لبنان: فشل سادس بانتخاب رئيس جديد

لبنان: فشل سادس بانتخاب رئيس جديد

17 نوفمبر 2022
مرشح المعارضة للرئاسة ميشال معوض (حسين بيضون)
+ الخط -

فشل البرلمان اللبناني للمرة السادسة، اليوم الخميس، بانتخاب رئيسٍ للجمهورية، مكرّراً سيناريو الجلسات الخمس السابقة، بتأمين نصاب الدورة الأولى (86 من أصل 128 نائباً)، وخوض جولة التصويت التي تدور أساساً بين النائب ميشال معوض، مرشح المعارضة، وورقة "حزب الله" وحلفائه البيضاء، قبل إسقاط نصاب الدورة الثانية.

وبعد انسحاب عددٍ من النواب، وخصوصاً الذين يدورون في فلك "8 آذار" (حزب الله وحلفائه) من القاعة مع انتهاء فرز الأصوات، وإفقاد نصاب الدورة الثانية، رفع رئيس البرلمان نبيه بري الجلسة، وحدّد يوم الخميس المقبل موعداً سابعاً لانتخاب رئيس جديد خلفاً لميشال عون الذي انتهت ولايته في 31 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

واحتلت "الورقة البيضاء" قائمة الأصوات اليوم، بحصدها 46 صوتاً، فيما حاز النائب ميشال معوض 43 صوتاً، كمرشح للأحزاب المعارضة "التقدمي الاشتراكي" (برئاسة وليد جنبلاط)، "الكتائب اللبنانية" (برئاسة النائب سامي الجميّل)، "القوات اللبنانية" (برئاسة سمير جعجع) وبعض المستقلين و"التغييريين".

كذلك، ذهب بعض النواب "التغييريين" باتجاه التصويت للباحث والمؤرخ عصام خليفة الذي حصد 7 أصوات، بينما اختار 9 نواب شعار "لبنان الجديد"، وحصد النائب ميشال ضاهر صوتاً واحداً لم يلغَ رغم أنه كاثوليكي لا ماروني (طائفة رئيس الجمهورية)، والوزير السابق زياد بارود 3 أصوات، بينما كان بارزاً تصويت أحد النواب لرئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، فيما أُلغيَت ورقتان.

وشهدت الجلسة إشكالاً "مكرراً" حول النصاب الدستوري لجلسات انتخاب الرئيس، خصوصاً في الدورة الثانية، وسط تباين حول نصاب الـ86 نائباً أو الـ65 نائباً، وقد أعاد رئيس "حزب الكتائب" النائب سامي الجميّل النقاش في الموضوع، وقال: "من حقنا أن نسأل على أي مادة نستند عندما نقول إننا نريد الحفاظ على نصاب الثلثين في جميع الجلسات، في حين أن الدستور لم يأتِ على ذكر النصاب". وردّ بري: "إذا كان النصاب في الجلسة الثانية بالأكثرية المطلقة، يتم انتخاب رئيس بـ33 صوتاً، فهل تقبل ذلك؟".

اتجاه للتعطيل

وتأتي الجلسة السادسة اليوم على وقع رفع سقف مواقف "حزب الله"، وقطعه الطريق أمام وصول أي رئيس "لا يريده"، ما يعيد إلى الواجهة سيناريو تعطيل انتخاب رئيس لأكثر من سنتين لحين إيصال ميشال عون رئيساً عام 2016.

وأكد رئيس كتلة "حزب الله" البرلمانية "الوفاء للمقاومة" محمد رعد في كلمة له، أننا "في مواجهة الاستحقاق الرئاسي نعرف من نريد ونتحرك من أجل أن يأتي إلى الرئاسة من نريد"، مشيراً إلى أن "الشغور الرئاسي يصنعه عدم التفاهم على الرئيس اللائق بشعبنا المقاوم، وعندما يحصل هذا التفاهم، يكون هناك رئيس للجمهورية".

وكان نصر الله قد حدّد مواصفات الرئيس المقبل للبلاد التي ترتكز على "ألّا يطعن المقاومة في ظهرها، ولا يتآمر عليها ولا يبيعها".

دعم غير معلن بعد لفرنجية

وبدأت ترتفع وتيرة الأجواء السياسية التي تدور في فلك "8 آذار"، والتي تشير إلى أن "حزب الله" يدعم وصول رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية للرئاسة، لكنه لا يعلن ذلك أو يوحي به صراحةً، في ظل عدم رضا رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل عنه حتى الساعة، وتمسكه برفض ترشيحه.

وبعكس "حزب الله"، لا تخفي "حركة أمل" دعمها لفرنجية، وأن المواصفات الرئاسية تنطبق عليه، لكنها تتريث في إعلان ذلك رسمياً حتى تأمين التوافق حول اسمه. كذلك، كان لافتاً إعلان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أنه يتمنى وصول فرنجية إلى الرئاسة.

وتشيع أوساط "تيار المردة" أجواءً تفيد بتبني الثنائي "حزب الله" – "حركة أمل" تأييد ترشيح فرنجية، لا باسيل، وأن الأخير هو من لا يسهل وصول رئيس "تيار المردة" للرئاسة الأولى.

ويقول مصدرٌ مسؤولٌ في "المردة" لـ"العربي الجديد"، إن "فرنجية قادر على جمع الأصوات النيابية حتى من قبل نواب مستقلين، أو نواب عبّروا عن معارضتهم له، منهم رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط، باعتبار أنه كان قد دعم فرنجية في الاستحقاق الماضي، ويمكن الرئيس بري لعب دور الوسيط في هذا المجال، ولكن حزب الله لن يسير بفرنجية من دون التوافق مع باسيل".

وقال وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد المكاري، المحسوب على فرنجية، في حديث تلفزيوني، إن "فرنجية هو الأول، ومن يحول دون انتخابه هو باسيل الذي لا يسهل وصوله للرئاسة"، نافياً أن تكون السعودية ضد انتخاب فرنجية.

وعند سؤال نائب "حزب الله" علي عمّار عن موعد إعلان مرشحهم للرئاسة وما إذا كان فرنجية، وفق ما يتردّد بقوة في الفترة الماضية، يكتفي بالقول لـ"العربي الجديد": "كل شي بوقته".

بدوره، يقول النائب في كتلة "الوفاء للمقاومة" حسين جشّي لـ"العربي الجديد": "نحن لم نعلن اسم مرشحنا، ولا يمكن الإقدام على هذه الخطوة طالما ألّا تجاوب أو تفاهم مع الآخرين، وإلّا نكن أمام استفزاز لا فائدة منه".

ويلفت جشّي إلى أن "باسيل أعلن صراحة أنه غير مقتنع بفرنجية، وكل شخص حرّ برأيه، وهناك أفرقاء وأحزاب أيضاً لا يدعمون وصول فرنجية للرئاسة، من هنا لا يمكن تسمية فرنجية أو غيره قبل التوافق".

ويتوقف النائب الممثل لـ"حزب الله" برلمانياً عند المواصفات التي حدّدها الأمين العام حسن نصر الله، ليجدد تأكيد "ضرورة انتخاب رئيس لا يتآمر على المقاومة، وإلا فإنه سيودي بالبلد إلى المشاكل، خصوصاً أن المقاومة تمثل شريحة واسعة من اللبنانيين"، غامزاً كذلك من حديث ميشال معوض الهجومي المتكرر عن "سلاح المقاومة"، ما يقطع الطريق أمام وصوله إلى الرئاسة.

كذلك، يلفت جشي إلى أننا "لم ندرس بعد موضوع ترشيح قائد الجيش العماد جوزاف عون، ولم يطرح أحد معنا الموضوع، من هنا المطلوب الجلوس سوياً والتحاور لإنقاذ البلد".

أمّا النائب وليم طوق، المتحالف مع "تيار المردة"، فيؤكد لـ"العربي الجديد" أن حظوظ فرنجية مرتفعة، ولكن هذا المجلس هو الأكثر انقساماً على بعضه، من هنا التوافق مع القوى السياسية مطلوب لإيصال أي مرشح إلى سدّة الرئاسة.

ويشير طوق إلى أنه طالما لا توافق بعد على مرشح رئاسي قادر على ضمان وصوله بنسبة تتجاوز 80 في المائة، فإننا لن نضع ترشيحنا.

بدوره، يقول عضو كتلة "أمل" البرلمانية، "التنمية والتحرير" أشرف بيضون، إن "رئيس البرلمان دعا منذ اللحظة الأولى إلى التفاهم على شخص رئيس الجمهورية، في إطار المواصفات التي حدّدها لناحية قدرته على توحيد كلّ اللبنانيين وأن يكون جامعاً لا رئيس تحدٍّ".

ويلفت بيضون في حديثه مع "العربي الجديد" إلى أن "كتلة التنمية والتحرير لم تحسم بعد مرشحها، لأننا ننطلق من مبدأ أن المرشح يجب أن يحظى بموافقة غالبية الكتل النيابية، أقلّه إن كان هناك صعوبة في حصد الإجماع".

لكن لا يخفي بيضون دعم كتلة "التنمية والتحرير" لفرنجية، "فهو من الأشخاص الذين تتوافر فيهم المواصفات الرئاسية، لكن التوافق مطلوب قبل الذهاب إلى طرح الأسماء".

محاولات لكسر جدار التعطيل

في المقابل، تحاول مجموعة من النواب التي تضمّ معارضين ومستقلّين وتغييريين كسر جدار التعطيل ورفع مستوى التنسيق للتوافق على مرشح واحد يمكن أن يحوز الأصوات المطلوبة للفوز، وقطع الطريق أمام وصول شخصية محسوبة على المنظومة السياسية، ولا سيّما "حزب الله" وحلفاؤه.

ويدعم أغلب هؤلاء النواب ترشيح النائب ميشال معوض، بيد أنهم لم يتمكّنوا بعد من إقناع "زملائهم" بتأييده أو الالتقاء حول اسم آخر للسير به، علماً أن معوض يحوز أيضاً تأييد حزبَي "القوات اللبنانية" و"التقدمي الاشتراكي"، لكنهما غير مدعوين إلى الاجتماعات التي تعقدها المجموعة التي يرى بعض من فيها أنهما يمثلان القوى التقليدية التي ساهمت بانهيار لبنان لأكثر من 30 عاماً، وشاركت في الصفقات والتسويات الرئاسية.

وأعطى المشاركون في اللقاء الذي عقد أول من أمس الثلاثاء وضمّ 19 نائباً يمثلون 32 نائباً مستقلاً وتغييرياً ومنضوياً في كتل "الكتائب"، و"تجدّد" و"مشروع وطن" و"الائتلاف النقابي المستقل"، الأولوية المطلقة للاتجاه فوراً إلى انتخاب رئيس للجمهورية كمدخلٍ لإعادة انتظام المؤسسات تطبيقاً للدستور وإنقاذاً للبنان.

المساهمون