لبنان أمام تفاؤل حذر: تقدم على مستوى تشكيل الحكومة وترسيم الحدود

لبنان أمام تفاؤل حذر: تقدم على مستوى تشكيل الحكومة وترسيم الحدود

19 سبتمبر 2022
قرب انتهاء ولاية عون يرخي بظلاله على تشكيل الحكومة (حسين بيضون)
+ الخط -

يرتفع منسوب التفاؤل في لبنان على مستويَيْن، أولهما حكومي مع إشارة المطلعين السياسيين إلى تقدّمٍ إيجابيٍّ جدّي من شأنه أن يولّد حكومة الأسبوع المقبل، وثانيهما بحري، مع تأكيد الأوساط اللبنانية الرسمية أن "مفاوضات ترسيم الحدود باتت في مراحلها الأخيرة".

ورُبِط سيناريو قرب تشكيل الحكومة بحديث الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله، أول من أمس السبت، عن أنه يعقد آمالاً كبيرة في أن يتمكّن الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي من تشكيل حكومة في وقت قريب، وذلك تفادياً للدخول في الفوضى.

ويأتي ذلك ربطاً بالخلاف الدستوري بشأن حكومة تصريف الأعمال وحقها في القيام مقام رئيس الجمهورية في حال الفراغ (تنتهي ولاية عون الرئاسية الشهر القادم)، معتبراً أن "المسؤولية تتطلب من الجميع التنازل، والعمل بصدق وجهد لتشكيل حكومة قبل انتهاء ولاية عون، وإذا أمكن في الأيام القليلة المقبلة".

كذلك، تحدّث عضو المجلس المركزي في "حزب الله" الشيخ نبيل قاووق، أمس الأحد، عن جهود بذلها "حزب الله" في الأيام الأخيرة لتذليل العقبات وتسريع الجهود لتشكيل حكومة جديدة كاملة الأوصاف والصلاحيات، مع الأمل بتشكيلها قبل نهاية شهر سبتمبر/ أيلول الجاري.

وكان لافتاً، في هذا السياق، اللقاء الذي عقده نصر الله في عطلة نهاية الأسبوع مع رئيس "الحزب الديمقراطي اللبناني" طلال أرسلان، وقد رُبِط بوزارة المهجرين، التي تعدّ من العقد الحكومية الأبرز التي حالت حتى الساعة دون تشكيل الحكومة، في ظلّ رفض ميقاتي عودة الوزير عصام شرف الدين نتيجة خلافات حادة بينهما.

ومن المعروف أن هذه الوزارة، التي منحت للطائفة الدرزية، من حصة عون، وكانت تمرّ من أرسلان، ورئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط، الذي أراد ميقاتي منحه إياها، لكنه فضّل عدم التدخل هذه المرة حكومياً، على ألا يطرح في المقابل اسماً استفزازياً للوزارة، وذلك في وقتٍ جرى الحديث عن طرح أرسلان اسم الوزير السابق صالح الغريب، غير المرحّب به من قبل جنبلاط.

وقال مصدرٌ مقرّبٌ من ميقاتي لـ"العربي الجديد" إنّه "كان جادّاً في قوله عند لقائه الرئيس عون، الخميس الماضي، إنه في الاجتماع المقبل لن يغادر قصر بعبدا الجمهوري قبل تشكيل حكومة"، مضيفا: "فهو متمسّك بضرورة التأليف قبل انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في 31 أكتوبر/ تشرين الأول، من بوابة الحفاظ على الاستقرار وعدم الدخول في تجاذبات جديدة، البلد بغنى عنها".

وأشار المصدر ذاته، الذي اشترط عدم ذكر اسمه، إلى أن "الحكومة التي قد تبصر النور تضم غالبية الوزراء الموجودين في الحكومة الحالية مع بعض التعديلات التي قد تطرأ على وزارات المهجرين، والاقتصاد، والمالية، على أن تكون الأسماء متوافق عليها وغير استفزازية"، معرباً عن أمله "ألا يطرأ أي جديد يزعزع هذه الإيجابية الموجودة".

فريق رئيس الجمهورية متفائل: العقبات ذللت والتفاصيل يمكن حلّها

من جانبه، أكد عضو "تكتل لبنان القوي" (يرأسه النائب جبران باسيل، صهر الرئيس ميشال عون) النائب أسعد درغام، لـ"العربي الجديد"، أن "الأجواء إيجابية، بانتظار عودة رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي من الخارج، إذ جرى تذليل العقبات الأساسية، تبقى بعض التفاصيل التي يمكن حلّها".

ولفت إلى أن "الاتجاه أقرب إلى تأليف حكومة جديدة هي نفسها الحالية مع إجراء تعديلات طفيفة، وذلك ربما بعد عودة ميقاتي من نيويورك حيث يرأس وفد لبنان إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة"، متوقعا أن يحدث ذلك "منتصف الأسبوع المقبل، وقبل نهاية سبتمبر، في حال استمرّت الأمور على المنحى الإيجابي الذي تسلكه".

وأشار درغام إلى أنه بالنسبة إلى عقدتَيْ وزارتي الاقتصاد والمهجرين، "فقد تم الاتفاق على المبادئ العامة بشأنهما، خصوصاً المهجرين، إذ سيسمّي الرئيس عون الشخصية التي ستتولى الوزارة، ولن يكون الاسم استفزازياً لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وعلى صعيد وزارة الاقتصاد، فالمفاوضات جارية ولن تكون عائقاً أمام عملية التأليف"، لافتاً إلى أن وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل قد يطاوله التبديل.

وشدد درغام على أن "الأجواء الإيجابية تستند إلى هذه التطورات، عدا عن أن الوضع الاقتصادي والمعيشي السيئ جداً يستوجب تشكيل حكومة جدية وفاعلة وصاحبة صلاحيات قادرة على معالجة الملفات الأساسية، خصوصاً في حال حصل فراغ رئاسي".

وتمسك درغام بالتفاؤل بانفراجات عدة سيشهدها لبنان، ستتبع عملية تأليف الحكومة وقد تطاول ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية.

أبرز العراقيل التي حالت دون تشكيل الحكومة منذ تكليف ميقاتي

وإلى جانب الخلاف على وزارة المهجرين، فإن أبرز العراقيل التي حالت دون تشكيل حكومة منذ تكليف ميقاتي في 23 يونيو/حزيران الماضي، تمثلت برغبة عون في توسعة الحكومة من 24 إلى 30 وزيراً، أي إضافة 6 وزراء دولة، إلا أن طلبه قوبل بالرفض، منعاً لإعطائه الثلث المعطّل. كذلك تمسّك عون بوزارة الطاقة، في وقتٍ كان ميقاتي يضع علامات حمراء على وزير الطاقة الحالي وليد فياض.

وعلى مستوى وزارة الاقتصاد، اعتُبِر الخلاف أقلّ حدّة وقابلاً للحلّ سريعاً، علماً أن ميقاتي كان رفض أيضاً عودة الوزير الحالي أمين سلام، الذي تردّد اسمه كثيراً لرئاسة الحكومة قبل تكليف ميقاتي وكان قد أبدى انفتاحه على الموضوع.

ومن الوزارات التي ستشهد تبديلاً، وزارة المال التي هي من حصة رئيس البرلمان نبيه بري، والتي ستؤول إلى النائب السابق ياسين جابر، وقد تردّد أن خلافاً وقع بين بري ووزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل، ظهرت معالمه أكثر في جلسة البرلمان الأسبوع الماضي التي خصصت لمناقشة مشروع موازنة عام 2022، بحيث قاطع بري الخليل، ولم يدعه يكمل كلمته، وصعد بدلاً منه ميقاتي. وأشار مصدرٌ مقرّب من بري، لـ"العربي الجديد"، إلى أن اسم جابر كان مطروحاً من قبل ميقاتي في تشكيلته الوزارية، ولا علاقة لما حصل في الجلسة بالتبديل.

عون: مفاوضات ترسيم الحدود البحرية الجنوبية في مراحلها الأخيرة

على صعيد ملف ترسيم الحدود مع الاحتلال الإسرائيلي، قالت الرئاسة اللبنانية في بيان إن عون أبلغ المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جوانا فرونيسكا، خلال استقباله لها قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا، أن "المفاوضات لترسيم الحدود البحرية الجنوبية باتت في مراحلها الأخيرة، بما يضمن حقوق لبنان في التنقيب عن الغاز والنفط في الحقول المحددة في المنطقة الاقتصادية الخالصة له".

ويتمسك لبنان بالخط 23 وحقل قانا، مع جيب مائي لاحتواء الحقل من دون أي انحراف، وينتظر الردّ الإسرائيلي على ذلك، ويرفض تقاسم الإنتاج النفطي مع الاحتلال، في حين يتمسك بمطلبه بدء عملية التنقيب عن النفط والغاز في الحقول غير المتنازع عليها، وبضرورة عودة المفاوضات التقنية غير المباشرة مع الجانب الإسرائيلي إلى الناقورة، جنوبي لبنان، برعاية الأمم المتحدة والوساطة الأميركية المتوقفة منذ مايو/أيار 2021.

وبرزت أيضاً، في كلمة نصر الله السبت، إشارته إلى أنه يعطي مفاوضات الترسيم فرصة، لكن قال: "أعيننا وصواريخنا على كاريش"، مجدداً التلويح بالتصعيد العسكري، وبأنه لن يسمح باستخراج النفط والغاز من حقل كاريش قبل أن يحصل لبنان على مطالبه المحقة.

وأشار عون إلى أن "التواصل مع الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين مستمر حول بعض التفاصيل التقنية المرتبطة بعملية الترسيم".

كذلك شدد عون على أن "التنسيق بين القوات الدولية العاملة في الجنوب (يونيفيل) والجيش اللبناني أمرٌ ضروريٌّ لتأمين نجاح مهمة حفظ الأمن والسلام على الحدود"، مؤكداً "وجوب توفير المناخات الملائمة لمنع حصول أي صدام بين الأهالي والجنود الدوليين".