو مليوني دولار شهرياً

 

وكان رفض الفصيل تسليم عائدات الحمران المالية، التي قدرتها مصادر مطلعة في الشمال السوري بنحو مليوني دولار شهرياً، إلى الحكومة السورية المؤقتة، سبباً لاستمرار التوتر الفصائلي في الشمال، إلا أن موافقته الأخيرة على تسليمها نزعت فتيل اقتتال جديد.

ووصف الباحث الاقتصادي في مركز "جسور" للدراسات خالد تركاوي في حديث مع "العربي الجديد" أهمية معبر الحمران بـ "العالية"، مشيراً إلى أن سلعاً "مهمة" تدخل عبره إلى الشمال السوري.

معابر الشمال السوري

وفي الشمال السوري تنتشر العديد من المعابر التي تربط بينه وبين مناطق (قسد) من جهة، ومناطق سيطرة النظام السورية من جهة ثانية. وأبرز المعابر مع النظام، هي معبر أبو الزندين في ريف حلب الشمالي الشرقي قرب مدينة الباب، وميزناز في ريف حلب الغربي، ومعبر الترنبه القريب من بلدة سراقب في ريف إدلب الشرقي. وتدخل من معبر الترنبه بين وقت وآخر قوافل مساعدات إنسانية دولية، وفق آليات الدخول التي حدّدها مجلس الأمن الدولي من معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، عبر خطوط التماس بين قوات النظام وفصائل المعارضة.

كما ترتبط مناطق فصائل المعارضة السورية في الشمال مع مناطق سيطرة (قسد) بمعابر عدة، أبرزها عون الدادات والحمران. وكانت الحكومة السورية المؤقتة أغلقت في عام 2020، جميع المعابر والمنافذ مع قوات النظام في شمال البلاد، فاقتصر عملها على تبادل الأسرى بين وقت وآخر، بضمانة روسية - تركية، وبإشراف الصليب الأحمر الدولي والأمم المتحدة.