قبل عام واحد من عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، كانت السيرة الذاتية التي نشرت لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تتضمن سيناريو ينطوي على تشابه مع ما حدث في يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
وكتب نتنياهو عن خطة سابقة لـ"حماس" أعدت قبل عشر سنوات، قبل الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2014، قائلاً إن حماس كانت تنوي مفاجأة إسرائيل باختراق الحدود بشكل متزامن وتنفيذ عمليات أسر عبر الأنفاق، وهو ما حصل في السابع من أكتوبر باستثناء فارق بسيط يتعلق بإدخال الأسرى من السياج الحدودي المخترق وليس من الأنفاق.
ولا يزال الإسرائيليون يعانون من صدمة عملية "طوفان الأقصى" وأسر واحتجاز عدد من الجنود والمستوطنين، إذ يريد الكثير منهم رحيل نتنياهو بعدما أصيبوا بالصدمة من الفشل الأمني في ذلك اليوم.
وأظهر استطلاع للرأي نشره المعهد الإسرائيلي للديمقراطية غير الحزبي في الثاني من يناير/ كانون الثاني، أن 15 بالمائة فقط من الإسرائيليين يريدون استمرار نتنياهو في منصبه بعد انتهاء الحرب على "حماس"، وذلك تماشيا مع استطلاعات سابقة أظهرت تراجع شعبيته تراجعا حادا.
لكن نتنياهو الواقع في ورطة، الذي ظل لسنوات يروج لنفسه على أنه مسؤول الأمن في إسرائيل، لا يظهر أي علامة على رغبته في الرحيل.
وقال المحلل السياسي أموتز عسائيل: "إنه عنيد. ويبدو أنه اتخذ قراراً استراتيجياً بالاستمرار في الحياة السياسية رغم ذلك. أعتقد أنه هدف خيالي وأن زملاءه سيقولون له عاجلاً أم آجلاً إن وقته قد انتهى".
ويبدو أن التغيير السياسي مستبعد على المدى القريب في ظل استمرار الحرب على غزة، لكن هناك دلائل من داخل حكومة نتنياهو على أن البعض يتنافسون على المنصب.
وتسربت تقارير عن خلافات داخل مجلس الوزراء الأمني إلى الصحافة الإسرائيلية، ووجه وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي استُبعد إلى حد كبير من عملية اتخاذ أي قرارات حرب، انتقادات شديدة إلى الوزير في مجلس الحرب بيني غانتس.
احتجاجات
تجددت في شوارع إسرائيل في الأسابيع القليلة الماضية احتجاجات مناهضة للحكومة للمطالبة بإجراء انتخابات. لكن هذه الاحتجاجات لا تزال محدودة نسبياً مقارنة بالمظاهرات الحاشدة التي شهدتها إسرائيل في 2023.
ويبدو أن أكبر مؤيدي نتنياهو مستسلمين للرحيل الحتمي له. وقال يوسي زرويا، عضو حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو وصاحب محل شاورما في الرملة: "أعتقد أنه سينتصر في الحرب ويتنحى بكرامة". واستقبل سكان الرملة نتنياهو بهتافات تقول "الملك بيبي" قبل 15 شهرا في إحدى فعاليات حملة انتخابية تعهد خلالها بإعادة الأمن إلى الشوارع.
وانتاب هذا الشعور مؤيدين آخرين يتجولون في سوق الرملة. وقال تاجر الألماس رافي كيمتشي، الذي يزور المدينة من هرتسليا المجاورة: "نتنياهو عبقري. إنه ليس مسؤولاً عما حدث.. لكنني أعتقد أن أمره انتهى".
وقال عسائيل، الباحث في معهد شالوم هارتمان بالقدس، إن بن غفير قد يحاول النأي بنفسه وترك الحكومة قبل الحملة الانتخابية في ظل إحباط ناخبي الليكود.
وفي المقابل، أظهرت استطلاعات رأي صعود شعبية غانتس الذي يُنظر إليه على أنه رجل مسؤول عن الإسرائيليين. ويتنافس منذ فترة طويلة العديد من أعضاء حزب الليكود المحنكون على خلافة نتنياهو، ومن بينهم وزير الخارجية يسرائيل كاتس والنائب البرلماني يولي إدلشتاين.
كما طُرح اسم يوسي كوهين، رئيس المخابرات الإسرائيلية السابق، ليحل محل نتنياهو، وأعطت بعض استطلاعات الرأي حزباً يقوده حوالي 12 مقعداً من مقاعد الكنيست البالغ عددها 120.
وقال كوهين لبرنامج تلفزيوني في الرابع من يناير/ كانون الثاني: "لا يوجد شيء مستبعد. لم أقرر بعد"، فيما توقع عسائيل حدوث "ضجة سياسية" بمجرد انتهاء القتال وربما إجراء انتخابات مبكرة، وقال "ستخرج مظاهرات حاشدة وضخمة ومتعددة إذا حاول السياسيون التراجع".
(رويترز، العربي الجديد)