محاولات لوقف تظاهرات المصريين المهجّرين في سيناء

محاولات لوقف تظاهرات المصريين المهجّرين في سيناء

23 اغسطس 2023
آثار عملية للجيش المصري، الشيخ زويد 2013 (فرانس برس)
+ الخط -

تحاول قوات الجيش المصري وأجهزة المخابرات المصرية، الحيلولة دون تمدّد تظاهرات المهجّرين في محافظة شمال سيناء شرقيّ البلاد، مطالبين بالعودة إلى قراهم، وهي تكررت أكثر من مرة خلال الأسبوعين الماضيَين، كان آخرها مساء أول من أمس الاثنين.

وخرج مئات المصريين المهجّرين من رفح والشيخ زويد مساء أول من أمس، في تظاهرة ليلية، رافعين شعار "صرخة العودة"، ومعلنين رغبتهم في العودة إلى قراهم حيث عاشوا طويلاً واضطروا إلى تركها بسبب الظروف الأمنية. وأفادت مصادر قَبلية، لـ"العربي الجديد"، بأن مئات المهجّرين من قرى جنوب الشيخ زويد وغرب مدينة رفح تظاهروا في قرية المقاطعة جنوب الشيخ زويد.

وأضافت أن المتظاهرين عبّروا عن مطلبهم العادل بالعودة إلى قراهم، حيث أغلقوا طرقاً بواسطة سياراتهم، ورفعوا لافتات تطالب الجيش المصري بالسماح لهم بالعودة وتستنكر معاناتهم المستمرة.

وأوضحت المصادر نفسها أن "هذه التظاهرة الرمزية تأتي في سياق القيود المفروضة على سكان القرى المذكورة، حيث يجدون أنفسهم محرومين دخول منازلهم وأملاكهم". وما يزيد من الانزعاج "تمكين السلطات لبعض المهندسين التابعين لشركات استثمارية من الوصول إلى تلك المناطق، للاستفادة منها في مشروعات زراعية واستزراعية".

تظاهرات شبه يومية في مناطق سيناء

من جهة أخرى، أشارت مصادر قبلية لـ"العربي الجديد"، إلى أن قوات الجيش تجنبت التعرض للمواطنين المتظاهرين في قرية المقاطعة مساء الاثنين، على الرغم من أن التظاهرة استمرت لأكثر من ست ساعات، لافتة إلى أنه "كان هناك قرار لدى الأهالي بتكرار التظاهرة بشكل شبه يومي في مناطق متفرقة من سيناء".

كذلك، فقد جرت الدعوة للقاءات حاشدة لقبائل السواركة والأرميلات يوم الجمعة الماضي، للاتفاق على خطة للعودة إلى القرى المهجرة، و"كسر قرار الجيش المصري بمنعهم من الوصول إليها، في ظل زوال المسبّب المتمثل بالإرهاب، الذي جرى طرده على يد القبائل وبدعم من قوات الجيش والمخابرات".

أعطى مشايخ القبائل مهلة أسبوع لعودة الأهالي من دون شروط

وأضافت المصادر ذاتها أن قائد الجيش الثاني الميداني اللواء محمد ربيع، سارع للاتصال بكبار قبيلَتي السواركة والأرميلات، ودعاهم لتهدئة المواطنين المتظاهرين، وتقديم وعود برفع قضيتهم إلى الجهات السيادية العليا لأخذ التعليمات اللازمة بعودة المواطنين إلى قراهم، بعد إزالة مخلفات الحرب على الإرهاب.

من جهتهم، فقد أعطى مشايخ القبائل مهلة لربيع مدتها أسبوع فقط، و"إن لم يكن هناك قرار بعودة الأهالي من دون شروط أو تسويف تحت أي حجج أو مزاعم، فإن الأهالي سيعودون إلى قراهم رغماً عن قوات الجيش التي تقف في وجههم على الكمائن المحيطة بقراهم".

وأشارت المصادر إلى أن ما جرى في قرية المقاطعة خلال الأيام الماضية، منفصل عن حراك جديد يقود المئات من سكان قرى رفح، فيما سيكون هناك اجتماع خلال الأيام المقبلة لتوحيد الجهود في الاعتصام والتظاهر على أطراف القرى.

وبحسب المصادر، يأتي ذلك "للفت انتباه المعنيين بضرورة العودة إلى القرى، بعد طرد الإرهاب، وتطهيرها من مخلفات الحرب، ولا سيما في ظل دخول عدد كبير من الشركات والمهندسين إلى قراهم، بهدف دراسة المنطقة وتحضيرها لاستثمارها في مشاريع كبرى خلال الفترة المقبلة، في تجاوز واضح لملكية المواطنين لأراضيهم ومزارعهم، ومنعهم من الوصول إليها".

يُشار إلى أنّ أغلب المناطق التي يُمنع المواطنون من الدخول إليها، تتبع لقبيلتَي الأرميلات والسواركة، في حين أن القرى التي تنحدر منها قبيلة الترابين التي يقودها رجل الأعمال المصري إبراهيم العرجاني المُقرب من دوائر المخابرات المصرية، ومحمود السيسي نجل الرئيس عبد الفتاح السيسي، عاد إليها سكانها. وتشمل هذه القرى مناطق جنوب رفح والشيخ زويد، كالبرث ونجع شيبانة والعجراء.

في المقابل، لا يزال سكان المقاطعة والخرافين وجوز أبو رعد والظهير والوفاق والمطلة وبلعا وقرى ساحل البحر، ينتظرون قراراً بالعودة إلى ديارهم منذ سنوات.

أحمد سلمان الزريعي: تمّ تحذيرنا بمحاسبة الرافضين للقرارات العسكرية 

وفي السياق، قال أحد المشاركين في التظاهرات الليلية، أحمد سلمان الزريعي، لـ"العربي الجديد"، إن كسر حاجز الخوف والمشاركة في التظاهرات الليلة لم يكن سهلاً على المواطنين، "خصوصاً في ظل التحذيرات المسبقة التي تعرضنا لها خلال تظاهرات مشابهة أقمناها خلال الأسابيع الماضية".

وأضاف الزريعي أن قادة ميدانيين في الجيش المصري، ومندوبين عن أجهزة أمنية أخرى، "حذرونا من أنه ستجري محاسبة المتظاهرين، والرافضين للقرارات العسكرية الصادرة عن قيادة القوات المسلحة المصرية، بمنع الدخول لمساحات واسعة من مدينتَي رفح والشيخ زويد بحجة أنها مناطق عسكرية تارة، أو يجري تطهيرها من مخلفات الحرب على الإرهاب تارة أخرى".

محاولات الجيش المصري لاحتواء التظاهرات

وأشار الزريعي إلى أن "الأهالي كانوا مقبلين على اعتصام مفتوح، يشارك فيه آلاف المواطنين، على مدار الأيام المقبلة، حتى تحقيق مطالبهم بالعودة إلى قراهم المهجرة، بعد زوال المسبب لتهجيرهم، والمتمثل بملاحقة تنظيم داعش الإرهابي".

وأوضح: "إلا أن تحركات على أعلى مستوى جرت خلال ساعات ليل الاثنين الثلاثاء، بين مسؤولين في القبائل مع قادة في الجيش المصري، والمخابرات، خصوصاً بعد تغطية وسائل الإعلام الخارجية للحدث، وكذلك انتشار الصور ومقاطع الفيديو عبر منصات التواصل الاجتماعي، والخوف من توسع دائرة التظاهرات الليلية، ودخول المهجّرين كافة من قراهم فيها".

وقد دفع ما سبق بعض قادة المجموعات القبَلية التي ساندت الجيش في حربه على الإرهاب، للكتابة عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتهدئة الشارع السيناوي والمواطنين المهجّرين.

وقد حذّر أحد أبرز قادة المجموعات القبلية طلب أبو ركبة على صفحته على "فيسبوك" من الدخول في مرحلة الترهيب والدعوة للفتنة وتعطيل الخطة الاستثمارية، بحسب قوله. وتحدّث عن محاولة لزعزعة الأمن والتشكيك في نزاهة العلاقة مع "القيادة الحكيمة" المصرية.

وعاش العائدون إلى محافظة شمال سيناء خلال الأسابيع الماضية، بعد تهجير دام عشر سنوات، حالة من الكرّ والفرّ مع قوات الجيش المصري، التي تتقلب في قراراتها بين السماح والرفض للمواطنين بالدخول إلى قراهم، سواء في جنوب مدينة الشيخ زويد ورفح، أو في مناطق الساحل.

يأتي ذلك وسط دعوات من الأهالي للمشايخ ورموز القبائل بالتدخل لدى الجهات الأمنية التي أشرفت على طرد المجموعات القبلية لتنظيم "داعش" من شمال سيناء العام الماضي، بدعم من الجيش المصري الذي يقف في وجه عودتهم اليوم.