تفريق تظاهرات أنصار نافالني في روسيا: استنساخ للنموذج البيلاروسي؟

تفريق تظاهرات أنصار نافالني في أنحاء روسيا: استنساخ للنموذج البيلاروسي؟

01 فبراير 2021
طاولت الاعتقالات أكثر من 5400 شخص في عموم أنحاء البلاد (Getty)
+ الخط -

أعلن مكتب المدعي العام الروسي، اليوم الإثنين، أنه يؤيد طلباً من هيئة السجون بتحويل حكم بالسجن مع وقف التنفيذ صدر بحق المعارض الروسي أليكسي نافالني إلى حكم نافذ بالسجن.

ونافالني محتجز لمدة 30 يوماً انتظاراً لمحاكمته في اتهامات بمخالفة شروط إطلاق سراح مشروط وبالاختلاس، في قضية يقول هو إنها ملفقة لكنها قد تقود إلى سجنه لثلاثة أعوام ونصف.

وشهدت عشرات المدن الروسية، أمس الأحد، للمرة الثانية على التوالي، تظاهرات عطلة نهاية الأسبوع لأنصار نافالني، للمطالبة بالإفراج عنه. إلا أن هذه التظاهرات "غير المصرح بها" تخللتها حملة تفريق واعتقالات واسعة شنتها قوات الأمن الروسية، وطاولت أكثر من 5400 شخص في عموم أنحاء البلاد، بمن فيهم نحو 1800 معتقل في العاصمة الروسية موسكو، مما دفع الصحافة المستقلة الروسية إلى التساؤل ما إذا كان الكرملين يسير على خطى الرئيس البيلاروسي، ألكسندر لوكاشينكو، من جهة تزايد القمع السياسي.

وفي هذا السياق، اعتبرت صحيفة "ريبابليك" الإلكترونية، اليوم الإثنين، أنّ "تفريق احتجاجات 31 يناير/كانون الثاني والاستعدادات لها تتيح الإقرار بأنّ الكرملين اقترب من "السيناريو البيلاروسي" الذي قد يسفر عن انقسام في المجتمع، وزيادة راديكالية المواجهة، والسلطة القائمة على القوة، وتزايد العزلة الخارجية للبلاد".

وفي مقال بعنوان "مرحباً لوكاشينكو. كيف وصل القمع في روسيا إلى مستوى بيلاروسيا؟"، لفتت الصحيفة إلى أنّ منظومة السلطة الروسية تمضي قدماً باتجاه الديكتاتورية، مرجحة تزايد القمع وتصنيف الاحتجاجات كـ"أعمال إجرامية تمولها الأجهزة الاستخباراتية الأجنبية" بعد أن أصبح النظام "يرى نفسه في حالة حرب".

وحذرت "ريبابليك" من أن "الشباب الاحتجاجي سيحصل على خبرة الاعتقالات والضرب والسجون وسيزداد راديكالية، بينما ستحصل أجهزة القوة على ميزانيات وصلاحيات جديدة لمكافحة الشباب الراديكالي".

وبدورها، تناولت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" دلالات تحول نشاط المعارضة الروسية من الإنترنت إلى الشوارع، متسائلة ما إذا كانت المعارضة "غير النظامية" ستتحول إلى قوة سياسية حقيقية.

وفي مقال بعنوان "الواقع الجديد: المعارضة الافتراضية تنتقل إلى الشوارع"، توقعت الصحيفة أنه في حال حافظ أنصار نافالني على نفس سخونة الاحتجاجات، وأصرت السلطة على منع مشاركتهم في الحياة السياسية، فإن الوضع بالنسبة إليها سيزداد صعوبة بحلول الانتخابات، حيث إن المعارضة "غير النظامية" قد تتحول إلى قوة سياسية حقيقية استجابة للجماهير الغاضبة.

وقال نائب مدير مركز الدراسات السياسية أليكسي ماكاركين، لـ"نيزافيسيمايا غازيتا": "حقق أنصار نافالني هدفهم، وهو صدى مجتمعي كبير لفعالياتهم. لم يأمل المحتجون أصلاً في الإفراج عن نافالني، ولكنه كلما ازداد عدد الاعتقالات، ازداد استياء المجتمع أيضاً. تفاعل الناس من غير المشاركين في الاحتجاجات في حيرة وغضب مع أعمال الشرطة والسلطة. لم يخرج إلى الاحتجاجات ذلك العدد الكبير من الناس الذي يستدعي استخدام وسائل خاصة ضدهم".

وحذر ماكاركين من أن تؤدي تصرفات السلطة إلى نتائج عكسية وتزايد الأمزجة السلبية مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في سبتمبر/ أيلول المقبل.

ومن مؤشرات تخوف السلطة الروسية من توسع رقعة احتجاجات أنصار نافالني، أمس الأحد، قطع عناصر الشرطة و"الحرس الروسي" الطريق إلى وسط موسكو أمام المتظاهرين وإغلاق عدد من محطات مترو الأنفاق وسط العاصمة، وإغلاق عدد من المقاهي والمطاعم، ومنع بيع المشروبات الكحولية المعبأة بالزجاجات تجنباً لاستخدامها في أي اشتباكات قد تحدث.

إلى ذلك، دعت فرنسا، اليوم الإثنين، ألمانيا، إلى التخلي عن مشروع أنبوب غاز "نورد ستريم 2" مع روسيا رداً على اعتقال نافالني، وقمع السلطة لتظاهرات داعمة له. وقال وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية كليمان بون، عبر إذاعة "فرانس إنتر"، "لطالما قلنا إن لدينا أكبر الشكوك حول هذا المشروع في هذا السياق". ورداً على سؤال حول ما إذا كانت فرنسا تؤيد التخلي عن المشروع، أجاب "سبق أن قلنا ذلك، نعم".

وقال الوزير الفرنسي: "سبق أن فرضت عقوبات، يمكن فرض عقوبات أخرى لكن ينبغي أن نكون واضحين، ذلك لا يكفي". وأضاف "أعتقد أن خيار (فرض عقوبات مرتبطة) بنورد ستريم، خيار مطروح"، لكن "هذا القرار اليوم بيد ألمانيا، لأن هذا أنبوب غاز يصل إلى ألمانيا".

وتنظر الولايات المتحدة ودول أوروبية عدة مثل بولندا سلباً أصلاً إلى هذا المشروع الجديد الذي يضاف إلى خط أنابيب "نورد ستريم 1" الموجود قيد الخدمة بالفعل، معتبرةً أنه سيزيد من اعتماد ألمانيا والاتحاد الأوروبي على الغاز الروسي وبالتالي موسكو.

ويعتزم الأوروبيون فرض عقوبات جديدة على موسكو إذا ما واصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قمع المعارضة.

ومن جهتها، أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التزامها بهذا المشروع في يناير/كانون الثاني. ومطلع ديسمبر/ كانون الأول، استؤنفت الأعمال على هذا المشروع الذي يكلف 9 مليارت يورو ويمتد على مسافة 1200 كيلومتر تحت الماء في المياه الألمانية، بعدما عُلقت لعام بسبب عقوبات أميركية.

وكانت كندا قد حضت، الأحد، على إطلاق سراح متظاهرين روس اعتقلوا بشكل جماعي خلال مشاركتهم في تظاهرات احتجاجا على سجن نافالني.

وكتب وزير الخارجية الكندي مارك غارنو على "تويتر": "تشعر كندا بقلق عميق إزاء الاعتقالات الجماعية واستخدام القوة ضد المتظاهرين والصحافيين في روسيا". وأضاف: "ندعو روسيا للإفراج عن المعتقلين واحترام التزاماتها الدولية وحماية حرية الإعلام".