فرنسا: قانون لتجريم إهانة إسرائيل

فرنسا: قانون لتجريم إهانة إسرائيل

باريس

العربي الجديد

avata
العربي الجديد
توقيع
05 نوفمبر 2023
+ الخط -

يتحضر مجلس الشيوخ الفرنسي لدراسة مشروع قانون جديد، قدّمه 16 عضواً في المجلس، أغلبيتهم من اليمين التقليدي (حزب الجمهوريين)، يجرّم ويدين كل أشكال التعبير عن إنكار وجود إسرائيل، أو يهين بأي شكل إسرائيل ويثير الكراهية ضدها. وتقدّم بنص المشروع عضو مجلس الشيوخ ستيفان لو رودولييه، ومعه برونو بيلان، وماكس بريسون، وبيار جان روشيت، و12 عضواً آخرين في الشيوخ الفرنسي، حيث أصبح النص في لجنة القوانين الدستورية والتشريع والاقتراع العام والتنظيم والإدارة العام، على أن يحدد المجلس موعداً لقراءة أولى للمشروع الذي، بحسب المجلس، يعتبر تكميلياً للإطار الجنائي لمعاداة الصهيونية.

"فوبيا" معاداة السامية

وتستسلم فرنسا، كما يبدو، لشعار "محاربة معاداة السامية"، الذي أصبح هاجسها، وهي تُغرق نفسها في الجدلية مع العمل لمقاربة توازي معاداة السامية بمعاداة الصهيونية، وتستثني رأي نخبة واسعة فيها من السياسيين والمفكرين وحتى اليهود، مناقضاً، فيما يرى منتقدون لسياساتها في ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أنها أصبحت تضع نفسها أكثر كدولة قامعة للحريات، مع توالي التشريعات التي تجرّم معاداة السامية، لكنها تحمل نصوصاً قمعية، تطاول حق الرأي وقد تكرّس منعاً لانتقاد سياسات إسرائيل وحكوماتها.

يقترح مشروع القانون السجن ويغرّم بمبالغ كبيرة كل من "يهين" إسرائيل

ورغم نفيها ذلك، إلا أن "الفوبيا" التي تسيطر على صنّاع القرار في باريس من الإسلام الديني، في بلد يحتضن أكبر جالية مسلمة في أوروبا، بنحو 6 ملايين فرنسي مسلم، أصبح يغزل سياساته من منطلق الخشية أن يصبح أكثر بلد يتعرض فيه اليهود لما يسمونه "التمييز"، أو من أكثر البلدان الغربية المعادية للسامية، كما يقولون.

وقدمت الكتلة الجمهورية المقترح لمجلس الشيوخ، حيث تمّ تسجيله لدى رئاسة المجلس في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كما يظهر على موقع "الشيوخ" الفرنسي، أي بعد 3 أيام من عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها حركة "حماس" في مستوطنات غلاف غزة بفلسطين المحتلة، وردّت عليها إسرائيل بحرب وحشية على القطاع لا تزال مستمرة حتى اليوم، وخلّفت آلاف الشهداء والجرحى من مدنيي القطاع. وفي هذه الحرب، أخذت الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، مواقف داعمة بالكامل لإسرائيل، ولما أسمته "حق إسرائيل في الدفاع عن النفس".

وفي فرنسا، منعت الشرطة تظاهرات للخروج دعماً للفلسطينيين، لكن هذه التظاهرات التي صرّح لبعضها وخرج بعضها الآخر بالقوة، كانت حاشدة جداً، وسعت لتسليط الضوء على ما تمارسه إسرائيل من إبادة جماعية في القطاع، كما على وضع عملية "حماس" في سياقه التاريخي، مع عقود من الإهمال للقضية الفلسطينية، وتمادي اليمين المتطرف الإسرائيلي خلال السنوات الماضية من قمع الفلسطينيين وتوسيع الاستيطان والاستفزازات في المسجد الأقصى.

أرسل لو رودولييه رسالة إلى رئيسة الوزراء إليزابيث بورن، يطالبها فيها بحلّ حزب "فرنسا غير الخاضعة"

عقاب إهانة إسرائيل

لكن فرنسا الرسمية، يبدو أنها تماهت تماماً مع "المخاوف" الإسرائيلية، ورضخت لضغوط اللوبي الإسرائيلي، إذ أن المقترح الجديد يتخطى مصطلح معادة السامية، ويحكم بالسجن ويغرّم بمبالغ كبيرة من "يهين" إسرائيل. ويهدف نص القانون الجديد إلى المعاقبة بالسجن لعام واحد، ودفع غرامة مقدارها 45 ألف يورو، بحق كل من يشكّك في وجود دولة إسرائيل في إحدى الوسائل المنصوص عليها (الاعلام ووسائط التعبير وغيرها)، كما يعاقب بالسجن لمدة عامين، ودفع غرامة مقدارها 75 ألف يورو، بحسب النصّ، من "يوجه إهانة لدولة إسرائيل". ويقترح النص التشريعي المقدّم من كتلة الجمهوريين إدانة كل "يرتكب نفس الوسائل، إثارة الكراهية أو العنف بشكل مباشر ضد دولة إسرائيل، حيث سيعاقبون بالسجن 5 سنوات وغرامة قدرها 100 ألف يورو".

وطرح القانون الجديد كتلة من الأعضاء الجمهوريين والقريبين منهم، أبرزهم لو رودولييه، الذي كان قد خاض حملة تحريض ضد اللاعب الفرنسي لكرة القدم من أصول جزائرية كريم بنزيمة، ولاعب نادي "نيس" والمنتخب الجزائري يوسف عطال، بسبب موقفهما المؤيد لفلسطين والمندد بالمجازر الإسرائيلية. كما يعرف لو رودولييه بقيادته حملة تحريض في فرنسا ضد الشخصيات والأحزاب والهيئات السياسية الفرنسية التي عبرت عن مواقف مؤيدة للحق الفلسطيني، والمنددة بالجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال، بينها زعيم اليسار الراديكالي (حزب فرنسا غير الخاضعة) جان لوك ميلانشون، كما طالب السلطات بحلّ هذه الأحزاب.

وأرسل لو رودولييه رسالة إلى رئيسة الوزراء إليزابيث بورن، يطالبها فيها بحلّ حزب "فرنسا غير الخاضعة" كأحد الأحزاب التي "برّرت إرهاب حركة حماس". كما يطالب في ذات الإطار بحلّ "الحزب الجديد المناهض للرأسمالية" (أن بي آي) ومنظمة "الحرس الجديد المناهض للفاشية" وحركة "السكّان الأصليين للجمهوريين".

وبرّر لو رودولييه في نصّ المقدمة التفسيرية لتقديمه قانون "استكمال الإطار الجزائي الذي يعاقب معاداة الصهيونية"، بأن "انفجار معاداة السامية يتغذى من الكراهية لإسرائيل، وليس من الكراهية لليهود". كما برّره بأن "شرعية وجود دولة إسرائيل لا يزال غير متفق عليها، وتعاني من خلافات أصبح من الضروري الآن قمعها جنائياً، وعلى اعتبار أن الاعتراض على وجود إسرائيل أمر يستحق الشجب مثله مثل معاداة السامية"، وكذا "بروز سلسلة التصريحات التي أدلت بها العديد من للشخصيات والقوى السياسية الحاضرة في الأيام الأخيرة بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني".

وكان مجلس الشيوخ الفرنسي قد وافق في 5 أكتوبر الماضي، أي قبل يومين فقط من عملية "طوفان الأقصى"، على اقتراح قانون قدّمه اليمين، ودعمه فريق الرئيس إيمانويل ماكرون وحكومته، يستعيد تعريف "معاداة السامية" الذي تبناه "التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكست" (تأسس عام 1988)، والذي كانت منظمات دولية وحقوقية حول العالم حذّرت منه ونبهت إلى أنه يمكن أن "يشجع أو يصادق عن غير قصد على السياسات والقوانين التي تقوّض انتقاد سياسات الحكومة الإسرائيلية".

وجاء ذلك لأن التعريف يقول إن "أي معاملة غير عادلة لدولة إسرائيل، ومطالبتها بسلوك لا تطالب فيه أي دولة ديمقراطية، هو أمر غير مقبول". ويذكر أن الجمعية الوطنية (البرلمان الفرنسي) كانت صوّتت في عام 2019، على قانون مشابه، قدّمه حزب "النهضة" (حزب ماكرون). لكن القانونين السابقين، لم يكونا يحملان صفة الإلزامية، أو العقاب الجنائي، وأكد المصوتون للقانونين أنهما لا يتعارضان مع حقّ انتقاد سياسة الحكومات الإسرائيلية.

سوشيال ميديا
التحديثات الحية

ذات صلة

الصورة
الصحافي بيتر ماس (Getty)

منوعات

كتب الصحافي المخضرم بيتر ماس، في "واشنطن بوست"، عن "شعوره كمراسل جرائم حرب وابن عائلة مولت دولة ترتكب جرائم حرب"، في إشارة إلى الإبادة الجماعية في غزة.
الصورة

سياسة

كشفت وكالة بلومبيرغ الأميركية أن المعلومات الاستخبارية التي حصلت عليها الولايات المتحدة تفيد بأن الرد الإيراني المرتقب أصبح وشيكاً جداً.
الصورة
فلسطينيون وسط دمار خانيونس - 7 إبريل 2024 (إسماعيل أبو ديه/ أسوشييتد برس)

مجتمع

توجّه فلسطينيون كثر إلى مدينة خانيونس في جنوب قطاع غزة لانتشال ما يمكن انتشاله من بين الأنقاض، وسط الدمار الهائل الذي خلّفته قوات الاحتلال الإسرائيلي.
الصورة

سياسة

قرّرت شعبة الأمن في وزارة الخارجية الإسرائيلية أن تغلق مؤقتاً 28 سفارة إسرائيلية حول العالم، تحسباً لإقدام إيران على الانتقام لغارة دمشق.