قضية نافالني: روسيا تبرّر الاعتقالات وألمانيا تلوّح بعقوبات

روسيا تبرّر الاعتقالات على خلفية قضية نافالني وألمانيا لا تستبعد فرض عقوبات عليها

03 فبراير 2021
تم توقيف أكثر من 1400 شخص مساء أمس الثلاثاء (أولغا مالتسيفا/فرانس برس)
+ الخط -

أعلن الكرملين، اليوم الأربعاء، أن ردّ الشرطة الروسية "الحازم" على الاحتجاجات المؤيدة للمعارض المسجون أليكسي نافالني "مبرّر" لأنها تشكل تهديداً، في وقت تحدثت ألمانيا عن احتمال فرض عقوبات جديدة من قبل الاتحاد الأوروبي على روسيا.

ورأى الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف، وفق "فرانس برس"، أن "الدعوات إلى التحرك غير المرخص لها تشكل استفزازاً (...) والشرطة ردت بشكل حازم بسبب التهديدات المحتملة"، معربا عن ارتياحه لـ"التحرك الحازم" للقوى الأمنية غداة تجمعات أدت إلى توقيف أكثر من 1400 شخص.

وقال "بشكل عام، يشكّل تنظيم نشاطات غير مصرّح بها مصدر قلق ويبرّر الردّ الحازم للشرطة".

وتم توقيف أكثر من 1400 شخص مساء أمس، الثلاثاء، وحوالى 10 آلاف شخص منذ 23 يناير/كانون الثاني وبدء التظاهرات التي نظمت عقب سجن نافالني، المعارض الرئيسي للرئيس فلاديمير بوتين.

واتُهمت الشرطة المنتشرة بأعداد كبيرة بزيادة عمليات التوقيف الوحشية غير المبررة، كما يتضح من صور تظهر أشخاصاً يتعرضون للضرب على الأرض من قبل العديد من أفراد الشرطة، وصحافيين يضربون عمداً بالهراوات.

وأمس، الثلاثاء، أمرت محكمة بسجن نافالني لمدة عامين وثمانية أشهر، في قضية أثارت احتجاجات وانتقادات دولية.

ولاقى هذا الحكم استياءً واسعاً في ألمانيا، البلد الذي استقبل نافالني وأنقذه من الموت بعد تعرضه خلال شهر أغسطس/آب الماضي في سيبيريا لعملية تسميم اتهم بها أجهزة المخابرات الروسية، ونُقل حينها على وجه السرعة إلى برلين للعلاج، قبل أن يغادر أراضيها يوم 17 يناير/كانون الثاني الماضي مجدداً إلى روسيا للانضمام إلى أنصاره لمواجهة الحكم هناك.

وأعلنت الحكومة الألمانية، اليوم الأربعاء، أن فرض عقوبات جديدة من قبل الاتحاد الأوروبي على روسيا بعد سجن المعارض أليكسي نافالني "غير مستبعد".

أمرت محكمة أمس بسجن نافالني لمدة عامين وثمانية أشهر، في قضية أثارت احتجاجات وانتقادات دولية

وقال الناطق باسم الحكومة ستيفن شيبرت، خلال مؤتمر صحافي: "بعد هذا الحكم، ستكون هناك محادثات في إطار شركاء من الاتحاد الأوروبي، وفرض عقوبات جديدة غير مستبعد"، لكنه أوضح أن أعمال خط أنبوب الغاز المثير للجدل "نوردستريم 2" ستتواصل.

التنديد الألماني الرسمي بالحكم على نافالني، أبرزه المتحدث باسم المستشارة أنجيلا ميركل بالدعوة للإفراج الفوري عن نافالني، وضرورة وقف العنف ضد المتظاهرين السلميين، فيما انتقد وزير الخارجية هايكو ماس بشدة سلوك القضاء الروسي، ووصف الحكم على "تويتر" بأنه ضربة قاصمة لحقوق الحرية المكفولة بالقانون في روسيا.

بدورها، أشارت "شبيغل أون لاين" إلى أن الحكم يبدو كمزحة سيئة، وذلك لأن السياسي الذي يزعم تسميمه من قبل المخابرات الروسية يجب زجه في السجن بسبب حكم رفضته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان منذ سنوات باعتباره تعسفياً.

وفي هذا الصدد أيضاً، أبرزت شبكة "ان تي في" الإخبارية أنه يجب على الحكومة الألمانية أن تضمن أخيراً وقف مشروع أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" من روسيا إلى ألمانيا عبر البلطيق، والأمر لا يتعلق بقطع العلاقات مع روسيا، إنما لتنبيه بوتين إلى أنه تمادى في أفعاله. علاوة على ذلك، فإنّه لم يعد من الممكن أن تكون سياسة ألمانيا غير حاسمة ومتناقضة مع روسيا، مبرزة أنه لا يمكن الفصل بين السياسة والاقتصاد مع روسيا، وطالما أن بوتين في السلطة، فإن التغيير من خلال التقارب هو كذبة. ولفتت إلى أن روسيا بوتين أصبحت أكثر تسلطاً على المستوى الداخلي، وأكثر عدوانية في الشؤون الخارجية، والأمثلة كثيرة، بينها دق إسفين بين دول الاتحاد الأوروبي، ودعم الانفصاليين في شرق أوكرانيا والنظام في بيلاروسيا، ومهاجمة قراصنة روس لشبكة البوندستاغ، والاغتيالات المتكررة لمعارضي الكرملين. وعليه، يجب استخلاص العواقب بوقف "نورد ستريم 2" الذي سيساعد في التمويل لكلّ هذا الأنواع من الارتكابات، وتجميد العمل بالمشروع هو القرار الصحيح، قائلة: "الوقت قد حان لإنهاء هذه الانتهازية".

وبيّن الكاتب ماركوس سامبالي مع شبكة "إيه أر دي"، أن القيادة في روسيا تحاول بكل الوسائل قمع المزاج الاحتجاجي المتصاعد، وأن الحكم على نافالني له سمات نظام يخشى فقدان السيطرة، ويكشف عن ضعف قد يؤدي إلى مزيد من القمع من أدوات نظام استبدادي، وأصبح القضاء للقضاء على المعارض نافالني، وهو الوحيد القادر على جمع من خابت آمالهم في البلاد، ومن ينقل الغضب إلى الشارع لأنه وضع إصبعه على جروح مفتوحة، ويستنكر الفساد والإثراء في أعلى الدوائر، والتعسف في المحاكم والسلطة ضمن سياسة كم الأفواه، ونافالني يهز الركائز المركزية التي قام عليها نظام بوتين لأكثر من 20 عاماً، وحتى ولو كان خلف القضبان لا يمكن حبس استياء العديد من الناس.

وفي هذا الإطار، بيّنت "دي تسايت" أن نافالني وأنصاره أعلنوا المواجهة مع حزب "روسيا الموحدة" في الكرملين والبلاد على أبواب انتخابات مجلس الدوما خلال شهر سبتمبر/أيلول المقبل، وفي الواقع أنهم سيكونون مصدر إزعاج للسلطة، مشيرة إلى أن استطلاعات الرأي تعطي الحزب المذكور 43 في المئة، أي بأقل من 10 نقاط عما كان عليه في الانتخابات السابقة عام 2016. والآن، وبعد الحكم على نافالني، من غير المرجح أن تعمل شبكته كما كانت من قبل، وبالأخص مع صعوبة تواصل نافالني بسهولة مع العالم الخارجي، وبعدما وضع العديد من معاونيه ومؤيديه في الإقامة الجبرية أو مواجهتهم إجراءات جنائية جديدة. هذا في وقت كان الرئيس بوتين، وقبل فترة، قد عدّل الدستور لصالحه، وتم إقصاء شخصيات غير مرحب بها مثل سيرغي فورغال، فضلاً عن تضييق بحق التظاهر وتخفيف المعايير الدنيا للانتخابات.

ولفتت إلى أن الحكم قد يكون تكريماً بسيطاً لنافالني، وفي الواقع ليس من المؤكد أن الأخير سيصبح نيلسون مانديلا روسيا، إنما مدة السجن تثبت صدق المعارض الروسي، وتجعل الكثيرين أكثر تعاطفاً معه، على الرغم من سهولة الدعاية ضده والتي تتهمه بصلات بأجهزة المخابرات الأجنبية، وأنه بذهابه طواعية إلى روسيا، تبدو هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة أكثر من أي وقت مضى.