عودة برلمانية ساخنة في تونس: قوانين مستعجلة وخلافات مؤجلة

عودة برلمانية ساخنة في تونس: قوانين مستعجلة وخلافات مؤجلة

02 أكتوبر 2020
أولى الجلسات ستخصص لمساءلة الحكومة بشأن مستجدات وباء كورونا (فرانس برس)
+ الخط -

يستأنف البرلمان التونسي أشغاله اليوم الجمعة، بعد عطلة برلمانية لشهرين، ليخصص أولى جلساته العامة للحوار مع الحكومة حول مستجدات وباء كورونا، فيما تنتظره معارك مؤجلة من الدورة السابقة وقوانين مستعجلة وهيئات دستورية معطلة.

واختار البرلمان التونسي أن تكون انطلاقة أعماله قوية بعد عطلة طويلة، ليخصص كامل يوم الجمعة للحوار مع 6 وزراء في حكومة هشام المشيشي حول الوضع الصحي والاجتماعي والتربوي في البلاد، والإجراءات المتخذة للحد من مخاطر انتشار فيروس كورونا، بحسب بلاغ صادر عن البرلمان. 

كما ارتأى رئيس الحكومة هشام المشيشي الاجتماع بالكتل الداعمة لحكومته بالبرلمان عشية العودة البرلمانية، حيث جمعه لقاء بممثلين عن حزبي النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة. 

وأكد المشيشي، حسب بلاغ صادر عن رئاسة الحكومة: "أهمية هذا الاجتماع والاجتماعات القادمة مع مختلف مكونات المشهد السياسي في تونس، لتوفير مناخ سياسي مناسب لحشد الجهود والتعبئة للانطلاق في الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي ينتظرها المواطنون، والمضي في تحقيق الاستحقاقات العاجلة، وبخاصة منها ذات الطابع الاجتماعي والاقتصادي والتنموي بالجهات".

يناقش البرلمان في أسبوعه الأول مشروع قانون أساسي يتعلق بتنقيح وإتمام قانون المحكمة الدستورية، وقانون إصدار مجلة مؤسسات الاستثمار الجماعي، وقانون زجر الإعتداء على القوات المسلحة

وأفاد رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي، في تصريح إعلامي، بأن" هذا اللقاء الذي جمع الأطراف الداعمة للحكومة، خصص للاستماع لوجهة نظر رئيس الحكومة بخصوص برامج حكومته المستقبلية والقوانين التي يتوجب الإسراع بتمريرها، كما تطرق إلى الأزمة الصحية التي تعيشها بلادنا على غرار بقية دول العالم ودعم استراتيجية الحكومة في التصدي لجائحة كورونا".

وينتظر البرلمان التونسي مناقشة مشاريع قوانين مستعجلة والحسم في ملفات ساخنة، في مقدمتها قانون المحكمة الدستورية لخفض الأغلبية المطلوبة للتصويت وتجاوز عقبة انتخاب بقية أعضائها، كما يتوجب على البرلمان تجديد تركيبة هيئة الانتخابات، والتعجيل بانتخاب أعضاء هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد، وهيئة حقوق الإنسان وهيئة التنمية المستدامة وحماية حقوق الأجيال القادمة وهيئة الاتصال السمعي البصري، والتي بقيت معطلة بسبب الخلافات السياسية والصراعات الحزبية منذ المصادقة على الدستور في 2014.

ويناقش البرلمان في أسبوعه الأول، بحسب حديث مصدر برلماني لـ"العربي الجديد"، مشروع قانون أساسي يتعلق بتنقيح وإتمام قانون المحكمة الدستورية، وقانون إصدار مجلة مؤسسات الاستثمار الجماعي، وقانون زجر الاعتداء على القوات المسلحة.

ويضيف نفس المصدر أن من الملفات الثقيلة التي تنتظر البرلمان مع بداية الدورة الجديدة قانون المالية وموازنة الدولة للعام 2021، وقانون المالية التكميلي للعام الحالي التي يفرض الدستور على المشيشي تسليمها للبرلمان في غضون أسبوعين، في أجل أقصاه يوم 15 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، والبرلمان مطالب بالمصادقة عليه قبل 10 ديسمبر/ كانون الأول حتى لا يتم خرق الدستور، مرجحا أن يعكف البرلمانيون واللجان على هذه القوانين الثقيلة التي ستحدد الوضع الاجتماعي والاقتصادي المستقبلي.

ولفت المصدر نفسه إلى أن المكتب حدد يوم 16 أكتوبر/تشرين الأول القادم لتجديد جميع هياكله ومؤسساته والإعلان عنها، بداية بمكتب البرلمان وعضويته ومكاتب اللجان وندوة الرؤساء، مشيرا إلى أن حجم الكتل وعددها محدد في التوزيع الجديد بما يدفع الكتل إلى التشكل والتجمع خلال هذه الفترة الحاسمة، التي تخول لها الحصول على أكبر عدد من المقاعد والمناصب والمسؤوليات القيادية في المجلس.

وترافق الخلافات بداية الدورة الجديدة، فبالرغم من دعوة مكتب مجلس الشعب إلى هدنة سياسية ومصالحة برلمانية، فإن كتل البرلمان التونسي وأحزابه تواصل صراعاتها وتدافعها بعيدا عن الشعارات المعلنة.

ويعيش البرلمان خلال الأيام الماضية على وقع صراع داخل لجنة المالية بين المعارضة الجديدة المتمثلة في الكتلة الديمقراطية مع كتلة قلب تونس وائتلاف الكرامة، بسبب تسيير الجلسات ومناقشات قوانين مالية واقتصادية هامة.

يواصل برلمانيون من الكتلة الديمقراطية و"الإصلاح" و"الدستوري الحر" التلويح بتقديم عريضة جديدة لسحب الثقة من الغنوشي

وتحولت جلسات لجنة المالية إلى حلبة لتبادل التهم والشتائم بين النواب، وانسحب نواب المعارضة مطالبين رئيس اللجنة عياض اللومي بالاستقالة والتنحي عن هذا المنصب الذي يسنده الدستور وجوبا للمعارضة، وهو من حق الكتلة الديمقراطية، غير أن توزيع المناصب والمسؤوليات لم يحسم بعد، في انتظار بداية الدورة الجديدة وتقسيم المناوبات بين الكتل.

ولا تقف الصراعات عند الخلافات حول دعم الحكومة وتقسيم المناصب البرلمانية، بل تخفي بداية الدورة الجديدة صراعات مؤجلة من العام الماضي، فبالرغم من فشل المعارضة في سحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي؛ يواصل برلمانيون من الكتلة الديمقراطية و"الإصلاح" و"الدستوري الحر" التلويح بتقديم عريضة جديدة لسحب الثقة من الغنوشي مع بداية السنة البرلمانية.

واعتبر المحلل السياسي عبد المنعم المؤدب، في تعليقه لـ"العربي الجديد"، أن أولويات البرلمان لم تتغير عن الدورة السابقة؛ فالهيئات الدستورية والمحكمة الدستورية على حالها لم تتشكل، والوضع الاجتماعي والاقتصادي يزداد سوءا، بل أنضافت له متطلبات مجابهة وباء كورونا.

ورجح المتحدث أن تكون بداية السنة عسيرة بعد استراحة طويلة لمختلف الكتل التي استجمعت قواها خلال الصيف الماضي لخريف ساخن، مشيرا  إلى أن الاختلاف الوحيد هذه السنة هو اتضاح الائتلاف البرلماني الجديد وخروجه للعلن بين كتلة النهضة وائتلاف الكرامة وقلب تونس وعدد من المستقلين، غير أن نشاط هذا الائتلاف سيكون صعبا في واقع برلماني متشظ ومتجزأ. 

وبيّن المحلل أنه تنتظر الغنوشي اختبارات ومعارك جديدة لم تحسمها الدورة الماضية، برفع كلفة التحالف الحكومي عن الكتلة الديمقراطية ودخولها في معركة معارضة صريحة له، في وقت تعد فيه كتلة "الدستوري الحر" كل طاقتها لتقويض جميع قراراته واعتراض كل خطواته.

ويعيش البرلمان على وقع حراك متسارع سمته البارزة تنقل النواب بين الكتل، عشية ضبط حجمها النهائي مطلع الدورة الجديدة، في سياق توزيع المناصب والمواقع التي يحددها حجم الكتل وعدد أعضائها.

وشهدت كتلة قلب تونس انضمام 4 نواب غالبيتهم كانوا في كتلة المستقبل التي تسير نحو التفكك، وهم مبروك الخشناوي (مستقل)، ومحمد صالح اللطيفي (مستقل)، ومحمد الزعبي (مستقل)، وجمالي بوضوافي (مستقيل من الاتحاد الشعبي الجمهوري)، وسيرتفع بذلك عدد أعضاء قلب تونس إلى 30 نائبا.

كما عرفت كتلة تحيا تونس انضمام 3 نواب إلى صفوفها، وهم كل من الصحبي صمارة (المستقيل من ائتلاف الكرامة) ، وصهيب وذان (مستقل) وسامي عبد العالي (مستقل)، ليرتفع عدد أعضائها إلى 13 نائبا. كذلك التحقت النائبة ليليا بالليل (المستقيلة من قلب تونس) بكتلة الإصلاح ليرتفع عدد أعضائها إلى 17 نائبا.