في ذكرى تأسيسها التاسعة.. هل تمثل "الإدارة الذاتية" أهالي شرق سورية؟

في ذكرى تأسيسها التاسعة.. هل تمثل "الإدارة الذاتية" أهالي شرق سورية؟

22 يناير 2023
يرى نشطاء أن "الإدارة الذاتية" استخدمت لتحييد الكرد السوريين عن الثورة (فرانس برس)
+ الخط -

احتفت "الإدارة الذاتية"، السبت، بالذكرى التاسعة لتأسيسها في مدينة الحسكة، شمال شرقي سورية، بحضور ممثلين عن أحزاب "مجلس سورية الديمقراطية" (مسد)، ومؤسسات "الإدارة الذاتية" وممثلين عن العشائر والمنظمات المدنية والنسائية، وسط انتقادات من جانب ناشطين وقوى محلية لأداء هذه الإدارة خلال السنوات الماضية.

وقال الرئيس السابق لـ"حزب الاتحاد الديمقراطي" (PYD) صالح مسلم، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن الإدارة تأسست قبل 9 سنوات "كإرادة الشعوب التي أصرت على العيش المشترك وعلى أخوة الشعوب والدفاع عن نفسها، وسط مطلق الحرية لجميع المكونات والأديان والشعوب وحتى الجندرة بين الرجل والمرأة بشكل ديمقراطي"، معتبرا أن الإدارة "أصبحت هدفا لجميع أعداء الحرية وأعداء الشعوب والذين اعتادوا على نهب الشعوب وخيرات هذه البلاد منذ مئات السنين".

ورأى مسلم أن الإدارة "بمثابة تعديل أو تصحيح للمجرى الذي كانت تسير فيه شعوب المنطقة لتصبح قادرة على فرض إرادتها وتصحيح الأخطاء، وقد دفعت ثمن ذلك عشرات آلاف الشهداء وأضعافهم من الجرحى".

وأضاف أن لدى الإدارة اليوم "قوات الحماية والفكر والنهج الذي يدعو إلى الديمقراطية لجميع المكونات ولجميع الشعوب والعيش المشترك.. ولا بد لإرادتها أن تنتصر في نهاية المطاف".

من جهتها، عزت سهام قريو، الرئيسة المشتركة للمجلس الرئاسي العام في "الإدارة الذاتية" من المكون السرياني، في حديث لـ"العربي الجديد"، سبب تشكيل "الإدارة الذاتية" إلى الفراغ الأمني والإداري في المنطقة، مشيرة إلى أنها كانت من أوائل المشاركين في تأسيسها ممثلة عن "المكون السرياني"، وذلك بعد دخول "داعش" إلى الحسكة.

ولفت محمد البراك، وهو نائب الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي في إقليم الجزيرة، في حديثه مع "العربي الجديد" إلى دور الإدارة في محاربة "الإرهاب" قائلاً: "منذ تأسيسها حاربت الإدارة الذاتية الإرهاب في الرقة ودير الزور، وقمنا بإنشاء إدارات ذاتية في تلك المناطق ومجالس مدنية أيضا، وطردنا الإرهاب بالتعاون مع التحالف الدولي الذي كان شريكا لنا، وما زال في محاربة داعش".

وأضاف البراك: "أنشأنا إدارة عامة، تجمع الإدارات الذاتية السبع، هي الإدارة العامة لشمال سورية، وأولينا اهتماما لقضايا التعليم والعسكرة والحفاظ على الأمن الداخلي ووحدة المكونات، وحين يستشهد ابن الشدادي في عفرين أو ابن كوباني في دير الزور، فهذا دليل على تآخي المكونات المختلفة، وهناك ممثليات للإدارة الذاتية في العواصم الكبرى، مثل استوكهولم وواشنطن، وتشهد مناطقنا وصول وفود أجنبية باستمرار، وهذا يدل على الأمان وعلى نجاح مشروعنا".

وتابع: "في الفترة المقبلة سيكون لدينا اكتفاء ذاتي وإدارة ذاتية كما هي مسماة، ندير أنفسنا بجهود جميع المكونات".

لا قواسم مشتركة بين "الإدارة الذاتية" والمعارضة

غير أن الصورة "الوردية" التي ترسمها قيادات في "الإدارة الذاتية" أو مقربة منها، تتعرض للعديد من المآخذ من سكان شمال شرق سورية، الذين ينتقدون أداءها خلال السنوات الماضية، كما أن هذه الإدارة لم تتمكن من إيجاد قواسم مشتركة مع المعارضة السورية التي تتهمها بالتبعية لتركيا.

وقال رمضان عريو، وهو كاتب وباحث سوري كردي، إن "الإدارة الذاتية" لم ترتقِ خلال السنوات الماضية إلى مستوى الحكومات المحلية المتعارف عليها عالميا.

وأضاف: "رغم الموارد المتاحة لها، والدعم الدولي الذي تتلقاه، لم تتمكن حتى الآن من الارتقاء بأساليب عملها، لا بوصفها حكومة رسمية ولا حتى محلية، فهي لا تمتلك جهازا اقتصاديا أو قضائيا محترفا، بل حتى في المجال العسكري، الذي هو عماد قوتها، ما زالت أجهزتها الأمنية والعسكرية تعاني من عدم الاحترافية، وكل ذلك تسبب في تراكم المشكلات في المناطق التي تسيطر عليها".

وتابع: "على الإدارة الذاتية والمجتمع الدولي الذي يدعمها، تكوين سلطات محلية تحظى بثقة السكان المحليين بمختلف مكوناتهم، وإلا فإن مناطق سيطرتها، ستشهد ميلا نحو الفوضى وخاصة في ظل انتشار البطالة والمخدرات، بالتزامن مع سوء إدارة الموارد الاقتصادية والبشرية".

ولفت عريو إلى أن الإدارة تقوم على حزب واحد وهو "حزب الاتحاد الديمقراطي" المتهم بالتحالف مع "حزب العمال الكردستاني" المصنف إرهابيا حتى من جانب الولايات المتحدة، وهو ما ينعكس سلبا على سكان المنطقة الذين اختار الكثير منهم الهجرة إلى الخارج هربا من تردي الأوضاع في المنطقة.

وفي هذا السياق، قال القيادي في المجلس الوطني الكردي، طاهر حصاف، لـ"العربي الجديد": "نحن كمجلس وطني كردي لا نرى أن الإدارة الذاتية تمثلنا، ولا تمثل الإقليم ولا الشعب الكردي". مضيفاً: "من حق الأهالي أن يعبروا كما يشاؤون عن ما قدمته الإدارة الذاتية، أما نحن كمجلس وطني كردي فالإدارة الذاتية لا تمثلنا وليس لنا بها أي صلة. حتى يتم تنفيذ الاتفاقيات في ما بيننا وبين حزب الاتحاد الديمقراطي ونصل إلى نتيجة".

تجربة فاشلة غريبة عن الجسد الوطني السوري

من جانبه، يرى الناشط الحقوقي الكردي رديف مصطفى، أن تجربة "الإدارة الذاتية" هي في جوهرها تجربة مشتركة ساهم فيها النظام السوري و"حزب العمال الكردستاني" عبر أدواته السورية.

وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد" أن هذه التجربة بنيت أساسا وفق منطق القوة والعنف والترهيب والتفرد بالقرار، واستخدمت لتحييد الكرد السوريين بشكل أساسي عن الثورة.

وتابع: "لم تنجز هذه التجربة أي شيء سياسي مهم أو اقتصادي أو ثقافي أو تعليمي أو خدمي، واستخدمت مؤخرا فقط لمحاربة داعش، وبالتالي بقيت تجربة فاشلة غريبة عن الجسد الوطني السوري"، موضحا أنه رغم تسميتها بالديمقراطية، فهي تشهد ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وانتهاكات ممنهجة للحقوق والحريات.

المساهمون